عربي ودولي

شاشات إسرائيلية تستضيف معارضين سوريين من إدلب!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ظهر ناشطون وصحافيون معارضون من إدلب تحديداً، على شاشات إسرائيلية، بشكل غير مسبوق للحديث عن تطورات المعركة المفاجئة في شمال البلاد، بعد سنوات من ظهور شخصيات سورية تروج لـ"التطبيع الإعلامي" وتقبل بظهورها في الإعلام الإسرائيلي لكونها تنسجم عموماً مع الليبرالية الغربية وتقيم خارج سوريا، من أمثال كمال الليبواني وهيفي بوظو، وغيرهما.

وكانت أحدث استضافة من هذا النوع في الساعات الماضية، خروج الناشط عبد الكريم العمر على شاشة التلفزيون العبري الرسمي "مكان"، في مقابلة مدتها 8 دقائق، ليتحدث عن تطورات عملية المعارضة في سوريا. وبدأ العمر حديثه بالتنويه أنه موجود في الطرف الشرقي لإدلب.

وركز مذيع "مكان" على أسئلته على نقاط محددة منها معرفة الفصيل الرئيسي الذي يقود عملية المعارضة للسيطرة على حلب ومناطق في إدلب وغيرها، في إشارة ضمنية إلى "هيئة تحرير الشام" التي فكت ارتباطها شكلياً بتنظيم "القاعدة" قبل نحو عشر سنوات، ليجيبه العمر بأن كل الفصائل حاضرة في غرفة العمليات، ولا سيطرة لفصيل معين على قيادة العملية، منوهاً لإشارات طمأنة من المعارضة للأقليات والجميع في الداخل، وأيضا إلى الخارج بوصفها "عامل استقرار إقليمي".

وطرح مذيع النشرة المسائية في التلفزيون العبري، سؤالاً انتهازياً بشأن تسهيل الحرب الإسرائيلية على "حزب الله" في لبنان، و"إضعافه"، لعملية المعارضة السورية، لكن العمر سارع إلى نفي وجود أي علاقة أو رابط بين الأمرين، بقوله "لا علاقة بين ما يحدث في لبنان وما يجري في سوريا".

رغم ذلك، لم يتردد العمر في طمأنة إسرائيل، ولو ضمنياً، في معرض تعليقه على ما قاله المذيع بشأن متابعة إسرائيل للتطورات السورية بـ"حذر شديد"، بدعوى الخشية من اقتراب "الفوضى وقوى إرهابية من حدود إسرائيل". ورد العمر بالقول أنه "لا توجد في فصائل الثورة قوى إرهابية. وإنما حزب الله والنظام السوري والميليشيات الإيرانية وداعش"، محاولاً تقديم فصائل المعارضة في صورة "عامل استقرار للمنطقة. لا إشعالها".

العمر: لم أكن أعلم أنني على قناة إسرائيلية!

وعند انتهاء المقابلة التي بلغت مدتها 8 دقائق، كان غريباً التبرير الذي قدمه العمر، عند مراجعته بخصوص اللقاء،  بالقول أنه "لم يعلم أنها إسرائيلية وتعرض لخديعة"، على حد تعبيره.

ثم كتب العمر منشوراً عبر صفحته الشخصية في "فايسبوك"، مقدماً اعتذاره عن ذلك، بدعوى أنه كان يعتقد أنها قناة عربية. وروى العمر في منشوره أن "صديقاً تواصل معه للمشاركة على قناة تلفزيونية عربية للحديث عن تطورات الشمال السوري، اسمها القدس 48".

والحال أنه لا يوجد في أراضي 48 أي قناة يُطلق عليها هذا الاسم، كما أن العمر واصل اللقاء حتى نهايته، رغم أن الأسئلة المطروحة عليه كانت واضحة وتظهر أن القناة إسرائيلية. وقال مصدر صحافي من إدلب لـ"المدن" انه على إثر لقاء العمر مع القناة الإسرائيلية، تم التعميم على الناشطين والصحافيين في إدلب، بالحذر من التعاطي مع قنوات إسرائيلية، ناطقة باللغة العربية، من دون وجود بيان رسمي بهذا الخصوص بعد.

المقاتل سهيل حمود أيضاً!

ومهما كانت رواية العمر، فإن النتيجة واحدة، وهي أن هذه النوعية من مقابلات لناشطي ومقاتلي المعارضة مع قنوات عبرية، يستغلها النظام السوري وحلفاؤه، لتثبيت الدعاية الرسمية الرامية إلى وسم المعارضة بـ"العميلة"، وأن العملية التي شنتها أخيراً للسيطرة على حلب وغيرها "مدعومة إسرائيلياً"، وهو أمر تنفيه المعارضة وتؤكد أن دوافعها "وطنية سورية"، وهدفها التخلص من "ظلم النظام"، وعودة النازحين إلى بيوتهم وومتلكاتهم بعد سنوات من الغياب القسري.

