العدالة القضائية لمحاسبة مجرمي الحرب "الفارين" إلى لبنان...الحزب لا يحمل تبعاتهم
كما في سوريا كذلك في لبنان. صحيح أن لعنة الجغرافيا تفسّر إلى حد ما مدى انخراط لبنان بكل ما يصيب "جاره" السوري، لكن المنطق الدولي ومفهوم الحياد بات ضروريا في مسألة تتعلق بتحول لبنان إلى "مخبأ" لرجالات النظام السوري بعدما فرّ رئيسه بشار الأسد إلى روسيا.
سقط نظام بشار الأسد وكان "اليوم المجيد" في لبنان لكن لساعات معدودة. فـ"رجالات" النظام والمخابرات السورية وعدد من القياديين الأمنيين تمكنوا، على ما تردد ،في ظل الفوضى التي سادت على الحدود اللبنانية من خلع بزة النظام الملطخة بدماء آلاف المعتقلين المعارضين السوريين واللبنانيين في السجون السورية، وارتدوا الزي المدني ومنهم من تخفى بملابس نسائية ودخلوا خلسة. أما كبار القادة والأمنيين فدخلوا بتسهيلات ، وتوزعوا على فنادق بيروت والضاحية الجنوبية"، وأبرزهم علي مملوك، المطلوب للعدالة اللبنانية بتهمة الإرهاب، وعائلة ماهر الأسد قائد الفرقة الرابعة وعائلة رامي مخلوف. فهل تتحمل الدولة اللبنانية تعريضها لعقوبات دولية والأهم فتح صفحة سوداء مع حكومة سوريا الجديدة؟
مدير شبكة تدمر الإخبارية محمد حسن العايد يقول أن مسألة إدخال قياديين أمنيين تابعين للنظام السابق عن طريق معبر المصنع يعرّض الدولة اللبنانية للمساءلة والعقوبات والدخول في أزمة ديبلوماسية. ويلفت العايد الى أن السلطات الأردنية أقفلت حدودها ومنعت دخول أي نازح سوري وأي من القياديين الفارين .
معلومات كثيرة تم تداولها عن دخول اللواء علي مملوك المتهم بعمليات إرهابية وأبرزها تفجير مسجدي "التقوى والسلام" في طرابلس وذلك بتسهيل من حزب الله وهو يختبئ في إحدى الشقق في الضاحية الجنوبية ويحظى بحماية من الحزب. كذلك الأمر بالنسبة إلى عائلة رامي مخلوف الموجودة في أحد فنادق بيروت الكبرى "هؤلاء مصنفون كمجرمي حرب، ومطلوبون أمام العدالة الدولية فكيف تتحمل الدولة اللبنانية عبء هؤلاء المجرمين وتبعات عملية إيوائهم وحمايتهم؟ ويشير العايد"حتما ليست مسألة إنسانية لأنهم أبعد ما يكون عن مفهوم الإنسانية. فلماذا وضع لبنان نفسه أمام واقع أمني جديد لا يُحسد عليه؟ وكيف سيواجه الشعب السوري الأقرب إليه اليوم بعد تحرره من نظام الأسد ؟ هل لدى الدولة اللبنانية الأجوبة في حال المساءلة؟. المطلوب من الحكومة اللبنانية تسليم هؤلاء المطلوبين والمتورطين بجرائم إرهابية وإنسانية إلى قيادة العمليات العسكرية في سوريا الجديدة وحكومتها الإنتقالية برئاسة محمد البشير وإلا فإن سجل العلاقات الجديدة مع سوريا سيفتتح بمساءلة وسيضع الدولة أمام مأزق".
وإذ يلفت العايد أن لبنان "في غنى عن كل المشاكل التي ستترتب على إدخال السلطات الأمنية وحزب الله قياديين مطلوبين من العدالة الأرضية والسماوية، يؤكد بأن لبنان سيورط نفسه سياسيا مع "الجار" هالجديد وسيؤدي إلى خلق فتن داخلية في وإحداث فوضى، علماً أنها بدأت منذ احتواء أمراء الحرب في وقت كنا نتوقع أن ينأى بنفسه عن كل ذلك".
مطمئنا الى عدم "استعمال" حزب الله للقادة الأمنيين التابعين للنظام السوري السابق واعتبارهم ورقة ضغط كون الحزب ومجرمي الحرب باتوا الحلقة الأضعف في المعادلة السياسية الدولية، إلا يلفت العايد الى أن مصلحة حزب الله اليوم تقضي بفتح صفحة جديدة مع دولة سوريا الحرة "لكن أعتقد أن هذا الموضوع غير وارد لأن مصلحة الحكومة الانتقالية تتمثل في فتح علاقات مع لبنان الدولة وليس مع دويلة ميليشات" يختم العايد.
