محليات

مصير أموال “القرض الحسن” مجهول.. والقرار بيد “الحزب”

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تسعى “إسرائيل” في حربها على لبنان، الى إضعاف قدرات “حزب الله”، ليس البشريّة والعسكريّة والتنظيميّة وحسب، بل أيضاً زعزعة استقراره المالي عبر إلحاق الضرر بموارده المالية، وأبرزها مؤسسة “القرض الحسن” التي تعتبر بيت مال الحزب، واستهدفت إسرائيل عدّة فروع لها في الضاحيّة الجنوبيّة في الغارات الجويّة المستمرة، ما يطرح عدة تساؤلات حول مصير أموال المؤسسة ومدى قدرتها على متابعة نشاطاتها المصرفية.

الخبير في الشؤون المصرفية والباحث الاقتصادي محمد فحيلي أوضح في حديث لموقع “لبنان الكبير” أنه “لم يتم تأكيد الاستهدافات الاسرائيلية لفروع القرض الحسن، من الفروع التي لا تزال تعمل، وحاولت الاستيضاح حول الموضوع، والجواب الوحيد الذي حصلت عليه هو أنهم أوقفوا تسلم الدفعات على أي قروض والتسليف عموماً، بهدف تقييم خسائرهم بعد انتهاء الحرب، لأن القروض التي تسدد اليوم هي إيفاء لدين، وعند تسديد الدين بصورة كاملة يجب تسليم الذهب المرهون كضمانات، وهذا ما لا يملكون الاجابة عنه، أي أنهم لا يعرفون ما اذا تم تدمير هذه الضمانات جراء القصف، وهم بانتظار انتهاء الحرب للقيام بتقييم وليبنى على الشيء مقتضاه”.

في حين يلاحظ تكتّم واضح من جانب الحزب على خسائره المالية، وعدم إفصاحه عن علاقته بشخصيات وكوادر اغتالتها إسرائيل، تشرف على هذه المؤسسات ومدرجة على لائحة العقوبات الأميركية.

والقسم الأكبر من عملاء “القرض الحسن” هم من البيئة الحاضنة لـ “حزب الله”، لهذا السبب لم نشهد حتى اليوم أي بلبلة في ما يخص أموالهم التي وضعوها كضمانات مقابل القروض، وهو عامل أساسي نظراً الى اعتبار العملاء أنها أزمة مؤقتة، وكل ما يملكون لدى “القرض الحسن” سيسترجعونه وأنهم منتصرون في حربهم ضد إسرائيل، بحسب ما قال فحيلي.

“القرض الحسن”: تأسيس وتوسع

ظهرت مؤسسة “القرض الحسن” في ثمانينيات القرن الماضي، وتحديداً عام 1983 بعد الاجتياح الاسرائيلي، وهي عبارة عن مصرف تابع لـ “حزب الله” تودَع فيه الأموال أو يمنح قروضاً مقابل رهن قيمته من الذهب، أو تقدم اليه الأموال من بعض المستثمرين والممولين بغية استثمارها في “الأعمال الخيرية”. وبحسب صحيفة “لوريان لوجور”، قدمت المؤسسة قروضاً وصلت الى 5000 دولار بلا فوائد وبأقساط على 30 شهراً، وركبت صرافات آلية للسحب بسهولة. وبلغ حجم المعاملات الاجمالية فيها 4 مليارات دولار في الفترة ما بين 1983 و2021، وحجم القروض المموّلة منها 480 مليون دولار في العام نفسه.

وبعد أزمة 2019 المصرفية، ومنع سحب أموال المودعين من البنوك، شجع الحزب الناس على استخدام مؤسسته لتبادل أموالهم وايداعها، فاعتبروا هذه المؤسسة بديلاً لتخزينها ودفعوا لها رسوماً لإيداع ذهبهم. فأصبح لدى المؤسسة 31 فرعاً في المناطق الشيعية وتوجهت الى العمل في مناطق أخرى.

