شهية ترامب مفتوحة على مليارات تقليص النّفقات الداخلية فهل يأتي دور الخارج ولبنان؟...
قد تكون "الزَّوْغَة" الإصلاحية التي يُحدثها رئيس شركة "سبايس إكس" إيلون ماسك، من حيث المبدأ والكلام الآن، جذّابة للملايين في أميركا والعالم. ولكن إذا دقّقنا قليلاً بما قد تحمله بين سطورها من "ديكتاتوريات" مالية، بصورة محاربة الهدر والفساد، يتبدّل المشهد عندئذ بنسبة 100 في المئة.
فحتى الساعة، يبدو أن أقصى ما يبحث ماسك (وترامب معه) عنه، هو توفير مئات مليارات الدولارات من النّفقات الحكومية، والتخلّص بشكل سريع جداً من نفقات كثيرة واجبة على الدولة، بما في ذلك في ملفات تُعنى بالتخطيط الأُسَري والصحي، ومن دون أي اعتبار واضح للإنسان، ولحقيقة أن الافتقار الى معايير وقواعد صارمة للإصلاحات التي يناديان بها، يبشّر بزمن من الفقر والمرض والجوع في "أرض الأحلام".
وانطلاقاً ممّا سبق، نسأل. ألا يمكن لترامب مستقبلاً، أن يشعر بـ "الغبطة" من جراء المليارات التي سيوفّرها؟ وألا يمكن أن يفكّر بتعميم أساليب الإصلاح الداخلي على نفقات أميركية خارجية، سواء كانت برامج دعم أو مساعدات مدنية، أو حتى عسكرية وأمنية، في دول عدّة؟ وماذا عن لبنان في تلك الحالة، خصوصاً إذا رأى ترامب أنه لا ينال المردود السياسي والأمني اللازم فيه مستقبلاً، وبما يوازي المساعدات الأميركية المُقدَّمَة له؟
رأى الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة أنه "يتوجب منح جائزة نوبل، أو صبّ تمثال ربما، لأي شخص قادر أن يعرف طريقة تفكير ترامب. ففي الواقع، لا يمكن لأحد أن يعلم ما في عقله وتفكيره. فكلامه يتلوّن بين إيجابي وسلبي، وهو ليس مفهوماً تماماً".
وأوضح أن "تعييناته تبدو غريبة جداً وغير طبيعية تماماً، وهي تفتقر الى خطّ مُتجانس فيها. فعلى سبيل المثال، اختار ليندا مكماهون لتكون وزيرة للتعليم، وهي رغم العمل السياسي الذي تقوم به، إلا أنها الرئيسة التنفيذية السابقة لاتحاد المصارعة العالمية الترفيهية. وبالتالي، كان بإمكانه أن يولّيها بمهمّات رياضية مثلاً، بدلاً من التعليم. كما أن وزير التجارة في حكومته هوارد لوتنيك، يدعم الاستثمار في البيتكوين والعملات الرقمية. وهذا تعيين غريب أيضاً في مكان ما".
ولفت حبيقة الى أن "هذه الطريقة لا تؤسّس لإدارة سليمة وفعّالة، وهي لن توصل ترامب الى مكان على الأرجح، سوى أنه بعد عامَيْن، قد ترتفع حظوظ الديموقراطيين بالفوز في الانتخابات النّصفية، وبالحصول على الأكثرية في الكونغرس ومجلس الشيوخ. ولكن بقاء الرئاسة مع ترامب سيرفع احتمالات التعطيل لكثير من المشاريع والخطوات في تلك الحالة".
وأضاف:"التغيير مهمّ. ولكن ما يفعله ترامب يفتقد الى خطّ ومعيار واضح. وهذه إشارات الى إدارة تُدار بـ "التشبيق"، وبفكرة أساسية هي أن (الرئيس جو) بايدن رئيس عاطل، وأن (نائبته كامالا) هاريس لم تعرف كيف تضبط الحدود. ولكن لا يمكن إدارة أميركا بتلك الأفكار الى الأبد".
وعن خطورة فقدان أي معيار موثوق في الفصل بين الملفات الفاسدة وغير الفاسدة، وتأثير ذلك على محدودي الدخل في أميركا مستقبلاً، أشار حبيقة الى أن "المخاوف كثيرة على هذا الصعيد طبعاً، لا سيّما إذا تحوّل المواطن الأميركي العادي و"الآدمي" الى ضحية لعناوين محاربة الفساد والهدر. فمحاربة التزوير أو الهدر لا يجب أن تُطيح بحاجة الآلاف والملايين لمساعدة الدولة في الرعاية الصحية مثلاً، خصوصاً أنها مُكلِفَة جداً في أميركا".
وتابع:"يُحكى عن 11 مليون إنسان غير شرعي يعملون في أميركا. وهنا نقول، كيف يمكن لترامب أن يعالج هذا الوضع بالشكل الصائب؟ فأولاً، هم لا يعيشون هناك من تلقاء ذاتهم فقط، بل ان الشركات الأميركية توظّفهم رغم علمها بأنهم غير شرعيين، وذلك لأنهم أرخص بكثير من كلفة توظيف أميركيين بدلاً منهم. وأمام هذا الواقع، ماذا سيفعل ترامب؟ هل سيُدخل الجيش الى المنازل والشركات لإلقاء القبض عليهم؟ هذا غير ممكن، خصوصاً أن هناك قسماً منهم يعيش في أميركا منذ أكثر من 15 عاماً، وصاروا يتمتّعون بحقوق مُكتَسَبَة، وتزاوجوا وأنجبوا هناك".
وردّاً على سؤال حول إمكانية أن تُفتَح شهيّة ترامب وماسك على تقليص نفقات المساعدات الأميركية الخارجية مستقبلاً، لتوفير مزيد من الأموال، خصوصاً إذا رأى أنه يُنفق الأموال على مساعدات لا تمنحه المكاسب السياسية والأمنية التي يريدها، وتأثير ذلك على لبنان في المستقبل، أجاب حبيقة:"يمكن لترامب أن يفكر بهذه الطريقة من الناحية النظرية، ولكن لا مصلحة له بتنفيذ ذلك. لماذا؟ لأن قوة أميركا لا تنبع من داخلها فقط، بل من علاقاتها الخارجية أيضاً، ومن نفوذها في العالم. ويهمّ ترامب أن يحافظ على ذلك، ولكن من دون أن يكون مُكلِفاً كثيراً".
وأضاف:"هو يريد وهجاً عالمياً مستمراً لأميركا، بأقلّ كلفة ممكنة. وهذا ما يطمح لتحقيقه خلال حكمه. وأما بالنّسبة الى لبنان، فالمساعدات الأميركية السنوية ليست مُكلِفَة لأميركا بشكل كبير، فيما العسكرية منها ليست ضخمة، وهي مساعدات لا تزعج إسرائيل ولا تؤثّر عليها أصلاً".
وختم:"يبقى الخوف من أن لا يأخذ ترامب خلال ولايته الجديدة، مسافة وسطية بين إسرائيل ولبنان في الصراع الدائر. فخلال ولاية بايدن، تموضعت أميركا الى جانب إسرائيل بنسبة 70 في المئة تقريباً، والى جانب لبنان بنسبة 30 في المئة تقريباً. ولكن الخوف هو من أن يخفّف ترامب نسبة الـ 30 في المئة تلك كثيراً. فمع ترامب، قد نرى غرائب كثيرة مستقبلاً".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|