استهدافات إسرائيلية "مكثفة"... وغارات تدمر حيّاً كاملاً في الشهابية!
العام الدراسي الرسمي... مصير أكثر من نصف طلاب ومعلّمي لبنان برسم الحرب!
في ذروة العدوان الصهيوني على لبنان، وبينما هناك آلاف الأسر اللبنانية تبحث عن مكان آمن، علها تنجو من هذا الإجرام المتمادي يوميا على مستوى الحجر والبشر، وتتخبّط في تبعات النزوح النفسية والمعيشية، هناك من قرّر تمرير العام الدراسي بأيّ طريقة كانت، ولنفترض أنّ هذا يعتبر وجها من أوجه مقاومة العدوان وعدم الاستسلام لأهدافه، ومنها القضاء على المسقبل التربوي لأبنائنا، يبقى السؤال: ما هي الخطة، وما هي المقومات، وكيف يمكن لمن لم يستقر نفسيا ومعيشيا وحتى مكانيا، ولم تتوافر له سبل العيش أن تتوافر له سبل التعليم، ويتعلم!
وأكثر من ذلك، وفي تجارب سابقة بأوضاع أقل صعوبة بكثير ممّا مرّ بها لبنان اليوم، كانت نتائج غياب الخطة التربوية الشاملة كارثية، على مستوى التسرّب المدرسي والفاقد التعليمي، علما أنّه بحسب مراقبين ومتابعين للشأن التربوي، يبذل الوزير الحالي جهودا واسعة تفوق سواه ممن تعاقب على وزارة التربية خلال السنوات الماضية، بخاصة أنّ مسؤولياته مضاعفة جرّاء الأزمات المتتالية على لبنان منذ العام 2019، ولا تزال مستمرة.
وفي هذا السياق، كان وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي، قد حدّد في أوائل الشهر الحالي «بدء التعليم في المدارس والثانويات والمهنيات الرسمية في 4 تشرين الثاني المقبل أو عن بُعد أو مدمجا على أن يتم التسجيل الكترونياً»، كاشفًا أنّ «اليونسيف أبلغت تغطيتها طبع مليون و500 ألف كتاب وطنيّ لكل مراحل التعليم، والاستعداد لتموين كل مراكز التعليم البديلة والمحروقات والانترنت والمصاريف، لسداد بوليصة التأمين لكل متعلم وتمويل منصة مدرستي»، ومؤكدا الإجازة للمدارس الخاصة التعليم عن بُعد وفق إمكاناتها المتاحة، ومعتبرًا أنّ «قرار التدريس الحضوريّ يكون على كامل مسؤولية من قرّره».
ما يتضمّنه قرار الحلبي المذكور يرسم صورة وردية للتعليم هذا العام، لا سيّما في ظلّ استعداد لافت من اليونيسف للدعم على أكثر من صعيد، لكن الواقع التربوي وخصوصا المتعلق بعدد المدارس المتوافرة، ومدى قدرة الطلاب على الالتحاق بها حضوريا او الكترونيا، ينمّ عن صورة ضبابية وواقع صعب جدا للتعلم هذا العام.
فما هو عدد المدارس المشغولة وعدد الطلاب والمعلمين الذين غادروا بيوتهم؟ أشار رئيس «رابطة التعليم الأساسي» في لبنان حسين جواد لـ «الديار»، إلى أنّ «عدد المدارس والثانويات الرسمية المقفلة بفعل الحرب يبلغ بحدود 300 مدرسة، فيما يبلغ عدد المدارس المشغولة بالايواء بحدود 539 مدرسة، 50 معهدا مهنيا وتقنيا، و50 مدرسة خاصة، علما أنّ الأخيرة، بدأ أصحابها يطالبون وزارة التربية وهيئة الطوارئ بتأمين مراكز للأهالي الموجودين فيها، تمهيدا لإخلائها واستئناف التعليم، بينما لا تزال المدارس الرسمية على حالها مشغولة كمراكز إيواء».
ولفت الى ان «عدد النازحين من المحافظات الأربع التي تعرّضت للعدوان الصهيوني (بعلبك، البقاع الغربي، النبطية، الضاحية الجنوبية)، يقدّر بنحو مليون وخمسمئة ألف مواطن، وعدد الطلاب الذين نزحوا من هذه المناطق بحدود 470 الف طالب، يشكلون نحو نصف عدد طلاب لبنان، امّا عدد المعلمين النازحين فيقارب 36 ألف استاذ، أي ما يوازي بين 40 -45 % من معلمي لبنان».
غياب الخطة التربوية!
لم يرافق إعلان الحلبي عن بدء العام الدراسي، أي إشارة لخطة تربوية طارئة وشاملة، تأخذ في الحسبان توسّع العدوان الصهيوني على لبنان، وتوفير مقوّمات التعليم على ضوئه، وهو امر يشير إلى أنّ العام الدراسي دون نجاحه عوائق كثيرة.
في الصدد، لفت جواد بالنسبة لانطلاقة العام الدراسي، إلى أنّ «وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي، حدّد أنّها ستكون في الرابع من الشهر التالي، لكن الخطة الكاملة التي يتّم الحديث عنها في الوزارة لم تظهر إلى العلن بعد، وأنّ ما يصدر هو قرارات مرحلية أي لكل مرحلة على حدى (قرار تسجيل - قرار إلحاق الأساتذة النازحين... الخ)، ما يعني أنّه ليس هناك خطة كاملة وواضحة من قبل الوزارة، كي نستطيع تقييم الوضع بشكل كامل»، مؤكدا أنّ « العبرة في التهاية تبقى في تنفيذ كل الخطط الموضوعة، وأنّ أفضل خطة هي التي يمكن تنفيذها، ولكن نجهل الآن الخطة ولذلك لن يكون لدينا تعليق».
المعوقات كبيرة جداً
من الطبيعي، أنّه مع غياب خطة تربوية شاملة وتفصيلية، ستغيب الحلول التي يمكن أن تذلل المشاكل التي تمنع سير العملية التعليمية بنجاح. وحول أبرز المعوقات، يقول جواد، هو الحضور، مستغربا «كيف سيحضر النازح الذي لا يملك كلفة النقل للوصول إلى المدرسة التي يفترض أن يلتحق بها، وهناك مشكلة الإنترنت، محتملا نجاحها بنسبة تترواح بين 5- 10 % فقط».
واوضح «أنّ هناك معوقات أيضا، بالنسبة لالتحاق المعلمين»، وأردف: «اليوم انا مدير مدرسة تحت أي مسمى بدي التحق وبأي مدرسة بدي التحق؟ وماذا سأعمل في المدرسة التي سأذهب إليها؟ وكذلك على مستوى الآخرين من أساتذة ومديرين!».
وعلى مستوى الطلاب، تساءل إذا كان سيتسع المبنى المدرسي المقرر لكل الطلاب! وإذا كان مطلوب دواما ثانيا بعد الظهر، فمن سيتولى إدارة هذا الدوام هل هو المدير نفسه؟ عطفا على أنّ هناك تجارب سابقة على مستوى الكهرباء والإنترنت، أثبتت أنّنا لم نستطع أن نواكب العملية التعليمية بنجاح بسبب انقطاعهما المستمر».
وعن رأيه بقرار وزير التربية، أجاب جواد أنّ وزير التربية الحالي «يعتبر من أفضل الوزراء المتعاقبين على هذه الوزارة، لكن القرار لا يراعي الوضع بكليّته، مثلًا، كالأستاذ الذي لا يزال مقيما وصامدا في قريته لا يريد أن يغادر منزله، فما الحل هنا؟ وأيضا هل تم تأمين الكتاب المدرسي لكلّ الطلاب أم سنعتمد ال E-book؟ وما مدى قدرتنا على النجاح في ظل عدم توافر الكهرباء والإنترنت؟ وهل الكلّ يستطيع الحضور»؟ لافتا إلى «أنّ غياب الخطة، هو بحدّ ذاته معوق، ونحن كروابط كان يجب اطلاعنا على الخطة، ونحن بلغنا فقط بعناوين عريضة يريدون العمل بها فقط».
وتطرّق إلى التقسيم الحاصل في التربية، وقال «هناك مناطق تريد فتح مدارسها وأخرى لا تريد»، متسائلا: «ألا يكفي الظلم الذي يلحق بالتعليم الرسمي، بأن يبدأ التعليم الخاص إمّا حضوريا او من بُعد ولديه وسائله وتحضيراته، لا سيما في المدارس الكبرى التي فرضت رأيها على كل وزارة التربية» ؟ موصخا أنّ «القسم الثاني وهو التعليم الرسمي، أصبح دائما خارج إطار المعادلة التربوية، وحتى في التعليم الرسمي هناك ناس بسمنة وناس بزيت... ناس رايحة تتعلم حضوريا ، وناس يمكن يطالها التعليم من بُعد».
وشدد على أنّ «هناك مشكلة كبيرة في القرار، وكان الله في عون الوزير الذي كان يفترض أن يكون أكثر حدة باتخاذ قرار بتعليق العام الدراسي، وهذا كان افضل له ولنا».
مضاعفة بدل الإنتاجية إلى 600 دولار
وذكّر جواد بأنّ «هناك مطالب للمعلمين، بأنّ الرابطة رفعت في ما يخصّ بدل الإنتاجية منذ نهاية العام الدراسي السابق، مطلب مضاعفتها لتصبح 600 دولار أميركي، ولكن لم يتحدث عنها احد»، لافتا إلى أنّه «إذا لم يكن هناك قرار واضح بخصوصها، سيكون للرابطة موقف حول بدء التدريس بـ 4 الشهر المقبل».
وطالب «مقابل الدعوة إلى الحضور والتسجيل، ببدل إنتاجية كذلك لمعلمي الملاك والمتعاقدين ولكل تصنيفات التعليم في الدوام الصباحي بالدرجة الأولى، ولاحقا في الدوام المسائي، أي بدل إنتاجية للجميع وضمان أجور المتعاقدين»، وسأل: «إذا كان هناك متعاقد لا يستطيع الوصول إلى مدرسته أو لا يزال موجودا في قريته، فهل اقول له لا علاقة لك او اترك قريتك كي تلتحق»؟ وختم: «هناك معوقات وتداعيات وازمات كثيرة... ورح تكون سنة ولا كل السنين!»
خلاصة القول...
على ما يبدو، تغدو محاولة إنقاذ العام الدراسي الحالي، مهمة صعبة كثيرا، في ظلّ هذا الواقع الدموي الذي نعيشه من جهة، وفي ظلّ الواقع الدامي المزمن للتعليم الرسمي من جهة ثانية، وإن سلمنا جدلا، باحتمال انقاذ هذا العام عند قسم من التعليم الخاص، فما هو مصير نصف طلاب ومعلمي لبنان من التعلم والتعليم والكفايات والحقوق والمستحقات، بل من الحياة أصلا!
يمنى المقداد - الديار
شاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|