التّمديد 2 لقائد الجيش يسبق الميدان والرّئاسة
للمرّة الأولى منذ زياراته المتكرّرة لإسرائيل بَرز التضليل الإعلامي المُتعمَّد لموعد وصول الموفد الأميركي آموس هوكستين لجهة توقيت الوصول وأجندة الاجتماعات، وهو واقع رَبَطته جهات رسمية لبنانية بـ “فوبيا المسيّرات” وبالتحذيرات الجدّية التي أطلقها أخيراً الحزب في شأن 25 مستوطنة إسرائيلية وتوسيع دائرة استهدافاته التي طالت منزل رئيس وزراء العدوّ بنيامين نتنياهو، ولإحاطة الاجتماعات بجدار من السرّيّة حيال مسار التفاوض على وقف إطلاق النار الذي جعل الحكومة اللبنانية رهينة الانتظار لنتائجه من الدوحة إلى تل أبيب.
سيسمح الوقت الفاصل عن تثبيت التسوية حول وقف إطلاق النار بهامش واسع جدّاً من المناورات وفرض المزيد من الوقائع على الأرض من قبل الجميع:
– إسرائيليّاً بتوسيع دائرة الدمار العبثي وصولاً إلى صيدا وصور ومحاولة السيطرة على شريط من القرى الحدودية الأمامية وقطع الأوصال بين البقاع والجنوب وبين لبنان وسوريا. والنتيجة مساحات شاسعة من الأرض الممسوحة التي تريد إسرائيل أن تصعّب من خلالها أيضاً “عملية العودة” بخلاف واقع ما بعد حرب تموز.
– من جهة الحزب رفع وتيرة المواجهة العسكرية لإثبات استعادة قوة الردع ورفع فاتورة خسائر جيش العدوّ. وعلى مستوى القيادة إعلان توافق “مجلس الشورى” على انتخاب الشيخ نعيم قاسم أميناً عامّاً للحزب، وهو ما عدّته مصادر مطّلعة، بغضّ النظر عن شخصية خليفة السيّد حسن نصرالله، إثباتاً آخر من جانب الحزب على قدرة إدارة المعركة وتلاحمها من رأس القيادة إلى الميدان مع التلميح إلى أنّ “مجرّد المجاهرة بهذا التعيين يعني إحاطة الشيخ قاسم بجدار من الحماية الأمنيّة يبعده عن دائرة الاستهداف المحتمل بقوّة بسبب قرار العدوّ تصفية كلّ خليفة لنصرالله”.
هنا طُرحت تساؤلات عمّا إذا تمّ تأمين خروج آمن لقاسم من لبنان باتّجاه العراق أو إيران، وهو ما أتاح الإعلان عن تعيينه، لأنّ كلّ مواقع النفوذ للحزب جنوباً وبقاعاً وفي الضاحية الجنوبية هي أهداف جوّية مفتوحة ومكشوفة للعدوّ الذي كرّر أمس تهديداته باستهداف أيّ خليفة لنصرالله. كما حصل التعيين في ظلّ تسريبات سابقة عن احتمال اختيار الحزب شخصية عسكرية لقيادته وليس “شخصية مدنية ومعمّمة” ضمن سياق رفع السقوف.
– على المستوى الرسمي: مواظبة ركنَي التفاوض برّي-ميقاتي على رفض الشروط الإسرائيلية “القاسية” لوقف إطلاق النار. وفق المعلومات، الاثنان تبلّغا من هوكستين في زيارته الأخيرة للبنان بأنّه سيعمل على تخفيف حدّة هذه الشروط وسقفها، لكنّ الموفد الأميركي تحدّث بما يُشبِه النصيحة عن أنّ إسرائيل لن تطفئ محرّكات طائراتها قبل أن تتأكّد أنّ الحزب لن يتمكّن بعد التسوية من إعادة ترميم هيكليّته العسكرية وعدم وجود عنصر واحد له في كامل الجنوب، وأنّ إنهاء دوره العسكري حتميّ، و”عليكم أن تتقبّلوا هذه الحقيقة التي لا تعني سوى قضم نفوذ إيران في المنطقة”.
