الجيش يُخضع موظفي السفارة الإيرانية للتفتيش
أمسى محيط قيادة الجيش في اليرزة منذ دخول البلاد مرحلة العدوان الإسرائيلي التصاعدي، "zone أمني" يحتاج من يدخله أو ينوي دخوله إلى تصريح خاص يصدر عن الجيش. ولا بدّ أن تنطبق على المتقدم بالطلب الذي يفترض أنه يقطن في المنطقة، شروط وأحكام معينة، كمثل أنه نازح فقط ولا يمت بصلة إلى أحزاب أو تيارات ولا يزاول عملاً أو نشاطاً سياسياً أو غير سياسي.
المآخذ كثيرة حول تفعيل هذا الأسلوب في وقتٍ تعيش البلاد حالة حرب، ويفترض بالجيش كمؤسسة عسكرية أن يذود عن الوطن كله، وأن لا تنحصر عملياته ضمن نطاق معين، بحيث يتحوّل محيط القيادة إلى "مربع أمني" فاقت التدابير المتخذة فيه تلك التي اعتمدت زمن خطر التنظيمات الإرهابية ومنها "داعش"، فيما ينكر العارفون علمهم ما إذا كانت الإجراءات المتخذة والمعتمدة اليوم سبق أن اعتمدت بشكل ما خلال حوادث أو تهديدات شهدتها البلاد في أوقاتٍ سابقة.
إحدى العلامات الضارة والضارة جداً، تلك المرتبطة بوضع قيادة الجيش معايير وشروطاً سواء على النازحين الذي لجأوا إلى المنطقة أو على زوارهم، كتحديد أوقات الزيارات أو التصريح المسبق عنها أو حول المكان الذي يقصده الزائرون بالضبط، وهو ما يتسبّب بأذى بالغ، بالنظر إلى أن الأفراد المعنيين بالرقابة الشديدة عليهم، هم مواطنون لبنانيون تنطبق عليهم شروط المواطنة الكاملة، وليسوا مشبوهين أو متورطين بعمل أمني ما، ولا يفترض أن تتم محاسبتهم كيفما اتفق أو وضعهم تحت الشبهة لمجرّد وجود ظن أمني محدود باحتمال انتمائهم إلى بيئة معينة، أو ربما من خلفية وجود اعتراضات من قبل البعض على المقاومة لتنسحب لاحقاً على شكل إجراءات تطبّق على أناس عاديين ليسوا بالضرورة أعضاء فيها أو شركاء معها ويحتمل أن يكونوا أضراراً جانبية نتيجة الحرب.
أسوأ ما يتم ذكره من شهادات "ناجين" من التدابير، ما يرتبط بالوقت الطويل الذي يستغرقه إنتظار المتقدم بالطلب الإستحصال على التصريح المؤهل للدخول إلى "المربع"، والذي قد ينتهي به المطاف مرفوضاً، من غير ذكر أسباب واضحة أو صريحة، سوى أن الشخص المرفوض طلبه لم يستوف الشروط، فيما من ينجح في الإمتحان عليه المرور بمرحلة من الإنتظار الطويل لقاء الحصول على ورقة وظيفتها النهائية السماح له بالعبور بسيارته إلى منزلٍ استأجره من ماله الخاص في موضع شاءت الأقدار أن يتحول بين ليلة وضحاها إلى منطقة أمنية مغلقة.
ثمة روايات كثيرة تذكر عن مناوشات وكلام يحصل بين العسكريين والسكان الوافدين وزوارهم المحتملين، وعن مراحل التدقيق والفحص والتفتيش التي يمرون بها عند النقاط الأمنية، وربما النظرات غير المحبذة التي تحضر من دون إستئذان، وعن الردود المتكررة من جانب العسكر على المتذمّرين من الإجراءات، بالطلب إليهم مغادرة المنطقة ببساطة في حال لم يعجبهم ذلك، وسط غياب آلية الشكوى والمراجعة والواضحة، واعتماد بدلاً منها مسار يتولى العسكر تطبيقه.
غير أن ما يشغل البال، هو انسحاب التعاطي الفجّ إلى مستوى بعض الهيئات الدبلوماسية التي تمتلك عقارات في المنطقة، من بينها السفارة الإيرانية، التي تمتلك عقاراً في مكان غير بعيد عن منزل قائد الجيش العماد جوزاف عون ويسمى بـ"كرم الزيتون" وهو عبارة عن منزل – مضافة يتبع للسفارة الإيرانية وهو بمثابة منزل خاص للسفير، موجود في المنطقة منذ زمن حكم الشاه وليس حديثاً، يستخدم عادةً في بعض الاستقبالات أو إحياء مناسبات معينة.
شاء القدر أن يقع المنزل من ضمن التقسيم الجغرافي للمربّع المصنف أمنياً بامتياز. أكثر من مصدر يؤكد انسحاب الإجراءات القاسية على فريق أمن السفارة الإيرانية المسؤول عن حفظ أمن المنزل ككيان تملكه الجمهورية الإسلامية ويتبع لسفارتها، ما أوصل التدقيق بهذه الطريقة الفجّة إلى حصول "سوء تفاهم" نتج عنه احتكاك محدود على إثر قيام جنود الجيش بتجاهل الصفة الدبلوماسية للحرس وإخضاعهم لتفتيش تدقيق جداً، هم وسياراتهم، بطريقة تتجاهل وضعيتهم كفريق أمني خاص ببعثة دبلوماسية، إنما التعامل معهم على أساس فرضية تسبح في البلاد منذ مدة عنوانها إحتمال استخدام منشآت عائدة للسفارة الإيرانية لمصالح ذات بعد أمني، أو احتمال إدخالهم أشياء "غير مرغوب فيها"، إن لم يكن أكثر من ذلك!
حادثة استقواء غير معهودة وإن كان ظاهرها الحيطة الأمنية، لا مع سفراء شرقيين ولا مع غربيين، والقسم الأخير تحديداً يحظى بالدلال والتغنيج، لدى المؤسسة العسكرية ولدى سواها، وفي استطاعة هؤلاء الدبلوماسيين القيام بأشياء كثيرة بمعزل عن التفتيش والتدقيق والخشية على السيادة والخوف منها، كالدخول إلى حرم مطار رفيق الحريري الدولي، والتجول فيه تحت أعين رجال الأمن وحراستهم وبتغطية رسمية منهم، وإتاحة المجال أمامهم للقيام بعمليات تفتيش وبحث داخل حرم المطار، وصولاً لاحتمال إخضاع بعض الموظفين في مبنى الشحن مثلاً لاستجواب مهذب حول ما يدخل وما يخرج!
ما تقدم وما تخلله من فتح النقاش لا يعود إلى البحث في أصل فكرة إنشاء "مربع أمني" طالما أن ذلك بات سلوكاً تقليدياً تعتمده الأجهزة الأمنية (ومنها قيادة الجيش) وسواها، عنوانه وشعاره الدائمان هو الضرورات الأمنية وضمان الحماية، والآن تصبح الدوافع ملحّة أكثر من ذي قبل في ظل الهجمة البربرية الصهيونية، إنما النقاش المراد تصويبه يتصل بالهدف من الإجراءات والدعوة إلى تنظيمها واعتماد معايير واضحة والإبتعاد عن منطق الإستفزاز الذي لا يقود سوى إلى استفزازات مقابلة، وشعور شريحة غير قليلة أو بسيطة من الناس بالغبن أو التمييز أو الإستهداف والذي قد ينسحب عليه ما ينسحب، ما قد يرد أصل المهمة إلى موضع مشوّه أو مشبوه في توقيته، أو قد ينظر إليها على أنها موجهة أو مقصودة متجاوزةً المنطق.
ليبانون ديبايت - عبدالله قمح
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|