زعيم أم ناطق إعلامي؟.. مهمة نعيم قاسم الخفية في طهران
يواجه حزب الله اليوم تغييرات حاسمة في قيادته، وسط أوضاع صعبة على الصعيدين الداخلي والخارجي، بعد تولي نعيم قاسم منصب الأمين العام خلفًا لحسن نصر الله، الشخصية التي كانت رمزًا مؤثرًا للحزب لعقود.
وبينما يشهد الحزب استمرارية للعمليات العسكرية الإسرائيلية وتدهورًا في شبكات الاتصال، يجد قاسم المتواجد في طهران، نفسه أمام مهمة صعبة؛ إذ يتوجب عليه قيادة حزب يواجه تحديات غير مسبوقة في قدرته على التواصل والتحرك ميدانيًا.
تأثير القيادة الميدانية
في ظل غياب قيادة مركزية واضحة، يتولى اثنان من كبار قادة الحزب، محمد حيدر وهيثم علي الطبطبائي، مسؤوليات قيادية في الساحة العسكرية.
ويعرف عن حيدر أنه مستشار مقرب من نصر الله، وشغل سابقًا دورًا محوريًا في بيروت وسهل البقاع، بينما يتمتع الطبطبائي بخبرة واسعة كقائد سابق لقوة الرضوان والقوات الخاصة للحزب في سوريا واليمن.
وفقًا لتقرير إسرائيلي، يعتمد الحزب على الملاحظات المكتوبة بخط اليد لتجنب الاختراقات الاستخباراتية، وهي دلالة على القلق المتزايد من التعقب الإسرائيلي والتأثير الواضح على شبكات الاتصال التابعة للحزب.
وتشير مصادر أمنية إلى أن قادة الحزب باتوا يعتمدون على هذه الوسيلة التقليدية للحفاظ على سريّة اتصالاتهم وتجنب الرقابة.
صوت إعلامي
بصفته أمينًا عامًا جديدًا، ورغم تمتعه بمكانة أكاديمية كأستاذ كيمياء وكاتب في المجالات الثقافية والدينية، يفتقر قاسم إلى الكاريزما والهيبة التي ميزت نصر الله؛ ما يجعل تأثيره كقائد محدودًا في أوساط المناصرين.
ورغم أنه يوصف بمواقفه الداعمة للحزب وولائه لسياساته، إلا أن مصادر مطلعة تؤكد أن دوره سيكون أقرب إلى الناطق الإعلامي، وأنه بعيد عن القرارات العسكرية أو التفاوضية المباشرة.
ألقى قاسم أول خطاب له في منصبه الجديد، حيث وجّه تهديدات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مشيرًا إلى أنه “نجا من الطائرة المسيرة، لكن من الصعب التنبؤ بمصيره”.
ورغم تصريحاته، يرى المراقبون أن دور قاسم يبقى في إطار الحملات الدعائية، خاصة في ظل تزايد استهداف منشآت الحزب وشبكات اتصاله.
القيادة الجماعية
رغم الاعتقاد الشائع بأن زعيم حزب الله هو صاحب القرار المطلق، يشير الدكتور بشير سعادة، أستاذ في جامعة ستيرلينغ ومؤلف كتاب “حزب الله وسياسة التذكير”، إلى أن القرار يعود في الغالب لمجلس الشورى والقيادات، حيث تحكم الحزب بنية تنظيمية أكثر من ارتباطه بشخص معين، بحسب ما أورده تقرير لـ"بي بي سي".
ومع ذلك، فقد شكلت شخصية نصر الله حضورًا طاغيًا، جعل مقارنته بخليفته نعيم قاسم حتمية، خاصة في ظل التحديات الراهنة.
بالتالي، فإن الدور الذي يمكن لقاسم أن يؤديه في هذه الظروف يبقى محدودًا، حيث تشير التحليلات إلى أنه سيظل، على الأرجح، واجهة سياسية وإعلامية دون القدرة على التأثير الميداني المباشر.
ويرى المراقبون أن الحزب، في ظل هذه القيادة الجديدة، قد يشهد تحولاً في استراتيجيته الإعلامية والدعائية أكثر من خطواته العسكرية.
مستقبل مجهول
مع تزايد الضغوط الإسرائيلية وغياب القيادة المركزية الواضحة، يبقى حزب الله في وضع معقد، حيث يعتمد على قيادات ميدانية تسيّر العمليات، بينما يمثل نعيم قاسم الواجهة الإعلامية للحزب.
وفي ظل استمرار استهداف الحزب أمنيًا واستخباراتيًا، يبدو أن قدرة قاسم على توجيه الأمور محدودة، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل الحزب واتجاهه في هذه المرحلة المعقدة من تاريخه، والتي تزداد فيها مؤشرات الانشقاقات في صفوفه.
شاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|