“دفن الوديعة”… شهادات من أشخاص فقدوا أحبائهم
لم تكن زهراء تعرف ماذا يعني “دفن الوديعة” قبل استشهاد شقيقيها منذ أسبوعين في بلدة المنصوري جنوب لبنان، وتقول لموقع “لبنان الكبير”: “أخبرونا عن الأمر ولم يكن أمامنا خيار سوى الموافقة لأنه كان من المستحيل العودة إلى البلدة للقيام بمراسم الدفن الرسمية المتعارف عليها وفق الأصول الاسلامية”.
بنبرة تملؤها الحرقة، تصف زهراء شعورها بكلمة واحدة “كتير صعب”، ثم تصمت لتكمل: “توجهنا، أنا ووالديّ، وهما كلّ من تبقى لي، إلى باحة مستحدثة بجانب ثكنة صور أصبحت تستخدم للدفن المؤقت”. وتوضح أن كلّ عملية الدفن لم تستغرق أكثر من نصف ساعة أي “ركض بركض” حتى “أننا لم نتمكن من رؤيتهما، فالأمر موجع ولا يمكن وصفه”.
جلال استشهد والده في اليوم الأوّل من التصعيد العسكري الذي طال القرى الجنوبية، ويقول لموقع “لبنان الكبير”: “قتل والدي في أوّل غارة على بلدة المزرعة القريبة من الحدود أثناء وجوده على شرفة المنزل”. ويضيف: “قمنا بنقله إلى مستشفى جبل عامل، إلاّ أنه كان قد فارق الحياة”، ولم يكن هناك سوى خيار واحد أمام جلال، “يا بدفنه بالبلد، أو بندفن أنا وياه”، مؤكداً أنه لم يفكر مرّتين في الأمر إنطلاقاً من مقولة “إكرام الميّت دفنه”، وأن ما قام به هو واجبه تجاه والده، إلاّ أنه اختبر أقصى درجات الرعب في حياته.
ويتابع: “كانت أمامي ساعة فقط لإتمام مراسم الدفن، وهو الوقت الذي سمح لي به الجيش لوجودي في البلدة”، وبتعبير لا يخلو من الصدمة “ما توقعت ضل عايش”.
“ما معنى دفن الوديعة؟ لم أكن اتوقع أنني سأكون من النساء اللواتي يدفنّ أزواجهن بهذه الطريقة”، بحسب ما تقول سارة التي فقدت زوجها بغارة اسرائيلية، لموقع “لبنان الكبير”، “سمعت تداول المصطلح بداية الحرب، لم أكن أعلم أن هذه الطريقة موجودة وفق الشرع، إلاّ أنه لم يكن هناك حلّ آخر، وافقت على طريقة الدفن، لأتمكن فيما بعد من تحقيق وصية زوجي ودفنه في مسقط رأسه”.
مصدر من الهيئة الصحّية الاسلامية يشير لموقع “لبنان الكبير”، الى أن “عدد الأشخاص الذين دفنوا وديعة، قد تخطى المئة الشخص، جرى دفنهم في مدافن خاصة في منطقة الوردانية في قضاء مدينة صيدا، وفي مدينة صور”. ووفق المصدر، فان أشخاصاً كثيرين دفنوا هكذا أثناء حرب تموز عام 2006، وبعد وقف إطلاق النار، أقيمت لهم المراسم الرسمية، ونقلت جثامينهم إلى بلداتهم وقراهم ليدفنوا بصورة دائمة.
“دفن الوديعة”، ماذا يعني؟
بحسب توضيح أحد رجال الدين الشيعة لموقع “لبنان الكبير”، فان “دفن الوديعة يعتمد في حالات عدّة، ومنها الحرب بسبب تعذر دفن الشخص بحسب وصيته في المكان المحدد”.
أمّا طريقة الدفن فهي مطابقة لطريقة الدفن المتعارف عليها وفق الشرع من حيث الغسل، التكفين، وإقامة الصلاة، إلاّ بمفارقة واحدة وهي أن الجثمان يوضع داخل تابوت أو صندوق ليتم نقله فيما بعد بطريقة لائقة إلى المدفن الأساسي من دون الكشف عنه. وهذه الطريقة في الدفن تعتمدها الطائفة الشيعية فقط.
مع الحرب حتى الموت أصبح أكثر شناعة، الموت الذي قيل إنه راحة من المعاناة، حمل معه معاناة مضاعفة لكل من فقد عزيزاً.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|