والواقع أن عبد الكريم لم يكن المعارض الوحيد الذي خرج من سوريا على قناة إسرائيلية أخيراً، بل واظب مراسل قناة "كان 11" للشؤون العربية، روعي كيس، على استضافة معارضين من الداخل السوري في الأيام الأخيرة، وكان أبرزهم أحد المقاتلين المشاركين في عملية السيطرة على حلب، سهيل حمود،  والمعروف بلقب "صياد الدبابات"، حيث خاطب الإسرائيليين في تسجيل صوتي، لطمأنتهم من "المعارضين الإسلاميين"، بقوله أن الإسرائيليين "يجب أن يخشوا من بشار الأسد وإيران وحزب الله وليس منا، فأنتم تعرفون سلوك إيران وبشار الأسد الذي يتصرف بقوة أشد من الإسلاميين".

إسرائيل لا تثق بالإسلاميين

وواكب كيس، النشر عن تطورات الميدان السوري، كما لو أنه موجود في أرض المعركة، بنسب الأخبار إلى ما يصفها بـ"مصادر سورية موثوقة"، للإيحاء بقدرته على الوصول إلى المستجدات هناك أولاً بأول.

ولفهم أكبر لعقلية إسرائيل بعيداً عن المناكفة الدائرة بشأن ما سُمي بـ"تطبيع إعلامي من معارضين سوريين إسلاميين"، فإن إسرائيل تنظر بحذر شديد إلى الجناح الإسلامي للمعارضة، رغم "رسائل الطمأنة عبر بعض مقاتليها"، لأن تل أبيب تعتقد أن هؤلاء الإسلاميين يتبنون النظرية "الميكافيلية"، أي أن "الغاية تبرر الوسيلة"، بمعنى أن تل أبيب تتعامل مع فرضية أن هذه المعارضة تبعث الآن رسائل "طمأنة" لإسرائيل "تحت عنوان العدو المشترك"، حتى التمكن من السيطرة الكاملة من دون إعاقات، وبعد ذلك تنتهج سياسة "معادية نحو إسرائيل"، كما حصل في تجارب سابقة. فإسرائيل "لا تثق بالإسلاميين.. حتى لو هادنت معهم أحياناَ".

ولعلّ هذا ما يمكن استنتاجه أيضا من تغريدة نشرها كيس في موقع "إكس، دعا فيها إلى الحذر من المعلومات التي تخرج من سوريا، مشيراً إلى أنه بحكم "تجربته" في تغطية للمشهد السوري، فإن كثيراً من "التضليل والأكاذيب" يصدران من "المعارضة والنظام السوري معاً".

وتشهد سوريا، من ناحية الخطاب الدبلوماسي والإعلامي، باستمرار تجاذباً حول فكرة مَن يمثل المقاومة الحقيقية ضد إسرائيل، بين الموالين والمعارضين، وتصبح تهمة العمالة لإسرائيل واحدة لدى الطرفين. فالموالون يتهمون المعارضين بتنفيذ مخطط صهيوني في البلاد. أما المعارضون فيتهمون النظام بالتواطؤ مع إسرائيل والتقارب معها في السر مقابل التصريحات العلنية التي تدعي الممانعة والمقاومة. لكن على الصعيد الشعبي في مواقع التواصل، الموالية والمعارضة على حد سواء، يبدي السوريون تعاطفاً مستمراً مع القضية الفلسطينية وينظرون إلى سوريا الأسد وإسرائيل كوجهين لعملة واحدة، بوصفهما نظامين سياسيين يقومان على العنصرية ويمارسان جرائم ضد الإنسانية بطرق مختلفة.

إسرائيل تقايض الأسد وروسيا؟

ويُلاحظ أن الدولة العبرية تحاول فهم ما يدور في عقلية المعارضة السورية، وفي الوقت نفسه تسعى إلى استغلال تطورات المشهد السوري، لمقايضة النظام السوري وروسيا، في ضوء تسريبات إعلامية تحدثت عن تقديم إسرائيل عرضاً لروسيا، بالتوسط بينها وبين واشنطن في المسألة الأوكرانية، وأمور أخرى، مقابل أفعال من موسكو وبشار الأسد في الموضوع الإيراني، ومنع نقل أسلحة إلى حزب الله في لبنان.

يقود ذلك إلى فهم العقلية الإسرائيلية في النظرة إلى المعارضة والنظام منذ العام 2011 مع بقاء تل أبيب على الحياد عموماً، حيث يستند "منطق" إسرائيل إلى "الارتياح" أكثر لبقاء النظام السوري، تحت عنوان "مَن أعرفه أفضل مما أشك فيه"، لكنها تريد في الوقت نفسه توظيف التطورات الميدانية في سوريا، كعامل ضغط على نظام الأسد وداعمته روسيا، من أجل فتح "حوار" أساسه مقايضة ملفات متعددة، وصولاً إلى تحقيق المصلحة الإسرائيلية، ولو بعد حين.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا