وسيلة ضغط قوية في يد أحزاب وقوى المعارضة لإحداث تغيير كبير...
لا جدل في أنه يمكن للضرائب التي يدفعها الشعب أن تشكل أداة ضغط حقيقية على أي نظام حكم، أو سلطة سياسية، في أي بلد، وهو ما كانت نادت به بعض الأصوات في لبنان، خلال فترات الانتفاضة الشعبية التي أعقبت تحرّكات 17 تشرين الأول 2019.
تغيير حقيقي؟
فماذا لو اعتُمِدَت الضرائب، وعدم دفع الناس لها أو لبعضها، بشكل جزئي أو كامل، كأداة في يد الأعمدة الأساسية لقوى المعارضة اللبنانية، وكوسيلة ضغط على السلطة الحالية مستقبلاً، وذلك عبر دعوة وتشجيع اللبنانيين لعدم دفعها بهدف وقف إيرادات هي في الواقع مبالغ دعم لسلطة محليّة تتفرّج على المشاكل، ولا تفعل شيئاً، ولا تريد أن تكون نافعة على أي مستوى؟ والى أي مدى يمكن لتلك الطريقة أن تكون ناجحة في إحداث تغيير لبناني حقيقي؟
العصيان الضريبي...
شدّد عضو تكتل "الجمهورية القوية" والخبير الاقتصادي النائب رازي الحاج على أن "الظرف الذي نمرّ به الآن دقيق جداً. وأعتقد أنه ليس من الحكمة في الظرف الحالي، الإطاحة بالانتظام المالي والنقدي الذي أرسَيْنا أُسسه منذ عامَيْن ونصف بعملنا الدؤوب في اللّجان، في محاولة منّا لتصحيح الاعوجاج الكبير الذي كان يحصل على هذا المستوى. فعجلة الاقتصاد متوقّفة، والانكماش حادّ، وهو ما يترافق مع نِسَب تضخم كبيرة، وحالة حرب. وفي هذا الظرف بالتحديد، أعتقد أن الحفاظ على الانتظام هو أمر مهمّ".
وأكد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "العصيان الضريبي هو واحد من الأشكال التي يستعملها الناس للضغط على دولتهم، من أجل إنتاج إصلاح معيّن. ولكنه بحاجة الى استقرار على المستوى السياسي والأمني على الأقلّ، لتتمكّن من أن تقوم به بشكل ممنهج وهادف. وبالتالي، أعتقد أنه بحاجة الى توقيت أكثر استقراراً".
وأضاف:"مسألة أخرى أيضاً، وهي أن النظام الاقتصادي والمالي في لبنان هو نظام مبنيّ على الضرائب غير المباشرة أكثر، أي ان هذه المنظومة عرفت تاريخياً كيف تجبي المال من دون أن تسمح لوسيلة العصيان الضريبي بأن تكون مُتاحة لشعبها بشكل يضغط عليها. وبالتالي، وجدتُ في دراسة أجريتها أنا، أن نحو 73 في المئة من إيرادات الدولة تقوم على ضرائب أو رسوم استهلاك أو رسوم أخرى، أي على ضرائب غير مباشرة لا يمكن التوقّف عن دفعها".
الانتظام...
ولفت الحاج الى أن "هذه الوسيلة في لبنان بظلّ هذه المنظومة السياسية - المالية لن تكون مؤثّرة بشكل كبير، بل قد تنعكس حججاً لدى الحكومة لوقف القيام بأدنى واجباتها، لا سيّما بموضوع المتقاعدين الذين يشكلون شريحة اجتماعية كبيرة، باتت أوضاعها صعبة جداً اليوم بعدما طارت كل مدّخراتها في المصارف، وهي تعيش على راتب تقاعدي لا يشكل شيئاً في شكل عملي".
وتابع:"المسألة تحتاج الى انتظام، وليس الى أن نتّجه لما هو أسوأ، ولا الى ما يُعيد الانهيار الى نقطة الصّفر، في زمن لا يمكن للدولة اللبنانية أن تستدين فيه، وفيما الاقتصاد متوقّف، والحرب مستمرة، وبعدما بات ثلث الشعب اللبناني نازحاً. وبالتالي، نحن الآن بوضع صعب جداً".
وختم:"المواجهة الحاصِلَة في البلد اليوم هي مواجهة سياسية يخوضها تكتّل "الجمهورية القوية" والمعارضة لبناء الدولة. ولكن بناء الدولة بحاجة الى خيار من جانب كل الأفرقاء السياسيين. ونحن نعتبر أن اللحظة السياسية الحالية مُناسِبَة لتأكيد وحدة لبنان، ووحدة حدوده. وأي نقاش آخر غير وحدة البلد وحدوده هو نقاش مفتوح بين اللبنانيين في ما بعد، لبناء دولة. وهذا الأمر لا يمكنه أن يحصل إلا من خلال باب واحد هو انتخاب رئيس للجمهورية قادر على إطلاق ورشة بناء الدولة، وعلى استرداد قرارها، على أُسس وحدة لبنان وحدوده المعترف بها دولياً، من بعد انتخابه، ومن بعد وقف إطلاق النار. وتبعاً لذلك، يمكن فتح نقاش حول مختلف المواضيع من الندّ للندّ مستقبلاً، ومن دون مشاكل".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
شاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|