وشرح فحيلي أن “القرض الحسن مؤسسة غير حكومية تم إنشاؤها وفق القانون اللبناني بموجب علم وخبر من وزارة الداخلية، ليست مرخصة من مصرف لبنان، وقبل أن تطلب أي اذن إضافي لجهة ممارسة الخدمات المالية، تم تصنيفها مؤسسة إرهابية، ولم يعد مصرف لبنان يتعامل معها، لكن هذا لا يمنع تعاملها مع جهات أخرى، وكانت هنالك أدلة بعد أزمة البنك اللبناني الكندي وتصنيفه غير متعاون في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب من الخزينة الأميركية، وتم الحديث عن وضع بعض المصارف ايداعات لدى مؤسسة القرض الحسن. وكون هذه المؤسسة غير مرخصة كمصرف تجاري، لا تستطيع قانونياً استقبال ايداعات ولا التصرف كمؤسسة مصرفية، لهذا السبب فإن مصادر السيولة المتوافرة لديها لإعطاء قروض، تأتي من المساهمين، وتوظف هذه السيولة بقروض تعطى مقابل إما ضمانات نقدية أو ضمانات من الذهب وما شابه ذلك. والمؤسسة تعطي قروضاً صغيرة عموماً، لذا فمشكلة السيولة ليست عائقاً كبيراً بالنسبة اليها، لأن حزب الله أنشأها كرديف لمؤسسة مصرفية تقدم خدمات مصرفية إما للحزب أو لقاعدته الشعبية، وفي حال تعرضت المؤسسة التجارية النظامية للعقوبات، يمكن للحزب تجنبها والتعامل مع مؤسسته الخاصة، أي القرض الحسن”.

مصير الأموال 

الحرب الراهنة، والقصف المستمر على الضاحية الجنوبية والحديث عن قصف فروع “القرض الحسن” فيها، جميعها تدفع الى السؤال عن مصير هذه المؤسسة، التي اعتبر فحيلي أنها “لا تخضع لأي قواعد تنظيمية كالتي يفرضها مصرف لبنان المركزي على المصارف التجارية، وأي قرار يتم اتخاذه بامتلاك احتياطي بالعملة الأجنبية يكون من مجلس إدارة المؤسسة وليس التزاماً بأي تعاميم يصدرها مصرف لبنان أو أطر تنظيمية لقانون النقد والتسليف. وكل ما يعتبر إيداعاً لديها، لا يتم التعاطي معه كوديعة بالمعنى التقليدي الذي نعرفه، لهذا السبب فهي ليست خاضعة لما يسمى بمؤسسة ضمان الودائع أو لأي خطة ممكن أن تصدر عن مصرف لبنان لإنقاذ القطاع المصرفي، فهي غير مشمولة فيها، لهذا السبب يجب أن تكون الضمانات خاصة بها تنفذها بمفردها، بمعزل عن الأطر التنظيمية لمصرف لبنان أو قانون النقد والتسليف. والمؤسسات غير الحكومية تخضع لقانون الموجبات والعقود، لكن كونها مؤسسة لا تتعاطى العمليات التجارية، المفترض أن تكون طبيعة عملها، فلا يجب أن تخضع لقانون التجارة في لبنان. إن تصنيف هذه المؤسسة كإرهابية وخضوعها للعقوبات الأميركية، يمنع ممارستها لأي نوع من أنواع التجارة أو الخدمات المصرفية، وبالتالي فإن وجودها اليوم غير قانوني”.

وحول القدرة على تمويل “القرض الحسن” وإمكان عودة أعمال فروعه المصرفية، أرجع فحيلي القرار الى “حزب الله”، الذي “اذا وجد أسباباً لإبقاء القرض الحسن على قيد الحياة، فسيعيد تمويله وتقديم الخدمات، لكن هذا يرجع الى حجم الخسارة جراء القصف، ولا معطيات أبداً حول هذا الموضوع، وحتى المعلومات التي حاولت قدر المستطاع الحصول عليها، وصلت الى باب مسدود، وأعتقد أن هذا هو حجمها”، مشدداً على وجوب الأخذ في الاعتبار أن “القرض الحسن” في بيئة “حزب الله”، له أثر اقتصادي كبير، لكن خارج هذه البيئة لا أثر له، لأن حجمه كمؤسسة أصغر بكثير من الاقتصاد اللبناني أو القطاع المصرفي اللبناني، لهذا الجميع يترقب، وإعادة احياء القرض الحسن وتمويله هو قرار حزبي بامتياز”.


جوان العك - لبنان الكبير

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا