سيصبحون أثرياء.. الأبراج الأكثر حظًا في الـ2025 بحسب العرافة البلغارية بابا فانجا
دمشق..الانفتاح العربيّ على إيقاع أميركا وتركيا
أيّ مسار ستشهده عودة سوريا إلى “الحاضنة العربية”، التي استهزأ بها بشار الأسد خلال القمّة العربية في جدّة عام 2023؟ حينها قال للقادة العرب، الذين قرّروا عودته إلى مقعده معهم حول الطاولة، إنّه هو حضن العروبة. فالدول العربية المعنيّة بسوريا تجتمع اليوم في الأردن لبحث أوضاع بلاد الشام.
بين التحدّيات الهائلة، التي تواجه الدول المعنيّة بسوريا ومهمّات حكّامها الجدد، كيفية التعاطي مع توسّع الاحتلال الإسرائيلي. فالمؤقّت الإسرائيلي يعني التمهيد للدائم. والتجارب تحتّم أخذ المخاوف من اقتتال سوري داخلي على محمل الجدّ. ومستشار البيت الأبيض للأمن القومي جيك سوليفان تحدّث عن أنّ سوريا تواجه التقسيم.
ليست مبالغة اعتبار أنّ الشعار، الذي ابتدعه حافظ الأسد في التسعينيات عن “وحدة المسار والمصير” بين لبنان وسوريا، ينطبق عليهما اليوم. إنّه تطابق مقلوب هذه المرّة. وبدلاً من أن يكون وسيلة لإحكام سيطرة سوريا بإجازة عربية أميركية، (وبعدها إيران) على القرار اللبناني، باتت الولايات المتحدة صاحبة القرار. لكنّ النتيجة إعطاء أميركا إسرائيل حرّية الحركة العسكرية حيال كلّ منهما. ويطرح التحدّي على الدول العربية في شأن ما تنويه لترتيب أوضاعهما، من المرحلة الانتقالية للحكم… إلى مصير المفقودين، وصولاً إلى إعادة الإعمار.
إعادة تكوين السّلطة في سوريا ولبنان
في البلدين تتشابه التحدّيات، في ظلّ مشروع لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، على الرغم من فروقات التركيبة الاجتماعية:
– تغرق دمشق وبيروت في أزمة إعادة تكوين السلطة. الفراغ الرئاسي فيهما يفترض أن يقترن ملؤه بإصلاحات جذرية تتطلّب طبقة سياسية جديدة لتنفيذها تشير إلى مستقبلهما. ومع أنّ إصلاحات سوريا جذرية أكثر وتتعلّق بالدستور وطبيعة النظام، وفي لبنان المطلوب تطبيق الدستور القائم، فإنّ هويّة الرئاسة والحكومة فيهما ستشير إلى الكثير. لأنها ستحدّد استعدادات المجتمع الدولي – العربي لإنقاذ اقتصادَيهما المتهالكين.
مشروع إسرائيل للبلدين
– البلدان يشهدان استمراراً وتوسّعاً لاحتلال إسرائيل لأراضٍ حدودية. في لبنان تغضّ واشنطن النظر عن خرق إسرائيل اتفاق 27 تشرين الثاني لوقف النار. وعلى الرغم من دخول الجيش مدينة الخيام تطبيقاً للاتفاق قبل 3 أيام (تأخّر تنفيذه 14 يوماً)، عاد الجيش الإسرائيلي ليقصفها فقتل وجرح مواطنين. جرى ذلك بإشراف قائد القيادة الأميركية المركزية الجنرال مايكل كوريلا، خلال زيارة خاطفة لبيروت وإسرائيل ودول المنطقة. وأمس أنذر أفيخاي أدرعي مجدّداً الجنوبيين بعدم الانتقال إلى زهاء 60 قرية.
في سوريا تحتلّ إسرائيل جبل الشيخ والمنطقة العازلة (أكثر من 7 قرى) بين الجولان المحتلّ ومحافظة القنيطرة وتطرد سكّان قريتين. ودمّرت في 48 ساعة كلّ سلاح الطيران والبحرية والقدرات المدفعية والصاروخية للجيش السوري… والحجّة تدمير ما خلّفته إيران في المستودعات، التي كان يمكن استهدافها في الأشهر الماضية.
“محاربة الإرهاب” حجّة بقاء الاحتلالات
– برّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، كما فعل في غزة ولبنان، الاحتلال الإسرائيلي في سوريا بأنّه “مؤقّت”. قال إنّه “لضمان ألّا تقع المعدّات العسكرية التي تركها الجيش السوري في أيادي إرهابيين”. لكنّ وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أصدر أوّل من أمس أمراً للجيش دعاه فيه إلى البقاء طويلاً في جبل الشيخ.
تترك واشنطن لبنيامين نتنياهو أن يرسّخ سيطرة جيشه على ما بات معروفاً بأنّه شريط عازل يمتدّ من القنيطرة إلى جبل الشيخ وصولاً إلى دير العشائر التي يتقاسم لبنان وسوريا أراضيها نزولاً نحو الحافة الحدودية في جنوب لبنان، وصولاً إلى الناقورة. الهدف في لبنان إبقاء قدرتها على دخول قراها الذي شرّعه اتّفاق وقف النار في بنده الرابع الذي يعطّي إسرائيل “الحقّ الأصيل في الدفاع عن النفس”… أعطى الاتّفاق هذا الحقّ للبنان المهيض الجناح أيضاً. فلا الجيش قادر على ممارسته، ولا المقاومة (“الحزب”) يمكنها الردّ على الانتهاكات. يكفيها خسائرها الكبرى، والكارثة التي حلّت بجمهورها، وسقوط “وحدة الساحات”.
أُعطي هذا “الحقّ” للأقوى، أي إسرائيل. أمّا سوريا فمشغولة عن ردّ الاحتلال الجديد بانتقال السلطة.
الإدارة الأميركيّة للميدانَين
– تدير أميركا جبهتَي لبنان وسوريا مع إسرائيل. في الأولى من خلال رئاسة الجنرال الأميركي غاسبر جيفرز للجنة مراقبة اتّفاق وقف النار الخماسية. بدا أنّ تأخير اجتماعها من 27 تشرين الثاني إلى 10 كانون الأوّل جاء على وقع انتظار وصول الحملة العسكرية لـ”هيئة تحرير الشام” إلى دمشق. أي أنّ تنفيذ القرار الدولي 1701 يتوقّف على المعادلة التي ستستقرّ عليها سوريا. أمّا في سوريا فيتدخّل العسكريون الأميركيون لتنظيم السيطرة على مدينة منبج بين قوات “قسد” و”إدارة العمليات المشتركة” لمصلحة المعارضة، وكذلك السيطرة على مدينة دير الزور وتولّي “الهيئة” الحدود بين سوريا والعراق.
لا تقتصر أوجه التشابه في “مسار ومصير” البلدين على ما ذُكر أعلاه. حتى الفروقات في أحدهما تنعكس على الثاني. رموز الاحتلالات الأربعة في سوريا: إسرائيل، روسيا، تركيا وأميركا، ومعها التحالف الدولي ضدّ “داعش”، تُردّد بأنّ وجودها في بلاد الشام هو لمحاربة الإرهاب. أما الاحتلال الخامس الذي سُحبت قوّاته، لتأمل إيران الاحتفاظ بالمكاسب السياسية الاقتصادية التي حازها بتسهيل من بشار، ويقول مسؤولو طهران إنّهم مستعدّون لمساعدة سوريا على محاربة الإرهاب. والمرشد علي خامنئي قال: “مخطّطو أحداث سوريا لن يحقّقوا أهدافهم”… أي إنّ كلّ من هذه الدول يحجز لنفسه حجّة إفلات مجموعات إرهابية سبق أن وظّفتها في “داعش” وغيرها لتبرّر وجودها العسكري على الأرض السورية. وإذا قرّرت دولة ما الاستثمار في “داعش” فإنّ لبنان قد لا ينجو من ذلك.
تدرّج الدّور العربيّ: انتظار تراجع إيران
المواكبة العربية لاندفاعة المعارضة العسكرية بقيت محدودة بعدد من الدول، مثل الأردن وقطر (بتنسيق مع راعية التحرّك العسكري) ودول خليجية أخرى. فضّل قادة الدول المؤثّرة الإبقاء على مسافة من المجريات الميدانية، فتدرّج الاهتمام العربي كالآتي:
1- القمّة الخليجية في الكويت في 1 كانون الأوّل تجنّبت في بيانها التطرّق إلى معارك سوريا، حتى إنّ بعض التصريحات نفى بحث أزمتها، بعد مضيّ 3 أيام على انطلاق العملية العسكرية.
2- الدول الخليجية الرئيسة اقترحت إلغاء اجتماع الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، الأحد الماضي في 8 كانون الأول. سبب التأجيل انتظار اتّضاح الوضع الميداني من جهة، والتشاور مع الدول الراعية للتحرّك العسكري، وتحديداً الولايات المتحدة وتركيا والأردن… وغيرها من جهة ثانية. فالجانب العربي كان يترقّب إضعاف الدور الإيراني في سوريا ولبنان.
اللّجنة السّداسيّة ورسالة ملك البحرين
3- استبدلت الدول العربية الفاعلة باجتماع الجامعة آخرَ مصغّراً للّجنة الوزارية السداسية المنبثقة من قمّة جدّة 2023 في شأن سوريا، يُعقد اليوم بدعوة من الأردن. وتضمّ اللجنة، إلى وزير خارجيّة الأردن، وزراء السعودية، مصر، العراق، لبنان والأمين العامّ للجامعة العربية. أمام اللجنة تحدّي المساهمة في رسم مستقبل سوريا بالعلاقة مع وزيرَي خارجية أميركا، تركيا، ممثّل الاتّحاد الأوروبي، والموفد الدولي غير بيدرسون، الذين ستجتمع بهم.
4- رافقت الدعوة، بعد زيارة أنتوني بلينكن عمّان، رسالة وجّهها ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، بصفته رئيساً للقمّة العربية، إلى “القائد العامّ لغرفة التنسيق العسكري أحمد الشرع” (الجولاني سابقاً) في سوريا. وإذ وزّعت قيادة “إدارة العمليات العسكرية” نصّ الرسالة، فإنّها عبّرت عن “سعادة” الملك البحريني بلقاء “إدارة الشؤون السياسية” التابعة لحكومة الإنقاذ برئاسة محمد البشير السفراء المقيمين في دمشق، معتبرةً أنّها “سياسة حكيمة”. ونصّت الرسالة على الاستعداد “للتشاور المستمرّ معكم وتقديم الدعم في المنظّمات الإقليمية والدولية… ولاستعادة سوريا دورها الأصيل في الجامعة العربية”.
اشتراط إخراج إسرائيل من سوريا
5- تزامن ذلك أوّل من أمس الخميس مع شكر “إدارة الشؤون السياسية” لحكومة الإنقاذ 8 دول على استئناف عمل بعثاتها الدبلوماسية في دمشق. هذا بالإضافة إلى زيارة وفد تركي رفيع ضمّ مدير المخابرات إبراهيم كالين.
اعتماد التدرّج في الانفتاح العربي، وهاجس ملاءمته مع الموقف الدولي، لا سيما الأميركي، قد يتطلّبان الكثير من التخطيط لسوريا الجديدة والتحدّيات التي تواجهها. وأبرز تحدّيات ملء الفراغ الذي خلّفه الانكفاء الإيراني، سعي إسرائيل إلى ملئه، مع ما يحمله ذلك من خطورة. فهل تضمّ الدول العربية شرط الانسحاب الإسرائيلي من المناطق التي احتلّتها ومن الجولان إلى شرطها قبول إسرائيل بحلّ الدولتين في فلسطين، من أجل التطبيع معها؟
وليد شقير-اساس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|