لبنان... من سوريا التي تربطه بإيران إلى "تحرير الشام" التي تربطه بتركيا؟
هل تكون رحلة بشار الأسد إلى روسيا هي الأخيرة؟
من بين الألغاز الكبرى التي لا تزال محط تساؤل، هو سبب تراجع روسيا عن الدور البارز الذي لطالما حافظت عليه في سوريا، منذ انتهاء الانتداب الفرنسي وحتى ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. فبعد أن كانت سوريا تمثل القاعدة الأساسية لروسيا في الشرق الأوسط، وعاملًا رئيسيًا في التحكم بمصالحها في كل من إسرائيل، الأردن، العراق، تركيا، ولبنان، فإن التنازل عن سوريا يشكل ضربة قوية لطموحات روسيا كقوة إقليمية في المنطقة.
إن خسارة روسيا لسوريا تعادل في تأثيرها خسارة الاتحاد السوفياتي لأوروبا الشرقية في أواخر الثمانينيات. فما الذي دفع روسيا إلى اتخاذ هذه الخطوة؟ وهل هناك ثمن مقابل ذلك؟
الواقع الروسي الحالي
في تحليل موضوعي للأحداث الراهنة، نلاحظ أن روسيا دخلت في حرب مع أوكرانيا في فبراير 2022، حيث كان العالم يتوقع انهيار أوكرانيا في غضون أسابيع. لكن بعد ثلاث سنوات من الحرب، لم تتمكن روسيا سوى من السيطرة على بعض المناطق الحدودية، فيما تكبدت خسائر بشرية ومادية هائلة. فقد فقدت عشرات الآلاف من جنودها، واضطرت للاستعانة بدول مثل إيران وكوريا الشمالية، إضافة إلى قوات مرتزقة، وهو ما سيكلفها تداعيات سياسية ومادية كبيرة.
الموقف الإيراني والتركي
فيما يتعلق بالموقف الإيراني، كان أقرب من الواقع هو ما صرح به المرشد الأعلى علي خامنئي في خطابه حين قال "ان اسقاط النظام السوري تم تحضيره في مطبخ أميركا وإسرائيل بمساعدة دولة قريبة" ويعني تركيا دون ان يسميها. اما على الأرض لم يعد لإيران اي امكانية لمساندة النظام بعد الضربات العسكرية التي تلقتها مجموعاتها من إسرائيل وخسارة حزب الله والتهديدات الأميركية تجاه الميليشيات العراقية التابعة لإيران.
أما بالنسبة لتركيا، فإن تصريحات وزير خارجيتها حول إقناع روسيا وإيران بعدم التدخل في الشؤون السورية تبدو بعيدة عن الواقع. فتركيا لا تملك القدرة على إقناع هاتين الدولتين بالابتعاد عن التدخل في سوريا، وهو ما يثير الكثير من التساؤلات حول دورها الحقيقي في هذه الديناميكيات.
الموقف الروسي في ظل الحرب الأوكرانية
أما بالنسبة لروسيا، فإن الوضع يختلف، فمع تكبدها لخسائر كبيرة في أوكرانيا وتراجع قدرتها العسكرية على دعم النظام السوري، وجدت روسيا أن تدخلها في سوريا أصبح غير مجدٍ، خاصة في ظل ضعف موقفها العسكري والاقتصادي. فضلاً عن ذلك، فإن روسيا تتوقع من الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، الذي أعلن عن رغبته في إنهاء الحرب الأوكرانية فور توليه منصبه.
ومعرفتها برغبة ترامب في إنهاء نظام الأسد فضلت عدم إغضاب الاميركي الذي لا يصب في مصلحتها، وقد أظهرت الوقائع على الأرض أن معارك الكر والفر بين القوات الروسية والقوات الاوكرانية اعتمدت على مدى مد الاسلحة والمعلومات الاستخباراتية والتعاون بين اميركا واوكرانية اكثر من اعتمادها على التعاون الاوروبي.
والرئيس بوتين يفهم جيداً اطباع ترامب ففي إغضاب الأخير تداعيات أكبر بكثير من إغضاب الرئيس بايدن. هذا ما جعل روسيا أمام خيارين إما التخلي عن سوريا والمحافظة على ما كسبته من أراض أوكرانية وإخراجها من الحرب بأقل خسائر ممكنة على ان تبقي على سوريا وتخسر معركتها في تدخل أميركي مباشر يلزمها بالتراجع الى داخل حدودها وتكون خسارة مدوية لروسيا.
مستقبل بشار الأسد في روسيا
ورقة بشار الأسد قد تكون آخر ما تملكه روسيا في سوريا، من خلال استغلاله في حال فشل هيئة تحرير الشام في إقامة دولة مدنية، أو في حال انزلاق الوضع السوري نحو سيناريو مشابه لما يحدث في ليبيا، او يمكن لروسيا الاستفادة من وجود الأسد للتفاوض على تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية مقابل مكاسب سياسية. او دفعه على الانتحار في حال وجدت ان لا فائدة لوجوده على أراضيها وإغلاق ملف النظام السوري بشكل نهائي.
الوضع الإقليمي والتطورات القادمة
في النهاية، تبين أن الأنظمة التوتاليتارية، رغم قوتها الظاهرة، تظهر هشاشتها عند أول اختبار حقيقي والأوضاع في سوريا والمنطقة تتحرك بسرعة نحو تحولات جذرية، والأحداث ستكشف عن نتائجها قريبًا. من بين التطورات الواضحة، تحركات إسرائيل لتوسيع المنطقة العازلة في الجولان وضرب الترسانة العسكرية السورية، وتصريح ترامب بأنه لن يسحب القوات الأميركية من سوريا فهناك الكثير من الأعمال عليهم القيام بها، مما يشير إلى أن هناك مزيدًا من الأحداث تلوح في الأفق.
بقلم : سليم البيطار غانم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|