3 أسابيع لإنهاء وجود حزب الله
"ليبانون ديبايت"- عبدالله قمح
دخلت مفاوضات وقف إطلاق النار مرحلة حساسة، ومعها وساطة عاموس هوكشتين. فخلال الأيام الماضية، اهتزت المفاوضات على نحو غير مسبوق. مرةً عندما اختار العدو زيادة جرعة الضغط فاختار قصف وسط بيروت في مكان لا يبعد عن السراي الحكومي أكثر من 500 متر، ومرةً عندما اختارت المقاومة الرد بطريقة غير مسبوقة لكنها مدروسة، عندما أمطرت يوم أمس إسرائيل بأكثر من 340 صاروخاً، قسم منها ضرب وسط تل أبيب التي تكرر فيها دوي صفارات الإنذار 4 مرات متتالية.
إذاً، يكون "حزب الله" بعد 58 يوماً من الحرب واختراع مقولة أنه انتهى، يفرض معادلة ميدانية قوامها التفاوض تحت النار. ولم يفهم تصعيد المقاومة إلا بما وصلها من معطيات تؤكد أن العدو يُفاوض تحت النار، وأنه يريد انتزاع تنازلات تحت القصف، وأنه استطاع إقناع الولايات المتحدة بمنحه "فترة سماح" لأسابيع قليلة حتى يحقق تقدماً ميدانياً يجعله عند ضفاف نهر الليطاني كي يستخدم هذا "المنجز" كورقة تفاوض.
الآن ماذا عن هوكشتين؟ تفيد المعطيات التي وصلت إلى بيروت أنه وصل قبل يومين إلى واشنطن. ونقل إلى بيروت عبر السفارة الأميركية رسالة مفادها أنه تلقى "أجواء إيجابية" من تل أبيب حول إمكانية الوصول إلى اتفاق، لكنه لم يفصح عن المدى الزمني الذي سيستغرقه ذلك. وما لبثت أن وصلت المعلومات حتى ضجّت وسائل الإعلام العبرية يوم أمس بكلام مفاده أن هوكشتين هدّد بوقف وساطته في حال لم يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غضون أيام!
بناءً عليه، تبلورت وجهة نظر في بيروت تقوم على مرتكزين:
إن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو يريد المماطلة لكسب مزيد من الوقت، وربما سيسعى من خلال الميدان لتعزيز بعض الشروط. لذلك قد نشهد موجة من التصعيد (دخلناها بالفعل).
على المفاوض اللبناني أن يبقى في وضعية "الحذر" وأن يضع في باله أن يقوم العدو، لاحقاً، بطلب إدخال تعديلات معينة وإضافية على الصيغة بناءً على ما يتوقع تحقيقه في الميدان. لذلك فإن الموقف الحالي لا بد أن يقوم على اعتبار الصيغة التي اتفق حولها مع هوكشتين نهائية على أن يتم إبلاغ الوسيط الأميركي مضمون هذا الموقف. من جانب آخر، على المفاوض اللبناني أن لا يتماشى مع ما طلبه هوكشتين في وقتٍ سابق، من ممارسة ضغوط على الحزب، كمثل نيل ضمانات منه بوقف استهداف العمق الإسرائيلي. وفي ظل رفض المفاوض اللبناني لهذه الأفكار، أخذ العدو يوسع من دائرة قصفه للضاحية الجنوبية، وقد بلغ خلال عطلة نهاية الأسبوع قلب العاصمة بيروت.
الاتفاق قبل رأس السنة؟
من الواضح أن العدو لا يرمي إلى الذهاب الآن إلى وقف لإطلاق النار وإغلاق العملية البرية، لسبب بسيط أنه لم يعثر على "صورة نصر" لغاية هذه اللحظة. وقد فهم من كلام هوكشتين أن تل أبيب طلبت مهلة تمتد من 3 إلى 4 أسابيع كحد أقصى من أجل الذهاب إلى اتفاق. وقد تذرع العدو بمسائل بيروقراطية، ولأسباب تتعلق بإقناع الشركاء في الحكم بالموافقة (أي اليمين المتطرف). لكن الحقيقة تتجاوز ذلك، وترتبط من خلال رصد الحركة الميدانية، بطلب العدو مزيداً من الوقت سعياً لبلوغ ضفة نهر الليطاني. وهو بدأ بالفعل العمل على محورين، الأول انطلاقاً من مثلث دير ميماس – كفركلا – القليعة ويرمي إلى بلوغ نهر الخردلي، والثاني أقل نشاطاً باتجاه حولا – طلوسة – بني حيان بهدف الوصول إلى وادي الحجير. لذلك سيستغرق تحقيق هذا المشروع، وفق رؤية العدو، من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع كحد أدنى، وبالتالي تصبح إحتمالية بلوغ الاتفاق عند مشارف عيد الميلاد أو مشارف رأس السنة على أبعد تقدير.
لكن للمقاومة كلامٌ آخر. باتت في صورة مشروع العدو. لذا قامت بكمائن متقدمة بالإضافة إلى استدراج قوات العدو والعمل ضمن تكتيكات معينة، كما حصل في محيط دير ميماس حيث رفع العدو سواتر ترابية وأقفل الطريق وجعل آلياته تتقدم، فتم التعامل معها بالنار فانسحبت إلى الأطراف الشرقية من البلدة.
وفي موضوع الخيام، تخوض المقاومة قتالاً شرساً، كتعبير عن قدراتها، وعدم السماح للعدو بتحقيق السيطرة المطلقة أقلّه ضمن الأسابيع القليلة المقبلة. وتعتبر المقاومة أن الخيام تشكل مرتكزاً أساسياً في سيناريو القتال داخل المدن، حيث يسعى العدو إلى نقل التجربة صوب بنت جبيل.
شرعنة الاحتلال؟
بالعودة إلى المفاوضات، تجسد إحدى النقاط العالقة فيها محاولة لفرض مشيئة إسرائيلية على الاتفاق.
يطلب العدو توقيع التسوية والاتفاق على وقف لإطلاق النار قبل انسحابه من الجنوب. ويضع لهذا الانسحاب جدولاً زمنياً يستغرق 60 يوماً على أن يبدأ بالانسحاب تدريجياً بعد الأسبوع الأول من إقرار الاتفاق، ومن ثم يتفق على آلية الانسحاب مع الولايات المتحدة التي تشكل ضمانة للاتفاق!
في المقابل يشترط لبنان أن يبدأ الانسحاب فوراً، وأن لا تتعدى مدته الأسبوع.
ما يسعى إليه العدو جملة من النقاط، أبرزها الإشراف على انتشار الجيش، إذ يطمح لأن يتزامن الانسحاب التدريجي لقواته بدخول تدريجي للجيش إليها.
الفكرة الأساسية التي فهم أن العدو يسعى خلفها، تتمثل في ضمان وجوده داخل لبنان من دون فعل مقاومة من جانب الحزب، أي أنه يسعى فعلياً إلى عدم اعتبار وجوده احتلالاً ويحصل بالتالي على إقرار من جانب المقاومة.
في المعلومات، فإن المفاوض اللبناني أبلغ رفضه لأي صيغة تشرعن احتلالاً لجنوب لبنان بذريعة الانسحاب التدريجي، وأنه لا يضمن عدم استهداف أي قوات غازية تقرر البقاء في أي جزء من الجنوب.
الإشارة واضحة. فالعدو، يزعم، أنه توصل مع الولايات المتحدة إلى تفاهم يقضي بوضع شريط معين عند الحافة ضمن إدارة دولية معينة تكون مهمة الإشراف عليها للجنة المنبثقة عن الاتفاق الذي يراد أن تكون بإدارة ضابط أميركي، بحيث يجعل من هذه المنطقة "منطقة عازلة" يخضع الدخول إليها لشروط معينة.
مثل هذه الفكرة في حال طُبِّقت تعني سقوط الاتفاق.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|