"المنطقة العازلة" على حالها حتى "تنظيفها" والعائدون إليها بشروط إسرائيلية...نُفذَ الأمر وإلا!
منذ بدء الحرب الموسعة أعلنت إسرائيل أنها تريد خلق "مساحة نظيفة" وفق تعبيرها العسكري يراوح عمقها بين 2 و5 كلم وفقاً للمناطق المتاخمة للشمال الإسرائيلي. وفعلتها على 3 مستويات: أولا من خلال تدمير ومسح القرى المتاخمة وتسويتها بالأرض كونها تشرف على الشمال الإسرائيلي نسبة إلى تضاريسها المرتفعة مما يعني أنها تشكل نقاطا استراتيجية وقوة لحزب الله في الطرف المقابل. المستوى الثاني عبر اكتشاف شبكات الأنفاق على طول القطاع الشرقي والأوسط والغربي وتفخيخها. وثالثا عبرمنع وصول الأسلحة المضادة للمدرعات والصواريخ التي يصل مداها بين 5 و7 كيلومتر إلى شمالي إسرائيل.
بعد الإنتهاء من عملية خلق "مساحة نظيفة" انتقلت إسرائيل إلى المرحلة الثانية بهدف الضغط على لبنان الرسمي لتنفيذ القرار الدولي 1701 ومندرجاته.
أما وقد وافقت الدولة بشخصي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري على بنود الإتفاق وملحقه السري إلا أن قرى "المساحة النظيفة" لا تزال محرمة على أهلها وهنا يفرض السؤال التالي نفسه؟ لماذا لا يتم تسليم هذه المساحة والنقاط الإستراتيجية إلى الجيش اللبناني إذا كان لدى إسرائيل فعلا نوايا غير توسعية على حساب الأراضي اللبنانية؟
مصادر مطلعة تشير لـ"المركزية" الى أن ما تخفيه إسرائيل من نوايا أبعد بكثير مما تعلن عنه. وتلفت إلى أن إمكانية التوسع نحو هذا العمق الذي فرضته عبر "المساحة النظيفة" أو "العازلة" وفق التعبير الشائع لا يزال قائما، لكن تركيزها ميدانيا كان ولا يزال على القطاع الشرقي المتاخم تقريبا لشمالي الليطاني والذي يتمايز عن القطاعين الأوسط والغربي بتضاريسه لأنه ملاصق لخط الجولان ولأنه يؤثر على إصبع الجليل والمستوطنات الأخرى ومنها المطلة وكريات شمونة. ولذلك رأينا كيف دخل الجيش الإسرائيلي منطقة الخيام في قلب القطاع الشرقي". وتستند المصادر في قراءتها إلى ما أورده المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين ردا على الإقتراح الإسرائيلي بإنشاء منطقة عازلة خالية من السكان والجيش اللبناني وبقاء الجيش الإسرائيلي فيها كقوة إحتلال حيث رفض هذا المقترح واعتبره "أمرا ينتهك السيادة اللبنانية ولا تقبله أية دولة ذات سيادة كما يتعارض مع اتفاق وقف إطلاق النار".
مشهد الدمار في القرى التي حولها الجيش الإسرائيلي إلى منطقة عازلة لا يقارن بحصيلة دمار حرب تموز 2006. مع ذلك يخرج أمين عام حزب الله نعيم قاسم ويعلن أمام بيئته أن الإنتصار في حرب 2024 يفوق انتصار حرب 2006! هذا ولم نتحدث بعد عن دمار القرى على طول الحدود بين إسرائيل ولبنان والبالغة 120 كلم حيث وصلت وفق إحصاء مبدئي لمجلس الجنوب إلى 70 في المئة ووصل عدد الوحدات السكنية المهدمة إلى أكثر من 50 ألف وحدة.
بالتوازي يلفت أهالي بلدة رميش إلى ان سكان بلدة عيتا الشعب الذين عادوا إلى القرية فور الإعلان عن وقف إطلاق النار فوجئوا بحجم الدمار خصوصا ان أيا من مسؤولي الحزب لم يطلعهم على حجمه كما حال باقي القرى الحدودية المتاخمة للشريط الحدودي. ويكشف احد سكان البلدة أن بعض الأهالي رفضوا العودة إلى مراكز الإيواء وفضلوا اللجوء إلى منازل عائلات في القرى المجاورة "ويحكى أن هناك منازل تضم حوالى 4 إلى 5 عائلات، ومنهم من يبحث عن شقق للإيجار في القرى الجنوبية المسيحية. لكن هناك استحالة في تأجيرهم بسبب الخشية من تكرار ما حصل في الشقق التي كان يقطنها نازحون في بيروت وجبيل وكسروان سيما وأن تهديدات المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي لا تزال سارية المفعول والمسيرات الإسرائيلية تحلق في سماء الجنوب وتنفذ غارات على المواقع التي تشتبه بوجود عناصر لحزب الله فيها".
العميد المتقاعد وهبه قاطيشا يشير لـ"المركزية" الى أن الجيش الإسرائيلي استحدث "خط ماجينو" جديد من خلال القرى المتاخمة للحدود وذلك بهدف دخول الجيش اللبناني لكن بمؤازرة قوات اليونيفيل حتى يتولى أحد العسكرين التفاوض مع الجيش الإسرائيلي لإخلاء الموقع والسماح للجيش اللبناني الدخول إليها. وهذا ما يفترض أن يكون عليه الوضع في الـ60 يوما المحددة في الهدنة. لكن إذا لاحظ الجيش الإسرائيلي وجود حركة غير طبيعية أو في حال رصد أي حركة لعملية نقل سلاح او مقاتلين في منطقة جنوب الليطاني يبلغ الجيش اللبناني وفي حال لم يتعاط مع الأمر بالسرعة المطلوبة يسمح للجيش الإسرائيلي بقصف الموقع .
جدير ذكره ان "خط ماجينو" هو نموذج للتحصينات الدفاعية الثابتة وقد اعتمدته فرنسا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى كاستراتيجية دفاعية سلبية لوقف تقدم القوات الألمانية المهاجمة، ما يسهل قيام القوات الفرنسية المدافعة بتوجيه ضربات مضادة إليها وسحقها.
ما تريده إسرائيل وتسعى إليه هو الحصول على ضمانات بأن حزب الله لم يعد قريبا من الحدود. فهل تكون المنطقة العازلة هي الضمانة المستدامة؟
يؤكد قاطيشا أن اتفاق وقف إطلاق النار لا يعني أن الحرب انتهت وقد يكون مشروع التمدد الجغرافي نحو المنطقة العازلة مجمدا في انتظار هدنة الـ60 يوما وفي حال تمادى حزب الله وأطلق صاروخا نحو شمالي إسرائيل آنذاك لكل حادث حديث لكن أشك أن يقدم الحزب على خطوة مماثلة لأنه تلقى ضربة قوية ولا مصلحة له بتكرار ما فعل وأصابه، يختم قاطيشا.
مدير "المركز الجيوسياسي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا" الدكتور نوفل ضو يوضح لـ"المركزية" أن القرار 1701 يسعى لجعل كل لبنان "مساحة نظيفة" بعد تفكيك كل البنى العسكرية وما له علاقة باللوجستيات وأن مفهوم "المنطقة" العازلة وُجد خلال الحرب وكانت تستخدم خلال العمليات العسكرية . اليوم اختلف الأمر. ويلفت إلى "أن تهديدات إسرائيل بمنع عودة السكان إلى المناطق الحدودية مردها إلى استكمال عملية البحث عن جيوب عسكرية تابعة لحزب الله "وتنظيفها" علما أن هذا الأمر لا يدخل في بنود وقف إطلاق النار. لكن الفريق المنتصر ينفذ ما يريد في المفهوم العسكري".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|