الصحافة

الجيش أمام تحدٍ كبير: استعادة الدولة من الدويلة!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لا شيء يقلق “حزب الله” اليوم أكثر من الالتفاف الوطني حول الجيش اللبناني حتى من قلب الطائفة الشيعية الكريمة بعدما ذاقت الأمرين من حكم دويلة “الحزب”، ولا شك في أن الأنظار المحلية والدولية تتجه نحو الجيش الذي أوكلت إليه مهمة تنيفذ القرار 1701 مع آلية تطبيقية لا يُمكن أن يتخلّص منها “الحزب” بسهولة، ما سيعرّضه مجدداً لمواجهات مع اسرائيل.

عادة السلاح غير الشرعي يقتات من الفوضى وكل ما يصب في خانة استعادة مقوّمات الدولة يسبّب له قلقاً وانزعاجاً، هذا ما يحصل حالياً، عبر حملة منظّمة يشنها “الحزب” على الجيش اللبناني وقائده من أجل حرف الأنظار عن الخسائر التي مني بها خلال الحرب، حتى أطلق العنان لبعض المحللين الذين يدورون في فلكه للتسويق لفكرة انشقاق داخل المؤسسة العسكرية في حال تسلّمت زمام الأمور ومخاطر دفع الجيش إلى صدام مع “الحزب”.

لا شك في أن “الحزب” يلجأ إلى هذه الوسائل كلّما شعر أن الدولة تستعد لتلتقط أنفاسها وتحاول أن تبني مؤسساتها، وهدفه اليوم ضرب الجيش بكل الطرق الممكنة، وهو يستعد للبدء بمرحلة جديدة عبر تنفيذ القرار 1701 والانتشار في الجنوب، ويرى “الحزب” نداءات التطوّع وزيادة عديد الجيش، وهذا ما يهدد مبررات بقائه ومصادرته حق الدفاع عن لبنان.

لا يختلف اثنان على أن الجيش أمام تحدٍ كبير، وهو يعاني مثل كل اللبنانيين من “مياعة” السلطة السياسية وفسادها من جهة وخوفها من “الحزب” من جهة أخرى، من هنا لا يوفّر قائد الجيش العماد جوزيف عون فرصة للقاء المسؤولين السياسيين الرسميين والاستحصال على تفويض منهم يسمح للجيش بالقيام بدوره، لذلك اندفع بسرعة لتلبية دعوة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للمشاركة في جلسة حكومية ستعقد في أرض الجنوب وتحديداً في منطقة صور، سيضع فيها الوزراء بالخطوط العريضة لخطة انتشار الجيش على الحدود تطبيقاً لبنود وقف إطلاق النار.

ويلفت عميد متقاعد في الجيش إلى أن مهمة الجيش لن تكون سهلة، إذ يُطلب إثبات وجوده بين سيف إسرائيل وجدار “الحزب”، وقد آن الأوان ليقوم الجيش بدوره الحقيقي على كامل الأراضي اللبنانية، لأن دوره في الأساس ليس أن يكون هيئة اجتماعية أو صليباً أحمر، علماً أن مصادرة “الحزب” لدور الجيش جعلت يديه مقيدتين طوال هذه الفترة، معتبراً أنه الأكثر قدرة على مواجهة اسرائيل، فيما أثبت الواقع فشل “الحزب” وضعفه أمام التفوّق التكنولوجي للجيش الاسرائيلي، وباتت ذرائعه واهية.

في المقابل، التزمت الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار 1701 مع البنود التطبيقية بما فيها تفكيك البنية العسكرية العسكرية لـ”الحزب” في جنوب الليطاني وشماله، وأوكلت إلى الجيش هذه المهمة، وقد بدأ خطواته الأولى في الانتشار هناك بالتعاون مع “اليونيفيل”.

ويوضح العميد المتقاعد أن الجيش يضم 80 ألف عنصر منتشرين على كل الأراضي اللبنانية، لكن المهمة الجديدة في الجنوب تفرض على الحكومة فتح باب التطوّع لتجنيد ما لا يقل عن 1500 جندي ليصبح عدد الجيش في الجنوب ما لا يقل عن 100000، وهذا يعني أعباء مالية أكبر، فيما الجيش كان يعاني اقتصادياً ولولا مساعدات بعض الدول ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية، لكان أدى ذلك إلى انهياره. ويبدو أن الحكومة موعودة بمساعدات مالية وتسليحيّة للجيش من الدول الأوروبية وواشنطن، وربما من الدول العربية.

على خطٍ مواز، وافق “الحزب” على تطبيق القرار 1701 وأعرب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم عن استعداده للتعاون الكامل مع الجيش، ويشير العميد المتقاعد الى أن “هناك خوفاً من أن تتكرر تجربة ما بعد حرب تموز 2006، بحيث يصبح تطبيق القرار 1701 حبراً على ورق، علماً أن اسرائيل تراقب تنفيذ الاتفاق بشدة وهناك مهلة 60 يوماً لإتمام الاجراءات الأساسية، لذلك هامش تفلّت الحزب من الاتفاق أو الإنقلاب عليه سيكون مكلفاً عليه، وربما يؤدي إلى استكمال الحرب الاسرائيلية التدميرية”.

يُقال إن أهمية الجيش لا تكمن في قوة سلاحه، إنما في شرعيته وتوحّد اللبنانيين حوله، لكن هذا لا ينفي الضعف في تسليحه، وهذه الورقة كانت تستخدمها “الممانعة” قبل الحرب للتقليل من فاعلية الجيش، وقد بلغ الإنفاق العسكري للبنان في العام 2023 حوالي 240 مليون دولار، فيما بلغ الإنفاق الاسرائيلي ما يقارب 28 مليار دولار، وفقاً لتقديرات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام!

ويرى العميد المتقاعد أن ما تفتقر إليه القوات المسلحة اللبنانية هو الدفاعات المضادة للطائرات والطائرات المقاتلة، إضافة إلى أن أسلحته ومعداته أصبحت قديمة وتقليدية جداً. وإذا لم تُقدم إلى الجيش أسلحة نوعيّة، فلن يستطيع أن يقوم بكامل مهامه، وستكون هيبته ناقصة لفرض سيطرته على السلاح غير الشرعي، وهذا ما يجب أن تدركه الدول التي ساعدت في إقرار اتفاق وقف إطلاق النار.

ومما لا شك فيه أن الجيش اللبناني سيحتاج إلى ما لا يقل عن 5 مليارات دولار من الأسلحة حتى يتمكن من تولي الدفاع عن البلاد، وفق العميد المتقاعد، وخصوصاً أن لديه ضباطاً وجنوداً ممتازين. أما الـ 200 مليون دولار التي تم التعهد بها في مؤتمر دعم لبنان في باريس في 24 تشرين الأول فليست سوى قطرة في المحيط.

ويبقى العامل الايجابي الوحيد بعد الحرب وبدء الجيش بمهامه، هو الحرص الدولي الكبير على المحافظة على وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701، وتعمل الولايات المتحدة وفرنسا مع اللجنة الفنية العسكرية للبنان لتجنيب الجيش أي معوقات. وتضم هذه اللجنة ممثلين عن الجيوش الأوروبية الشريكة، بما في ذلك فرنسا وإيطاليا، التي ترأس اللجنة.

وليس خافياً على أحد أن المجموعة الدولية الراعية للإتفاق، تريد من “الجيش” تنفيذ مهمته بثبات وسرعة، كي يقطع الطريق أمام اسرائيل لمواصلة حربها في لبنان، لكن الأمنيات شيء والواقع شيء آخر، ويتساءل العميد المتقاعد: ماذا يمكن أن يفعل الجيش إذا كانت السلطة السياسية مهادنة لـ”الحزب” وتخشاه؟

قد يكون هامش اللعبة أصبح ضيقاً، والمسار التطبيقي للقرار 1701 سيدفع الجيش اما الى نزع سلاح “الحزب” بالقوة إذا لم يمتثل أو مواجهة الجيش الاسرائيلي. إلا أن العميد المتقاعد يؤكد أن “مهمة ألوية الجيش المنتشرة في الجنوب هي العمل مع اليونيفيل وليس استخدام القوة. لذا فهي ليست قوة ضاربة، وليست قوة ستعارض إسرائيل، لأن توازن القوى ليس في صالح الجيش اللبناني على الاطلاق في هذه الحالة”.

أما مواجهة الجيش لـ”الحزب”، وفق العميد، فهي وصفة فورية وتلقائية للحرب الأهلية. وتعرف قيادة الجيش أن الأولوية المطلقة هي للاستقرار الداخلي أولاً.

يحتاج الجيش إلى قرار سياسي واضح وجامع وأوامر محددة لإستعادة الدولة من الدويلة، وكلّما أسرع في تنفيذ مهامه، سيُبعد خطر مواصلة الحرب الاسرائيلية ضد “الحزب” في لبنان، وربما نجاحه في الانتشار على الحدود بعد انسحاب اسرائيل سيشكّل رادعاً لها، ويُثبت لـ”الحزب” أنه قادر على حماية لبنان.

لبنان الكبير-جورج حايك

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا