اللبنانيون يحتاجون الكهرباء: التمويل غير مهم!
تأخَّرَ وصول الشحنة الأخيرة من الفيول العراقي، والبالغة نحو 190 ألف طن، والتابعة إلى العقد الموقَّع في العام الماضي. وكذلك، غابَ الحديث عن الفيول الإيراني الذي خصَّصَت وزارة الطاقة وفداً زار إيران لتسهيل مهمّة الإتيان به، هبةً أو شراءً، فلا فرق بين الخيارين إن كانت النتيجة تأمين الكهرباء. وعليه، لم تجد وزارة الطاقة مفرّاً من العودة إلى الصيغة المعهودة لتأمين الفيول، وهي طلب المال من الدولة. واللافت هذه المرّة، هو الترحيب بالخطوة، وإن على حساب أموال المودعين.
خطوات عملية
مع تهديد العتمة للمرافق الحيوية، كالمطار، باتت الدولة على سباق مع الوقت لتأمين الكهرباء. وبغياب المؤشرات الإيجابية حول مصادر الفيول الموعودة من الخارج، كان الاتفاق السريع بين وزارتيّ الطاقة والمالية ومصرف لبنان على تأمين الأموال لشراء الفيول. وسارعت وزارة الطاقة إلى إطلاق المناقصات و إعلان موعد فضّ العروض. ولضمان عدم العرقلة، التزمت الطاقة بالخطوات القانونية، سيّما لجهة إخضاع العملية للرقابة اللاحقة لهيئة الشراء العام التي يرأسها المدير العام لإدارة المناقصات جان العلية، الذي يقول في حديث لـ"المدن"، أن دور الهيئة "يندرج في إطار التدقيق اللاحق والتأكد من سلامة دفتر الشروط والمناقصة. وستستعمل الهيئة صلاحياتها بإصدار التقارير والمُراجعات وغيرها من المهام المناطة بها". ويوضح العلية أن "هيئة الشراء العام لم تطّلع مسبقاً على دفتر الشروط، ووزارة الطاقة لم ترسله لإبداء الرأي، وهي غير مُلزَمة قانوناً بفعل ذلك".
المسار حتى الساعة قانوني ومتسارع بهدف تأمين بين 8 إلى 10 ساعات تغذية، بكلفة تتراوح بين 100 إلى 150 مليون دولار.
بين الرفض والتأييد
لقيَت هذه الخطوة أصواتاً معارِضة وأخرى مؤيّدة. ولكلا الطرفين مبرراته. فالمعارضون يركنون إلى عدم امتلاك مصرف لبنان الحق بتأمين الدولارات لشراء الفيول من موجوداته التي هي في الأصل أموال المودعين، فيما ذهب المؤيّدون إلى ضرورة تأمين الكهرباء وإن بأموال المودعين التي تتبخّر هنا وهناك.
ومن بين المؤيّدين، الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمّود، الذي يعتبر، في حيث لـ"المدن"، أنه "ليس من الخطأ استعمال الموجودات لتأمين الفيول، خصوصاً إن كانت مؤسسة كهرباء لبنان ستشتري الدولارات من المركزي عبر منصة صيرفة، أي ستأتي بكتلة نقدية بالليرة، من خلال الجباية، وتشتري بها الدولارات. فالمركزي يبيع الدولارات لأيّ كان". ويضيف حمّود أنه "حتى لو كانت تلك الأموال للمودعين، ودفعها للكهرباء سيشكّل ضغطاً على الموجودات بالدولار، لكن في مرحلة ما، يجب معالجة ملف الكهرباء، فيما رفض الدفع، لا يُثمِر. لذلك، إن كان دفع الدولارات سيؤمّن الكهرباء، فليكن. فعودة الكهرباء سيشكّل راحة للناس، بمن فيهم المودعين".
الإنفراج الموعود ما زال ضبابياً بعض الشيء، ووزارة الطاقة لا تفصح عن التفاصيل، وبياناتها مبهمة. لكن يُستَشَفَّ منها، أن مؤسسة الكهرباء لن تشتري الدولارات من المركزي مقابل كتلة نقدية بالليرة. بل سيدفع المركزي المبالغ مسبقاً. فجاء في بيان الوزارة يوم أمس، أن المشاورات بين وزير الطاقة وليد فياض ووزير المالية يوسف الخليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة "أفضت إلى إبلاغ الوزير فياض بتأمين التمويل اللازم لشراء مشتقات النفط". أي أن التمويل تأمّن وأصبح جاهزاً، بمعزل عن قدرة المؤسسة على تأمين الليرات من الجباية. وهي بالتالي لن تشتري الدولارات بليراتها، بل في احسن الأحوال، ستتعهّد شفهياً بإعادة الأموال.
وضمن المسار القانوني، لا يمكن إلزام المؤسسة بإعادة الأموال، لأنها لم تتّفق مباشرة مع المركزي على أية ديون. وعدم وجود مسوّغ يُلزِم المؤسسة أو الوزارة على إعادة المال، هو نقطة الارتكاز التي يستند إليها المعارضون ليؤكّدوا أن ما سيحصل هو هدر إضافي للدولارات، في حين أن ساعات التغذية الموعودة غير مضمونة. فوزارة الطاقة تعطي الأولوية للمرافق والمؤسسات الحكومية وليس لمنازل المواطنين ومؤسساتهم الخاصة.
خطوات الإتيان بالفيول قانونية لكنها تثير إشكالية أخلاقية لجهة عدم حق المركزي في التصرف بالدولارات فيما أموال المودعين محتجزة. فضلاً عن يقين المركزي بعدم قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على إعادة الأموال بعد الجباية.
خضر حسان - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|