اقتراح قوّاتيّ بالتّمديد؟
قادت هذه الوقائع المتحكّمة باللحظة العسكرية-السياسية بشكل مباشر إلى فرملة مشروع ربط رئاسة الجمهورية بالجبهة العسكرية، فأخّرت مجدّداً المساعي الداخلية والخارجية الهادفة إلى فرض إيقاع انتخاب الرئيس الذي يفترض، برأي أكثر من فريق سياسي، أن يسرّع عملية وقف الحرب ويُكمّل “سيبة” التفاوض الثلاثي المُنحصِر حالياً بالرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي.
عزّزت هذه “الدَفشة” إلى الوراء الحديث مجدّداً عن الاقتراحات المتداولة أو السيناريوهات المرتبطة بالتمديد لقائد الجيش، حيث تفيد معلومات “أساس” عن تقديم القوات اللبنانية الاثنين عبر النائب جورج عدوان اقتراح قانون بالتمديد فقط لقائد الجيش دون غيره من قادة الأجهزة الأمنية. وتحمل هذه الخطوة القواتية بحدّ ذاتها دلالات سياسية، سيما أنّ “القوات” اشترطت العام الماضي أن لا يتخطّى التمديد لقائد الجيش عتبة العام، كما أنّ النائب جبران باسيل يعارض بقوّة هذا التمديد.
تؤكّد مصادر قيادية في “القوات” لـ “أساس” أنّ “هذا الاقتراح يتمّ درسه بيننا وبين الحلفاء. هناك نقاش مستمرّ وتشاور مع الحلفاء، وإذا أقرّ فسيكون نتاج خطوة مشتركة. لا شيء رسمياً بعد، لكن نرصد قبولاً أكبر باتّجاه التمديد لقائد الجيش وتمرير اقتراح التمديد”.
يُذكر أنّه في كانون الأول الماضي صوّت النواب على اقتراح قانون قدّمه نواب كتلة “الاعتدال الوطني” بالتمديد لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنيّة لسنة واحدة.
آنذاك وفيما كان موقف الثنائي الشيعي (ولا يزال) غامضاً حيال التمديد لقائد الجيش أو طرح انتخابه لرئاسة الجمهورية قال الرئيس برّي أمام النواب: “جميع اللبنانيين من دون استثناء هُم مع الجيش اللبناني، وما حدا يزايد على الثاني، نعم الصلاحية كانت للحكومة أوّلاً وثانياً وثالثاً ورابعاً، والمجلس لا يستطيع سوى القيام بدوره في هذا المجال. قادمون على فترة أعياد قد تمتدّ لـ15 يوماً، وإذا لم نَقُم بهذا العمل اليوم نخشى أن ندخلَ في الفراغ”.
المظلّة الشّيعيّة
حاليّاً أمام صعوبة التوصّل إلى تسوية رئاسية قبل موعد نهاية التمديد الأوّل لقائد الجيش في 10 كانون الثاني ودخول مسار التفاوض حول وقف إطلاق النار في نفق المجهول تشير مصادر نيابية حيادية لـ “أساس” إلى أنّ “التمديد أمر مفروغ منه في حال بقي الاستعصاء قائماً. لكن حتى الآن لم يُحسَم إذا كان الأمر سيُبتّ في مجلس النواب أو مجلس الوزراء، مع العلم أنّ جلسة كهذه قد يكتمل نصابها في مجلس النواب بداعي الخوف من الفراغ، لكن يحتاج بالتأكيد إلى المظلّة الشيعية”.
كما تشير المعلومات إلى أن لا توافق سياسياً بعد على إقرار اقتراح قانون التمديد لكلّ الرتب في المؤسّسات الأمنيّة والعسكرية. لكن هناك بحث جدّي في كتلة الاعتدال أن تتقّدم بمشروع مماثل للتمديد للواء عماد عثمان الذي تنتهي ولايته في الشهر الرابع من السنة المقبلة.
ملاك عقيل - اساس ميديا
شاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|