فخامة بري ودولة “الحزب”
هذا العام تولى رئيس مجلس النواب نبيه بري توجيه كلمة في عيد الاستقلال بدلاً من الكلمة التقليدية التي يوجهها عادة رئيس الجمهورية، كما أعلن “الحزب” أنه أقام عرضاً عسكرياً بالمناسبة، ولكن على طريقته. فهل أصبح لبنان دولة “الحزب”؟ وهل أصبح بري فخامة رئيس جمهورية هذه الدولة؟
كتب أحمد عياش لـ”هنا لبنان”:
مر العيد الـ 81 لاستقلال لبنان من دون رئيس للجمهورية. وغابت عن هذا العيد للمرة الثالثة على التوالي هذه الشخصية الرسمية في الجمهورية منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في نهاية تشرين الأول عام 2022 . وتولى رئيس مجلس النواب نبيه بري هذه السنة توجيه كلمة في المناسبة بدلاً من الكلمة التقليدية التي يوجهها عادة رئيس الجمهورية.
في موازاة ذلك، أعلن “حزب الله” أنّه أقام عرضاً عسكرياً في المناسبة، ولكن على طريقته. فهل أصبح لبنان دولة “الحزب”؟ وهل أصبح بري فخامة رئيس جمهورية هذه الدولة؟
لا مفرّ من الاعتراف بأنّ الواقع الحالي يردّ بالإيجاب على هذين السؤالين. وقد تصرّف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بدوره على أساس هذا الواقع. فزار في يوم العيد الجمعة الماضي وزارة الدفاع في اليرزة حيث أقيمت له التشريفات العسكرية. وظهر ميقاتي وكأنّه يتابع العرض العسكري التقليدي الذي كان يقام في الأعياد السابقة عندما كانت في لبنان سلطة مكتملة. ثم وضع ميقاتي إكليلاً باسم “الجمهورية اللبنانية” على نصب شهداء الجيش.
بالعودة الى كلمة بري في العيد، فهي أتت خالية من أيّة إشارة إلى شغور منصب الرئاسة الأولى. مع العلم أنّ بري الذي أصبح للمرّة الأولى رئيساً لمجلس النواب عام 1992، وهو مستمرّ في تبوّؤ هذا المنصب منذ ذلك التاريخ، رافق ولاية أربعة رؤساء جمهورية، ووقف على مدى ثلاثة عقود خلف هؤلاء الرؤساء في الاحتفالات المركزية لهذا العيد.
ومع غياب رئيس للجمهورية للمرة الثالثة على التوالي عن العيد، غاب تقليدياً الجيش وسائر القوى الأمنية عن هذه الاحتفالات. وانبرى “حزب الله” في هذه المناسبة التي مرّت الأسبوع الماضي إلى الإعلان عن “عروض عسكرية حيّة على طولِ الجبهةِ وعرضِها، ورجال بصواريخَ ومُسيّرات، أحيَوا الاستقلالَ وليس فقط ذِكراه”، كما ورد في مستهل النشرة الرئيسية المسائية لـ”المنار”، قناة “الحزب” التلفزيونية، يوم الجمعة الماضي.
كذلك مرّ العيد الـ81 للاستقلال وسط حرب مدمّرة تشنها إسرائيل على لبنان بذريعة مواجهة “حزب الله”. وأشعل “الحزب” فتيل هذه الحرب في 8 تشرين الأول عام 2023 تحت عنوان “إسناد” حركة “حماس” في قطاع غزة. وأثبت “الحزب” بجرّه لبنان إلى هذه الحرب، أنّه الدولة التي تمتلك وحدها قرار الحرب والسلم.
