"واشنطن بوست": إسرائيل تعدّ خطة لوقف إطلاق النار في لبنان كهدية لترامب
لبنان إلى حرب أهلية
مسارات جميع المحاولات السياسية والدبلوماسية لحل المعضلة اللبنانية تُقفل، ما يدفع بإتجاه حرب أهلية لا يفرضها طرف بذاته، خصوصاً بعد إعلان الشيخ نعيم قاسم في خطابه الأول بصفته أميناً عاماً للحزب أنّ الشرط الأساسي لأي تفاوض هو “وقف إطلاق النار أولاً” ما لن توافق عليه إسرائيل كي لا تعطي الحزب فرصة إعادة تنظيم قواته وترميم ترسانته
كتب محمد سلام لـ”هنا لبنان”:
ليس سراً أنّ “دولة الجمهورية الإسلامية الإيرانية” قد وافقت على تسوية بضمانه أميركية تقضي بمقايضة وقف حربها مع “دولة إسرائيل” بإستمرار سيطرة نظامها على أرضها ضمن حدودها المعترف بها دولياً.
وليس سراً أيضاً أنّ غالبية دول العالم المعنية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد رحبت بهذه التسوية بين “دولة” إسرائيل “ودولة” الجمهورية الإسلامية.”
لكن “ولاية الفقيه” ممثلة بحرسها الثوري المكلّف تصدير عقيدتها إلى العالم رفض التخلي عما أنجزته أذرعه في أراضي العرب لذلك أصدر بيان “توافق شورى” حزب الله على تكليف الشيخ نعيم قاسم أميناً عاماً لحزب الله، علماً بأنّ الحزب إياه قد فقد جميع هيئاته العليا صاحبة الصلاحية في تعيين أمين عام.
نعيم قاسم هو حتماً في إيران، لأنّ المرشد لن يجازف بتعيين أمين عام لحزب في لبنان حيث إغتالت إسرائيل أمينه العام ومن كان مرشحاً لخلافة أمينه العام، وتستمر بإغتيال قياداته.
تم إختيار الشيخ نعيم قاسم لأنه أساساً كان يشغل منصب نائب الأمين العام للحزب، ما يعفي إيران من الدخول في صراعات داخلية حول التكليف، كما يعفيها من التشكيك الدولي في تعيين خليفة إذا لم يكن أصلاً حاملاً لصفة نائب الأمين العام، علماً بأنّ قاسم لا يمثل جميع مكونات حزب الله، كونه ينتمي إلى حزب الدعوة الإسلامية العراقي، الذي هو الإبن الشيعي لحركة الأخوان المسلمين، فيما كان السيد حسن نصر الله ممثلاً للحرس الثوري.
وتم “التوافق” على نعيم قاسم كي يتولى الحرس الثوري القيادة بإسمه لإشعال حرب أهلية في لبنان للحفاظ على ما أمضى قرابة نصف قرن في تكوينه، وهو الإمساك بالسلطة في لبنان وسوريا.
لذلك ستنشب الحرب الأهلية التي بدأت مؤشراتها بالظهور، في لبنان، أما في سوريا فإن الشعب السوري تكفل بطرد” نازحي حزب الله الذين توافدوا إلى أراضيه رداً على ما فعلته قوات الحزب بالشعب السوري، فيما لم يحاول نظام الأسد وروسيا الدفاع عن النازحين من لبنان الذين فتح لهم العراق أبوابه الرسمية وتولت باصات الحشد الشعبي نقل غالبيتهم من محطة الإنطلاق في منطقة السيدة زينب، بحيث وصل عدد اللبنانيين الشيعة الذين نزحوا إلى العراق إلى ما يقارب الـ 250 ألف شخص، إعترفت السلطة العراقية فقط بـ 50 ألفاً منهم هم الذين دخلوا عبر المعابر الشرعية والمطار. أما البقية التي نقلها الحشد الشعبي فقد بقي أكثر من نصفها في جنوب العراق، فيما غادر قرابة 75 ألف شخص إلى إيران عبر معبر زرباطية العراقي في محافظة واسط وتم إستقبالهم من قبل الحرس الثوري في معبر مهران الإيراني الذي تولى نقلهم إلى محافظة خوزستان في جنوب إيران التي كانت تعرف بإسم عربستان، وتسليمهم مهاماً مع الحرس الثوري على صلة بضبط غالبية السكان السنة من أصول عربية، وفق معلومات إحدى فصائل “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية” المعارضة لنظام الولي الفقيه والتي كانت تنطلق من العراق في زمن الرئيس الراحل صدام حسين ولها مقر قيادة في إحدى ضواحي باريس كما في ألبانيا ممثلة بحركة مجاهدي خلق بقيادة مريم رجوي.
أما في ما خص لبنان، فإن علامات إندلاع حرب أهلية بين أتباع الحرس الثوري وبقية اللبنانيين بدأت بالظهور من محاولاتهم تحويل مراكز الإيواء إلى مستوطنات أعداء ما يهدد أساساً سلامة غالبية ضحايا حرب المشاغلة من النازحين المدنيين الأبرياء الذين دفعوا دماً ودماراً وتشريداً ثمن مقامرات غيرهم من أتباع إيران الشيعة وعناصر عصابات سرايا المقاومة المكونة من شرائح سنية ودرزية ومسيحية.
