الصحافة

بعد الحرب... لبنان دولة "ما وراء بحار" كحلّ وحيد يُنهي أزمنة الدمار المستمرّ؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

هي حرب مدمّرة يمرّ بها لبنان حالياً. حرب فضحت كل الأطراف المحلية الحاكمة والمؤثّرة في الحياة السياسية المحلية، وكل الأحزاب اللبنانية على اختلاف أشكالها وألوانها.

 

ما وراء البحار...

فكل الأحزاب المحلية لا تهتمّ إلا بمصالحها في الواقع. وهو ما يظهر بإصرار بعضها على الحرب، وبتغافُل بعضها الآخر عن الملفات والحاجات المعيشية الكثيرة في أوان المطالبة بوقف الحرب. وهذا ما يجعل مجرّد التفكير بتسويات لمرحلة ما بعد الحرب، تُعيد التركيبة السياسية نفسها لحكم البلد، مسألة لا يمكن تصوّرها. وأمام هذا الواقع، أما حان الوقت للبحث، في جعل لبنان مستقبلاً دولة "ما وراء البحار"، دولة تابعة لأخرى كبرى مُحتَرَمة في الخارج، وولاية من ولاياتها مثلاً، خلف البحار؟

فمن حيث الخبرة الملموسة، يتبيّن لنا أن لبنان الذي لطالما حلمنا بأن يكون دولة، لا يصلح إلا أن يكون إقليماً ربما لدولة كبرى محترمة، لا تطمع به وبثرواته، وتسمح له بحكم ذاتي مُنتِج وفعّال من ضمن صلة دستورية معيّنة له معها، وذلك بموازاة ترك مسؤوليات الملفات الدفاعية والسياسة الخارجية بيد دولة الوصاية تلك.

 

عمار ودمار

هذا مؤسف طبعاً. ولكنّه قد يكون الطريق الوحيد للخروج من أزمنة الدوائر اللبنانية المُغلَقَة بفترات العمار قبل الدمار بين 20 عاماً وأخرى تقريباً، و(الطريق الوحيد) لترك البلد يتنفّس، ولتمكين المواهب المختلفة فيه من إيجاد فرصتها بالداخل، بدلاً من أن تكون مشاريع تصدير مستمرة الى الخارج.

 

نظام جديد

أشار العضو المؤسّس في تجمُّع "إتّحاديون" جورج جبور الى أن "لبنان يعاني بالفعل من الحروب بين عدد معيّن من السنوات وآخر، وبعد مراحل من الهدوء. واليوم، قد يوجّه بعض الأطراف أصابع الاتهام الى "حزب الله" بالتدمير الحاصل، وذلك رغم أن أكثر من يُصيبهم التدمير حالياً هم الشيعة من حيث المبدأ. ولكن إذا عدنا بالذاكرة الى الماضي، فسنجد أن المسيحيين ليسوا بأفضل حال، إذ إن كل ما عمّروه دُمّر على يد الأحزاب المسيحية، خصوصاً بين عامَي 1989 و1990، وهي الأحزاب التي لا تزال مسؤولة عنهم الى اليوم".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "المشكلة اللبنانية كامنة في النظام. والدليل الأكبر على ذلك، هو أنه مهما كانت الأحزاب المحلية مُختلِفَة ومُتخاصِمَة مع بعضها البعض، إلا أنها تبقى متّفقة على بقاء النظام نفسه، لكونها تعيش عليه ومنه. وبالتالي، المشكلة ليست بمنظومة حاكمة، بل بالنظام الذي يحتاج الى تغيير. ومن يريد أن يغيّر المنظومة أو الزعماء أو الحكم، لن ينجح إلا إذا غيّر النظام. فأكثر ما يحتاجه لبنان هو نظام آخر يسمح لكل مجموعة ولكلّ مكوّن محلّي بأن ينتخب ويحاسب مجموعته. فالخلط الحاصل بشكله الحالي لا يسمح بمحاسبة أحد".

اتّحادي...

وعلّق جبور على فكرة أن يُصبح لبنان دولة ما وراء البحار لأخرى مُحتَرَمة في الخارج، فقال:"المكونات اللبنانية ستختلف على الدولة تلك، وكل فريق سيطالب بدولة مختلفة عن الآخر. كما أن لا ضمانات على أن هناك دولة في الخارج تقبل بهذا الدور في لبنان أصلاً، خصوصاً أن لدينا خبرات سابقة في الماضي على دخول قوات أجنبية وعربية متعدّدة الجنسيات الى الأراضي اللبنانية، خلال محطات عديدة، فتعرّض بعضها لهجمات وانسحب، فيما لم تنجح أخرى بإحداث أي تغيير".

وأضاف:"الحلّ الوحيد المضمون لدينا، هو التوجّه لاعتماد نظام اتّحادي. فهكذا نظام سيوفّر حلّاً مستداماً بين اللبنانيين داخل البلد، لكونه يحترم خصوصية كل مكوّن من المكونات، ويراعي وضع لبنان من حيث أن شعبه مقسَّم الى مكوّنات طائفية مختلفة. ولضمان ديمومة عدم تدخّل الخارج بنا مستقبلاً، وعدم تحريضه على المشاكل الداخلية في المستقبل أيضاً، نحتاج الى أن تضمن دول الخارج التركيبة الجديدة التي سينتجها النظام الاتحادي".

الرئيس والحلّ؟

وسأل جبور:"هل كان يجب اندلاع حرب وانتظار هدنتها لانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان؟ ولماذا لم ينجح أحد في ذلك قبل الحرب؟ وهل ان انتخاب الرئيس فقط سيحلّ كل المشاكل اليوم؟ ففي عام 1976، انتُخِبَ الرئيس الراحل الياس سركيس على أساس أن الحرب انتهت، فاشتدّت أكثر. انتُخِب الرئيس أمين الجميل في عام 1982 على أساس الإنقاذ، فانهارت الدولة، وتفكّك الجيش، وانقسمت المناطق، واشتدّت الحروب. استلم الجنرال ميشال عون السلطة في 1988 على أساس أن الجيش هو الحلّ، فشكّل استلامه السلطة أساساً لدمار المناطق المسيحية والدولة. انتقلنا الى الطائف، وانتُخب الرئيس الراحل الياس الهرواي كرئيس لتطبيق هذا الاتفاق، ومن بعده الرئيس إميل لحود بأكبر تأييد، فانتهت تلك الحقبات بالقرار الدولي 1559 في عام 2004، وباغتيال الرئيس رفيق الحريري في عام 2005، وبحرب تموز في عام 2006، وبفراغ رئاسي سبق 7 أيار 2008 الذي شكّل شبه حرب أهلية. ومن ثم انتُخِبَ الرئيس ميشال سليمان كرئيس لتطبيق اتّفاق الدوحة، فانهار البلد ومضى نحو فراغ رئاسي، انتهى بانتخاب الرئيس ميشال عون كرئيس قوي بتأييد أكثرية الكتل النيابية، فوصلنا الى أضعف نتيجة ممكنة في البلد على المستوى الاقتصادي، وفي كل شيء. وبقينا من دون رئيس من بعده الى أن وصلنا للحرب اليوم".

وختم:"ماذا يمكن للرئيس القادم، ولو كان "سوبرمان"، أن يفعل إذا انتُخب بالشروط نفسها التي نحن فيها منذ 50 عاماً؟ وماذا سيفعل غير تشكيل الحكومات بالشروط السابقة وغير الفعّالة نفسها، وهي الحكومات التي تُسمّى زيفاً وكذباً حكومات اتّحاد وطني؟ وبالتالي، الحلّ لا يكمن بأشخاص، بل بتغيير النظام. ولا بدّ من نظام اتّحادي يسمح لكل مكوّن لبناني بأن يقرّر عن نفسه. فعندها، سيرتاح البلد، وستزول الطائفية ومخاطرها، إذ سيُمنَح كل طرف الحقّ بأن يصحّح أوضاعه بنفسه، وستتوقّف محاولات كل مجموعة لتسخير الدولة لنفسها ولجماعتها حصراً".

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا