عواقب "غامضة".. هل ينقلب الفراغ السياسي في لبنان ضد حزب الله؟
يدفع "حزب الله" الآن عواقب تمسكه بالفراغ السياسي وعرقلة انتخاب رئيس للجمهورية منذ عامين، وعدم تشكيل حكومة جديدة. فالآن لا يوجد من يستطيع في لبنان التوقيع على أي اتفاقية دولية لإنهاء الحرب مع إسرائيل. وهذا الفراغ السياسي مرجح للتفاقم مع بروز ضغوط داخلية على "الثنائي الشيعي" في لبنان للتمديد لقائد الجيش، العماد جوزيف عون، الذي يجب أن يحال للتقاعد في 10 يناير 2025.
وتراود حزب الله وحليفته "حركة أمل" شكوك كبيرة حول قائد الجيش وعلاقته بالأمريكيين، ولهذا رفضا سابقاً التمديد لخدمته، وذلك لاعتقادهما أنه مرشح قوي لرئاسة الجمهورية.
ولكن مع توافق التصورات على أن إنهاء الحرب ينتظر وصول دونالد ترامب، فهذا يعني أن ترامب سيصل إلى البيت الأبيض من دون أن يكون هناك رئيس جمهورية أو حتى قائد للجيش في لبنان.
في ظل هذا الواقع، تبدو هواجس التوقيع على أي اتفاق سيوقع بين إسرائيل ولبنان غامضة، والجهة التي ستنفذ هذا الاتفاق جنوب نهر الليطاني.
وانطلاقاً من ذلك، ثمة تساؤلات يطرحها المراقبون حول أسباب الجدل الحالي في لبنان حول التمديد لقائد الجيش: ما هي مخاوف "حزب الله" تجاه العماد عون؟ من هم المرشحون الذين يراهن عليهم "حزب الله" وهل يمكن أن ينجح بتمريرهم؟ وفي حال فشل، هل سيضطر لتقديم تنازلات للتمديد لعون ثم القبول به رئيساً للجمهورية؟ ما تأثيرات ذلك المحتملة على هيمنة "حزب الله" على المشهد السياسي اللبناني؟
حزب الله وقائد الجيش.. علاقة براغماتية
المحلل السياسي اللبناني فادي عاكوم يصف علاقة قائد الجيش اللبناني مع حزب الله بأنها علاقة براغماتية إلى أقصى حدود، فهي تارة في أجمل صورة وتارة تظهر بصورة سيئة.
ويوضح عاكوم في تصريحات لـ "إرم نيوز" أن هذه العلاقة ليست بأفضل حال اليوم، حيث بدأ التوتر بين الطرفين في العام 2019 حين رفض عماد جوزف عون قائد الجيش الانصياع لطلب حزب الله بفتح الطرقات بالقوة بسبب التظاهرات، بالإضافة إلى رفض عون التنسيق الأمني الدائم مع الحزب، كما يقول.
هذا الموقف، وفقاً لعاكوم، زاد من شعبية عون داخلياً وخارجياً، خاصة بعد الأزمة المالية وقدرته على التواصل الخارجي مع عدد من الدول لدعم الجيش وعناصره؛ إذ حصل على الدعم المالي واللوجستي؛ ما مكن الجيش من الاستمرار بعمله داخلياً للحفاظ على الأمن، وهو ما لا يريده حزب الله قطعا كونه يصور الجيش وبشكل دائم بأنه ضعيف وغير قادر على إدارة الملفات الأمنية؛ ما يضع الحزب في خانة قد تقلب عليه الطاولة داخلياً.
ويضيف عاكوم أنه مع ترويج وسائل إعلام حزب الله عن العلاقة الوثيقة التي تربط قائد الجيش مع الولايات المتحدة الأمريكية والتحريض عليه بهدف عدم التجديد له في الوقت الحالي تنكشف خطة حزب الله وتنكشف نواياه؛ لأنه خائف من إعادة تجربة ما حصل مع الرئيس الأسبق ميشال سليمان والذي كان بدوره أيضاً قائداً للجيش لكنه انقلب سياسياً على الحزب وطالب بإزالة سلاحه وحصر قرار الحرب والسلم بالدولة اللبنانية وحدها.
ويرى المحلل السياسي أن حزب الله لا يملك رفاهية اختيار قائد الجيش إذا لم يتم التجديد لعون، كون الأمر يخضع للتراتبية العسكرية، حيث سيكون الضابط الماروني الذي يسبق عون هو الأحق، كون قيادة الجيش من حصة الطائفة المارونية.
وبقراءة للمجريات السياسية الداخلية والدولية - يقول عاكوم - إن حزب الله سيكون مجبراً على الموافقة للتمديد لقائد الجيش ومعه باقي الأجهزة الأمنية تلافياً لإحداث فراغ قيادي يضاف إلى الفراغ الرئاسي، كما أن المرحلة الحالية تتطلب وجود قائد للجيش لقيادة انتشار الجيش في مناطق الجنوب الحدودية تنفيذاً للقرار 1701.
ويؤكد المحلل اللبناني أن العماد عون هو الرجل المناسب لاستكمال ما بدأه من تحركات داخلية وإقليمية ودولية، وبالتالي سيكون للحزب ورقة تفاوضية حول رئاسة الجمهورية، وهي أن يحتفظ بحق ترشيح وإيصال من يختاره، وهو حتى الآن سليمان فرنجية، النائب السابق وزعيم تيار المردة، والذي يعتبر من أقوى حلفاء حزب الله.
الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، علي حمادة، يؤكد من جهته أن التمديد الاضطراري لقائد الجيش سيتم قبل نهاية العام، وبعدها ستخلو سدة القيادة. ويلفت حمادة في تصريحات لـ "إرم نيوز" إلى أنه "ليس لدى حزب الله من مرشحين بعينهم، وإذا تمكن مجلس الوزراء من الانعقاد من أجل التعيين يصبح ممكنا التمديد لقائد الجيش".
ومن ثم، يعتقد حمادة أن الموضوع هو على شخص قائد الجيش، ولو تركت قيادة الجيش فارغة وانتقلت الصلاحيات إلى "المجلس العسكري" وبوجود الضابط الأعلى رتبة دون أن يكون بالضرورة من الطائفة المارونية.
ويجزم حمادة أن الأمر بالنسبة لحزب الله يتعلق بانتخابات رئاسة الجمهورية، ولأن قائد الجيش لديه علاقات جيدة مع الأمريكيين ومع العالم العربي، ومن ثم حزب الله لا يريد ضابطاً يكون لديه علاقات مستقلة مع العالم.
ويشير إلى أن حزب الله يريد تعيين قائد جيش يحمي ظهر حزب الله وظهر التنظيم العسكري للحزب، لذلك هناك معركة يخوضها لمنع التمديد لقائد الجيش.
لكن المحلل اللبناني يقدر أن الأمر سوف يمر رغماً عن إرادة حزب الله، لأنه ليس في موقع القادر على فرض شروطه في كل مكان ووقت، لاسيما بعد الضربات التي مُني بها خلال الشهرين الماضيين، وبعد اهتزاز قوته العسكرية.
من جانبه، يرى الكاتب السياسي السوري، مازن بلال أن مسألة الفراغ السياسي في لبنان، ليست مسؤولية حزب الله فقط، فالمسؤول عن الفراغ في لبنان هو التوازن الإقليمي خلال ما يسمى بـ"الربيع العربي"، كما أن الحرب في سوريا خلقت خللاً في المعادلة الإقليمية ودفعت حزب الله إلى التمسك بواقع سياسي يتيح له التحرك دون عوائق.
ويوضح بلال في تعليق لـ "إرم نيوز" أن حزب الله اختبر خلال مرحلة ميشيل عون محاولة "النأي بالنفس"، التي أخرت تدخله في سوريا، وهو يحتاج بشكل دائم لواقع خاص يمكنه من التحرك، أو لحليف سياسي داخلي مثل التيار الوطني الحر الذي أمن له غطاء سياسياً خلال حرب 2006 .
ويرى بلال أن حزب الله ما زال يملك مرجعية سياسية، مشيراً إلى أن القرار 1701 لم ينفذ منه سوى وقف إطلاق النار، بينما لم يستطع الجيش الانتشار جنوب الليطاني.
ويؤكد المحلل السياسي السوري أن المعادلة في لبنان دائما ما كانت تعاني خللاً عميقاً يعود إلى طبيعة التوازن الطائفي- السياسي المفروض.
ويشير بلال إلى أن الفراغ السياسي موجود حتى في حال وجود رئيس للدولة وقائد للجيش؛ لأن الصلاحيات السياسية مرهونة ومقيدة بالصيغة السياسية العامة في لبنان، وبرهانات القوى اللبنانية على المصالح الخارجية التي تشكل مرحعيات أقوى من المرجعيات الداخلية.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|