السؤال الذي يدور همساً في غالبية المجتمعات اللبنانية لم يعد “هل” سيدخل البلد في حرب أهلية بل “متى” ستندلع الحرب الأهلية بين بقايا قوات حزب الله المنسحبة إلى شمال إقليمي التفاح والخروب مروراً بمدينة صيدا ومحافظة جبل لبنان وصولاً إلى محافظتي الشمال وعكار؟
من علامات النزاع وفق الشعور الشعبي تحطيم تمثال بطل الإستقلال الأمير مجيد أرسلان في منطقة خلدة، ما أثار موجة من الإدانات مترافقة مع موجه من الإتهامات. وما زاد الغضب هو عدم صدور أي نتيجة للتحقيق الذي تجريه القوى الأمنية بعد ثلاثة أيام على الحادث، الذي يبدو أنّ مرتكبيه ليسوا بنازحين على الإطلاق، لكنهم عصابة سرقة خططت لإيقاع تمثال الأمير مجيد وجواده لسرقة معدن البرونز المصنوع منه وبيعه، وقد “توفقوا” بسرقة القاعدة البرونزية ويدي التمثال وجزء من قوائم الحصان.
المؤلم هو أنّ تاريخنا وتراثنا صار أيضاً عرضة للسرقة بهدف البيع والإثراء في دولة تفتقر إلى حكم القانون والأمن، وهو بالمناسبة ممارسة قديمة تعود إلى حقبة الحرب الأهلية، عندما سرقت آثارنا الفينيقية من مخبئها “المحمي” في مدينة جبيل التي نقلت إليه كي لا يسرقها “الغرباء” من حيث وجدت بمعبد أشمون في صيدا، ويتم تدريجياً العثور على بعضها في منازل أثرياء الغرب، ومنها رأس الثور الفينيقي الذي استعاده لبنان من دون الإعلان عن هوية سارقه من جبيل التي لم يدخلها “غرباء”.
قد يتبين أنّ سارق معدن البرونز من تمثال الأمير مجيد أرسلان هو عصابة غير لبنانية، فهل سيتم الإعلان عن الأسماء الكاملة لأعضاء العصابة إذا تم توقيفهم، أم سيبقى الفاعل مجهولاً في دولة الفساد المتأصل الذي يسرق الوطن لحساب الفاسد؟؟؟
ومن الممارسات المؤدية إلى إندلاع محتمل لحرب أهلية سرقة أزياء الجويدين والجويدات الدروز (الشيوخ والشيخات) للإستفادة من إرتدائها أثناء تهريب الأسلحة كون رجال الدين لا يتم توقيفهم على الحواجز في المناطق الدرزية.
وقد تم تعميم التنبيه في مختلف المناطق الدرزية، خصوصاً بعد سرقة أزياء نشرت في حدائق سكان الطبقات الأرضية.
وتم توزيع رسائل صوتية بمبادرات فردية جاء في إحداها “ما قدروا يهزمونا بمعارك 11 أيار (2008)، هلق عم يحاولوا يتسللوا إلى بلداتنا بالتنكر.”
مثل هذا التوتر غير مقتصر على المناطق الدرزية، ففي بيروت وطرابلس وصيدا ومناطق ذات غالبية سكان مسيحية تجول مجموعات من الشبان وعناصر الشرطة البلدية على مراكز الإيواء والمنازل التي تستضيف نازحين لتوثيق أسماء السكان منعاً لإختراق الأبنية بضيف مريب تلاحقه إسرائيل ما يتسبب بمجزرة إذا قصفته.
كما رُصد توتر شديد في منطقة رأس بيروت-الحمرا نظراً لإقتحام نازحين أملاكاً خاصة بدعم من تنظيمات مسلحة في المنطقة وعدم قدرة الأجهزة الأمنية والعسكرية على إخلائهم منها بإنتظار إيجاد مراكز إيواء لهم ما يستغرق وقتاً قد يطول.
هذا الوضع يدفع البيئة المضيفة إلى تولي الدفاع عن أملاكها مباشرة بقدراتها الذاتية من دون الإتكال على ما تقوم به الأجهزة الرسمية، أي اللجوء إلى الأمن الذاتي دفاعاً عن الوجود وهذا التصعيد يؤدي إلى رفع حدة التوتر الإجتماعي وإرتفاع فرص الولوج في نزاعات أهلية قابلة للتوسع، علماً بأنّ الأمن الذاتي هو أحد مواصفات الحروب الأهلية..
ويزداد ضغط النزوح على المدن مع توسعة القصف الإسرائيلي لمدينة بعلبك ومحيطها في سهل البقاع ما أسفر عن أرتال طويلة من النازحين الذين طلبت منهم السلطات التوجه إلى محافظة عكار نظراً لأنّ بيروت وطرابلس قد غصتا بالنازحين ولم تعودا قادرتين على إستيعاب المزيد.
كل هذه التطورات مجتمعة تدفع بإتجاه نزاع أهلي قد يكون واسعاً، خصوصاً في ضوء معلومات عن تعثّر إجراء إنتخابات رئاسية نظراً لرفض القوى السيادية المحلية وقوى الخارج النافذه بدعة “التوافق” على شخص رئيس بإعتبارها خطوة غير دستورية تمهد لطرح مبدأ الإستراتيجية الدفاعية التي تضم قوات الممانعة التابعة لحزب الله إلى الجيش اللبناني ما ينتج حشداً شعبياً على مثال شقيقة العراقي سيئ الصيت.
خلاصة القول إنّ مسارات جميع المحاولات السياسية والدبلوماسية لحل المعضلة اللبنانية تقفل، ما يدفع بإتجاه حرب أهلية لا يفرضها طرف بذاته، خصوصاً بعد إعلان الشيخ نعيم قاسم في خطابه الأول بصفته أميناً عاماً للحزب أنّ الشرط الأساسي لأي تفاوض هو “وقف إطلاق النار أولاً” ما لن توافق عليه إسرائيل كي لا تعطي حزب الله فرصة إعادة تنظيم قواته وترميم ترسانته.
المصدر: هنا لبنان
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|