ويخبرنا التاريخ أنّ ولادة دولة الاستقلال تمت وسط الحرب العالمية الثانية. ومن أجل إنعاش ذاكرة رعايا هذه الدولة بعد ثمانية عقود، أورد تقرير إعلامي نُشر أخيراً، أنّ عام 1943، شهد استقلال لبنان “دون قيد أو شرط”. أضاف التقرير: “بعد أن تولت حكومة فيشي السلطة في فرنسا عام 1940، أي الحكومة التي أتت في ظل احتلال المانيا النازية لفرنسا، تمّ تعيين الجنرال هنري فرناند دنتز مفوضًا ساميا للبنان. وأدّى هذا التعيين إلى استقالة إميل إدّه من منصبه رئيساً للجمهورية وذلك في 4 نيسان 1941. وبعد خمسة أيام، عيّّن دنتز ألفرد نقاش رئيساً للدولة. لكن سيطرة حكومة فيشي التابعة لألمانيا النازية انتهت بعد بضعة أشهر عندما عجزت قواتها عن صدّ تقدم القوات الفرنسية الحرة والبريطانية إلى لبنان وسوريا. وتم التوقيع على هدنة في عكا في 14 تموز 1941”.
وتابع التقرير: “بعد توقيع هدنة عكا، زار الجنرال شارل ديغول بصفته ممثلاً لفرنسا الحرة لبنان، منهيًا سيطرة فيشي رسميًّا. وانتهز القادة الوطنيون اللبنانيون الفرصة لمطالبة ديغول بإنهاء الانتداب الفرنسي والاعتراف باستقلال لبنان دون قيد أو شرط. ونتيجة للضغوط الوطنية والدولية، أعلن الجنرال جورج كاترو، المندوب العامّ في عهد ديغول، في 22 تشرين الثاني 1941، استقلال لبنان باسم حكومته.
واعترفت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفياتي والدول العربية وبعض الدول الآسيوية بهذا الاستقلال وتبادل بعضهم السفراء مع بيروت. ومع ذلك، وعلى الرغم من اعتراف الفرنسيين تقنيًا باستقلال لبنان، إلا أنهم استمروا في ممارسة السلطة. وأجريت الانتخابات العامة في 21 أيلول 1943. وفي الثامن من تشرين الثاني عام 1943، عدّل مجلس النواب الدستور وألغى المواد التي تشير إلى الانتداب. كما عدّل المواد التي حددت صلاحيات المفوض السامي، وبذلك أنهى الانتداب من جانب واحد. وردت السلطات الفرنسية باعتقال عدد من السياسيين اللبنانيين البارزين، من بينهم رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الوزراء رياض الصلح وأعضاء آخرين في مجلس الوزراء، ونفيهم إلى قلعة راشيا.
استسلمت فرنسا أخيرًا لضغوط داخلية متزايدة ونفوذ بريطانيا والولايات المتحدة والدول العربية، وأطلقت سراح السجناء في راشيا في 22 تشرين الثاني 1943 . ومنذ ذلك الحين، جرى الاحتفال بهذا اليوم باعتباره عيد الاستقلال.
دخل استقلال البلاد حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني 1944 ولم تغادر آخر القوات الفرنسية والبريطانية لبنان حتى عام 1946 “.
ويخلص التقرير الى القول :”في كل عام، تنظم العاصمة بيروت، التي عانت بشكل خاص في الكفاح من أجل الاستقلال، احتفالات تبدأ بالخطاب التقليدي لرئيس الجمهورية أمام الأمة في اليوم السابق للعيد. وكان لبنان في هذه المناسبة ينبض لعدة أيام بالحياة بألوان وإيقاع الأحداث الثقافية المختلفة”.
ما أورده التقرير الذي قد يزاد عليه أو ينقص هو عينة من زمن دولة لبنان. ولدينا في هذا التاريخ ما يشير إلى أنّ إيران اليوم هي في موقع ألمانيا النازية. كما أنّ “حزب الله” هو حالياً في موقع حكومة فيشي الخاضعة لألمانيا النازية ، يمتلك ناصية دولة لبنان بقرار الحرب والسلم الذي هو فعلياً بيد الجمهورية الإسلامية في إيران. ولا يخرج بري وميقاتي عن كونهما عملياً من الطقم الحاكم الذي يخضع لسطوة طهران.
في العيد الـ 81 للاستقلال، انفرد “الإعلام الرسمي” للجمهورية التابعة لإيران، أي إعلام “حزب الله” بنقل إشادة علي لاريجاني كبير مستشاري علي خامنئي بأداء رئيس مجلس النواب قائلاً:” ان الرئيس نبيه بري سياسي بارع، وجهوده مثمرة”.
هنا لبنان
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|