قانونا يشير المحامي يوسف لحود أن في حال لم يُبلَّغ لبنان رسميا من قبل الإنتربول أو اي مرجع قضائي دولي بوجود حكم على هؤلاء القياديين أو سواهم الذين تم إدخالهم إلى لبنان، فهذا لا يرتب على الدولة اللبنانية شيئا. وفي حال العكس يفترض أن تعمم منظمة الإنتربول المذكرة، وعليه يتم النظر في امر تسليمهم أم لا وكونهم غير لبنانيين فالمسألة سهلة.
ويضيف لحود" في حال صدور مذكرات التبليغ بعد دخولهم الأراضي اللبنانية يتم استجوابهم بناء على مذكرة توقيف دولية ويتم تسليمهم إلى المرجع القانوني ".
قد لا تحتاج جرائم قياديين وأمنيين تابعين لنظام بشار الأسد إلى مذكرات تبليغ دولية لتصنيفهم ب"مجرمي حرب" ومحاكمتهم. فجرائمهم الموثقة عبر شهادات معتقلين سوريين ولبنانيين خرجوا إلى الحرية بعد سقوط نظام الأسد كافية للحكم عليهم .لكن يبقى للقانون كلمة الفصل .
المنسق العام للحملة الوطنية لإعادة النازحين السوريين النقيب مارون الخولي يعتبر أن من الأجدى أن يتقدم المتضررون بشكوى أمام المحاكم اللبنانية بحق هؤلاء القياديين ورجال المخابرات الذين "أدخلوا" إلى لبنان عن طريق معبر المصنع أو سواه من المعابر غير الشرعية ليصار إلى تصنيفهم "قانونا كمجرمي حرب وبالتالي إصدار مذكرات توقيف بحقهم لمحاكمتهم". ويؤكد أن "من العبث الركون إلى أي كلام صادر عن أي مسؤول سياسي أو أمني حول عدم دخول قادة أمنيين ورجال مخابرات سوريين إلى لبنان. فقبل سقوط النظام كان النازح السوري الفقير يدخل عبر المعابر الشرعية بعد دفع مبالغ مالية تراوح بين 150 و200 دولار . فكيف الحري بهؤلاء القياديين الذين يملكون أموالا وباسبورات مزورة؟".
وتمنى الخولي على نواب المعارضة مساءلة وزيري الداخلية والدفاع ولجنة الدفاع "علما أن وزير الداخلية اتخذ الإجراءات المناسبة وكذلك قيادة الأمن العام لجهة التشدد في الرقابة على المعابر البرية لكن حصل ذلك بعد فوات الأوان. كذلك يجب تشكيل لجنة تحقيق دولية لتقصي الحقائق ومتابعة هذا الملف، عدا ذلك لا شيء يفيد".
الخشية اليوم لا تتوقف على الفوضى والفتنة المرجح وقوعها في حال تحركت خلايا بأمرة من هؤلاء القياديين الأمنيين السوريين بمعية حزب الله" إنما على المستوى الديبلوماسي بين لبنان وسوريا. ويقول الخولي" من أبرز التداعيات المتوقعة في حال التأكد من إيواء قياديين تابعين للنظام السوري السابق وقوع فتنة بين الحكومة السورية الإنتقالية المؤلفة من فصائل معارضة والحكومة اللبنانية ،أيضا هناك أرجحية فرض عقوبات دولية على لبنان وهو غير قادر على تحمل تبعات كهذه سيما وأن الحكومة عاجزة عن منحهم أي لجوء سياسي ، وآخر التداعيات وليس أخيرها المواجهة المحتملة مع منظمات حقوق الإنسان وتوصيف لبنان ببلد الإرهاب ".
إذا التداعيات كارثية في حال تبنى لبنان مسألة حماية قياديين وسياسيين متهمين بالإرهاب "من هنا أهمية التقدم بشكوى أمام المحاكم اللبنانية من قبل قانونيين ومنظمات حقوق الإنسان. وفي حال عدم امتثالهم يصار إلى إصدار مذكرات بحث وتحري ونشر صورهم .وفي ما خص الحصانة التي يتمتعون بها من قبل عناصر ومسؤولين في حزب الله يختم الخولي" لا أعتقد أن الحزب مستعد لأن يتحمل تبعات هذا "اللجوء" وتأمين الحماية لهم بعد اليوم".
المركزية - جوانا فرحات
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|