محليات

مشروع كبير لإنهاء تأثير برّي في المفاوضات

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

عندما غادرَ المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين بيروت الأثنين الفائت محمّلاً بنتائج مباحثاته مع رئيس مجلس النواب نبيه بري بوصفه المفاوض الرسمي اللبناني مقترحاً عليه ما يمكن تسميتها "آليات تطبيقية" أكثر صرامة وغير مجتزأة للقرار الأممي 1701 معرباً عن إلتزام "حزب الله"، وعدَ المسؤول الأميركي أنه سيعود بأجوبة على المقترح أو على الأقل إبلاغ بري أجوبة ونتائج. حتى هذه الساعة لم يرد أي جديد.

"الفرصة الأخيرة" التي عبّر عنها بري عشية استقباله هوكشتين وفي إطار وصفه للزيارة أضحت واقعاً ملموساً الآن مع تراجع الآمال المعقودة حول تمكن الوسيط الأميركي من إقناع الإسرائيليين الذهاب إلى وقف لإطلاق النار ضمن مدة معينة، سواء تلك التي اتفق عليها سابقاً بناءً على الورقة الفرنسية – الأميركية أو غيرها، بل إن الجواب الذي أتى إلى بيروت بُعيد رحيل هوكشتين، جاء وفق أدبيات عسكرية محض. إذ تعمد العدو توسيع نطاق استهدافاته سواء في الضاحية الجنوبية لبيروت أو النبطية أو صور جنوب لبنان، متعمداً استهداف مراكز ذات ثقل إقتصادي، في رسالة واضحة إلى بري من جهة، ولإبداء إسرائيل نوايا التصعيد وإرساء مزيد من الضغوطات على رئيس المجلس لدفعه صوب التراجع أو تقديم تنازلات من جهة أخرى.


ما بات مفهوماً في عين التينة، أو يكاد، أن العدو تولى الإجابة بنفسه ومن دون وسيط على المقترحات التي حمّلها بري لهوكشتين، لا بل إن الرئاسة الثانية باتت في ضوء التطورات الراهنة، بصورة إستمرار العدوان، لا بل إن تل أبيب ذاهب نحو تصعيد أكبر بما في ذلك احتمال العودة إلى نمط الإغتيالات.

في هذا الوقت يعيش العدو الإسرائيلي كابوس القتال براً. المعلومات الواردة من الخطوط الأمامية تشير إلى خسائر ثقيلة تشمل مدرعات وجنود العدو، فضلاً عن معاناته من صعوبات على صعيد التوسّع إلى ما بعد خط القرى الأمامية نحو الليطاني. ويواجه الجيش الإسرائيلي صعوبات في عبور مثلث رب ثلاثين – العدسية – الطيبة وأيضاً مركبا – بني حيان حيث يهدف للوصول إلى وادي الحجير. الكاتب في "معاريف" إسحاق بريك كتب متوجهاً إلى الطبقة السياسية في إسرائيل متحدثاً عن "محافظة حزب الله على قوته"، وإن "هزيمته بعيدة المنال" مشيراً إلى "استعادة حزب الله لقوته"، وهو ما يتقاطع حرفياً مع ما يُعلنه الحزب بشكل دائم ومستمر وأيضاً مع الوقائع الميدانية. الشيء المهم الذي ذكره بريك، يتعلق بحالة الإنهيار الإقتصادي التي تعيشها إسرائيل، محذراً من أن "استمرار الوضع على هذا النحو قد يوصل بإسرائيل إلى الإفلاس قريباً أو إلى وضع يشبه الإفلاس الكامل". من هنا، تصبح استراتيجية الحزب المتبعة حالياً أكثر قرباً إلى الفهم. إذ يعمل الحزب على ضرب واستنزاف القوات الإسرائيلية الغازية والعمل على إرباكها داخل القرى من جهة، والإستمرار في جعل شمال الأراضي المحتلة منطقة غير قابلة للسكن، وفي نفس الوقت الإستمرار في إخضاعها لمسار التفاوض في مرحلة أخرى. كما أن الحزب يقدم تصورات بشكلٍ دائم ومستمر حول استعداده للإستمرار في المعركة على هذه الوتيرة لفترة طويلة، ما يفيد كما هو واضح، رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، بشأن عدم التسرّع في المفاوضات وإطالة أمدها وعدم تقديم تنازلات عميقة. وفقاً لما يتضح، يبدو بري مستنداً على تقدير موقف مصدره الحزب، من أن الحزب قادر، في مرحلة لاحقة، على تحقيق ضربات "حيوية" من شأنها تعديل ميزان المفاوضات لمصلحة لبنان. لذلك فإن بري يؤكد ويجدّد التأكيد أنه غير مستعد للدخول في مفاوضات كاملة أو ترتيبات سياسية داخلية قبل وقف إطلاق النار.

