مع سقوط الأسد… الأقليات الشيعية خائفة من “المجهول”
مشهد متناقض يعيشه طريق المصنع اللبناني مع قاسم مشترك بسيط، “الدموع”. دموع الفرح التي يذرفها العائدون إلى وطنهم غير مصدّقين، عند يمين الطريق المتجه إلى سوريا، يحملون بطاقاتهم، أو أوراقهم الرسمية التي عاشت معهم اللجوء والغربة قبل أكثر من عشر سنوات، أما على الشارع المقابل، فالمشهد مختلف، عشرات العوائل السورية توجهت وباتت ليلتها عند الحدود وفي باحة الأمن العام اللبناني، طالبة اللجوء، خوفاً من “المجهول” بحسب ما
يردد أحد الأشخاص المتجهين إلى لبنان من منطقتي النبل والزهراء، في محافظة حلب، شمال سوريا، أو من محيط مقام السيدة الزينب التي تقع في جنوب العاصمة السورية دمشق، وهذه المناطق ذات غالبية شيعية وكانت تخضع لسلطة النفوذ الايراني وحلفائه، ما اضطر العديد من سكانها إلى العمل معهم لضمان حمايتهم وبقائهم في بلادهم.
يتحدّث الرجل الخمسيني وهو يساعد ابنه ذا السنوات العشر للصعود إلى الشاحنة المتجهة إلى لبنان، عن اضطرارهم الى ترك بلدة النبل بعد سيطرة المعارضين عليها، مؤكداً أنهم لم يتعرّضوا لأي مضايقة أو تهديد، إلاّ أنهم فضّلوا عدم البقاء خوفاً من أي ردّ فعل مؤذٍ من فصائل غير منتظمة.
يصف والد الأسرة المؤلفة من ثلاثة أبناء، الخوف الذي عاشوه مع انتشار خبر سقوط النظام، علماً أن النظام نفسه وضعهم تحت رحمة أعوانه لسنوات، فكانوا يعيشون احتلالاً مقنّعاً أشبه بـ “عم بضربك لمصلحتك”.
بات الأخير ليلته عند الحدود، بعدما تأكد أنهم أصبحوا بأمان، مشيراً الى أنه “لم يعد يثق بأحد”. وعند سؤاله إلى أين سيتجه، يجيب: “لا أعلم”، مضيفاً، أنه سيحاول أن يتواصل مع بعض معارفه في لبنان.
أحمد طالب في السنة الثالثة بكلية الهندسة في جامعة دمشق، من الأشخاص الذين تحدّث اليهم موقع “لبنان الكبير”، عند الحدود أثناء استعداده وعائلته للدخول إلى الأراضي اللبنانية، يشير إلى أنها ليست المرّة الأولى التي يتهجّرون فيها، فقبل سنوات خرجوا من كفريا والفوعة، شمال غرب سوريا، في محافظة إدلب، بصفقة سياسية مع جماعات المعارضة المسلّحة التي حاصرت المنطقة لسنوات، فخرجوا من بيوتهم متجهين إلى منطقة السيدة زينب في دمشق، عام 2017.
وبحسب أحمد، كان الخوف دائماً يلاحقهم كونهم من الأقليات، إلاّ أن المنطقة بعد سقوط النظام عاشت حالة من الإرباك، “ما عرفنا شو لازم نعمل”، مؤكداً أن الفصائل الايرانية كانت قد تركت المنطقة قبل أيّام، مصطحبة معها بعض العائلات السورية “الخواص”، ومن دون أن تفصح عن سبب ذلك، ووفق ما يقول: “ظننا أنهم يقومون بعملية تبديل، ولم نشك بنواياهم”.
يوضح الطالب العشريني، أنه صبيحة سقوط النظام، وصل المعارضون إلى المنطقة، وأزالوا كلّ الشعارات والصوّر ذات الطابع الديني والسياسي، ولم يتعرّضوا لأحد، ويضيف: “نحن خايفين من بعدين”، خصوصاً في ظل الفوضى التي تعيشها البلاد، وإنتشار السلاح بصورة مخيفة بين الناس والأطفال. ويلفت إلى أن ظاهرة الثأر بين العوائل عادت لتحيا من جديد، لأسباب شخصية.
يتجه أحمد وأفراد أسرته، إلى مقام السيدة خولة في مدينة بعلبك، بعدما علموا أن العديد من العوائل السوريين توجه إلى هناك، وإلى الحسينيات في البقاع أيضاً، وتحديداً في منطقة النبي الشيت.
أمّا على صعيد علمه ومستقبله، فيؤكد أن “البحث عن الأمان هو الأولوية، لا يمكنني أن أفكر بمستقبلي وأنا لا أجد مكاناً لأبيت فيه”.
وتزامناً مع حالة الضياع التي تعيشها نقطة المصنع، وصلت فرق من منظمات إنسانية لتقديم المساعدات للأهالي، من طعام وأغطية، بعد أن قضى معظمهم ساعات طويلة في الإنتظار ريثما يحصل على ختم للمغادرة نحو المجهول.
وفي السياق، أوضحت المديرية العامة للأمن العام اللبناني في بيان، أن سبب هذا التدفق يعود إلى “غياب الأمن العام السوري عند المركز الحدودي في جديدة يابوس”، مشيرة الى أن “بعض اللاجئين حاول الدخول بشكل غير قانوني ومن دون الالتزام بالاجراءات الأمنية المتبعة من الأمن العام اللبناني”.
وأكدت المديرية “ضبط الوضع بالتعاون مع الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، بحيث تمت إعادة هؤلاء الأشخاص إلى الأراضي السورية، مع السماح فقط لأولئك الذين يستوفون الشروط المعمول بها بالدخول”.
وقدّرت مصادر عاملة في المراكز الحدودية عدد القادمين من سوريا أيام الأحد والاثنين والثلاثاء بـ5 آلاف شخص، في حين أوقفت القوى الأمنية 300 “متسلل” من سوريا إلى لبنان عبر معابر غير نظامية في البقاع.
لبنان الكبير - فاطمة البسام
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|