الضغط من الداخل

الآن تتجه الأنظار إلى الداخل اللبناني بوصفة جبهة غير هادئة في مسار الحرب. خلال الأيام والأسابيع الماضية شهدنا على محاولة تأجيج للإشتباك السياسي الداخلي، تارة تحت بند تفعيل مسار الإنتخابات الرئاسية، حيث يريد فريق سياسي تمثله المعارضة الذهاب إلى انتخاب رئيس "تحت النار"، وتارة أخرى من خلال الضغط عبر استغلال ملف النازحين ومحاولة دفع الأمور إلى مواجهات داخلية، بحسب تقديرات لدى الأجهزة الأمنية، لا يُبتغى منها سوى الضغط على الإطار السياسي للثنائي الشيعي وتحديداً على الرئيس بري.

ما يعد لافتاً تزامن دعوات انتخاب الرئيس مع حدثين بارزين. الأول حديث بنيامين نتنياهو عن ما يسمّى "العمل على تحرير لبنان من الوصاية الإيرانية وسحق حزب الله"، وأيضاً حديث بعض الإعلام الإسرائيلي عن "خطة عمل إسرائيلية في لبنان". وبحسب "هآرتس" تشترط إسرائيل لإنهاء الحرب على لبنان –إلى جانب خطط القضاء على الحزب- تعيين رئيس جديد معتدل. أما الثاني فدعوة دول خارجية على رأسها الولايات المتحدة الأميركية لتحقيق هذا المطلب. ومع تدخل فصائل سياسية لبنانية معروفة على رأسها "القوات اللبنانية" وبعض الشخصيات في المعارضة يصبح الأمر واضحاً: إستغلال الحرب لانتخاب رئيس وتحقيق تغييرات مزمنة في الواقع السياسي.

بناءً عليه، سوف يتعرض الرئيس بري لحملات وموجة ضغوطات سياسية هائلة داخلية وخارجية. وسوف يتولى رئيس حزب "القوات" سمير جعجع وشخصيات معارضة أخرى هذا الدور، بوصف بري المسؤول عن فتح مجلس النواب أمام انتخاب الرئيس، وفي المضمون رغبة كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، إستبدال بري بشخصية رسمية أخرى (رئيس منتخب) يمكن السير معه بحل لا يأخذ بشروط الحزب. وقد سمع صحافيون أجانب زاروا بيروت أخيراً كلاماً من هذا القبيل. وقيل لهم من قبل شخصيات معارضة أن بقاء بري مفاوضاً مركزياً ورئيسياً داخل السلطة، يعرض لبنان لإطالة أمد الحرب ويعني استمرار الحزب بإدارة التفاوض، وبالتالي تعريض جهود المشروع الرامي لإنهاء وجوده أو الحد من قدراته أو "تحرير لبنان" من الوصاية الإيرانية إلى الفشل.

بالتالي، إن الفترة المقبلة سوف تشهد على ضغط سياسي كبير في لبنان لتحقيق هذه الغاية.

من خارج توجيه أي اتهام لأحد، يبدو أن هناك تقاطعاً ينجلي الغموض عنه تدريجياً، بين قوى سياسية داخلية لبنانية من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية من جهة ثانية. من هنا يمكن الفهم تحديداً، لماذا إسرائيل لا ترمي إلى توسيع المعركة مع لبنان لتشمل مناطق أخرى بعيدة نسبياً عن معاقل تواجد الحزب ولماذا تتجنب إسرائيل محاصرة لبنان بشكل كامل على غرار ما فعلته خلال تموز / آب 2006، ولماذا تحيّد مقدرات الدولة اللبنانية من الإستهداف.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا