بين سوريا ولبنان... إسرائيل تستعدّ لـ"عملية الشتاء"

يعتزم الجيش الإسرائيلي إطلاق "عملية الشتاء" في جميع مناطقه العملياتية، مع الاستعداد للتعامل مع الظروف الجوية القاسية، خاصة تساقط الثلوج في المناطق المرتفعة شمالي البلاد، بما في ذلك جبل الشيخ الذي سيشهد لأول مرة وجود قوات إسرائيلية في فصل الشتاء.

وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، شرع الجيش الإسرائيلي في التحضير لشتاء قاسٍ في مناطق شمال البلاد، حيث تمت تزويد قواته بأدوات ومعدات خاصة لمواجهة البرد القارس في جبل الشيخ، الذي انتزعه الجيش الإسرائيلي من قوات النظام السوري خلال المعارك الأخيرة، عقب تقدم قواته عدة كيلومترات داخل الأراضي السورية.

وأوضحت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي أعد خططًا واسعة لبقاء قواته في مناطق متعددة ضمن الجولان السوري المحتل، بالإضافة إلى جبل الشيخ، حيث تم تعزيز التواجد في المنطقة عقب انسحاب القوات السورية منها. وفي الوقت نفسه، تواصل القوات الإسرائيلية تواجدها في الجولان السوري المحتل، علاوة على مواقعها في جنوب لبنان.

ويأتي هذا التحرك في وقت حساس، بعد أن نجح الجيش الإسرائيلي في إقامة مواقع استراتيجية جديدة في جبل الشيخ، مستغلاً الفراغ الأمني الذي تركه الانسحاب السوري بعد السنوات الأخيرة من الحرب الأهلية السورية. على الرغم من تقليص العمليات العسكرية في سوريا مؤقتًا بسبب التوترات الإقليمية، يستمر الجيش الإسرائيلي في تعزيز قدراته في المنطقة استعدادًا لأي تصعيد محتمل.

للتعامل مع تحديات فصل الشتاء، أفادت "يديعوت أحرونوت" أن الجيش الإسرائيلي بدأ في إنشاء بنية تحتية متكاملة في جبل الشيخ، بما في ذلك إقامة مراكز عمليات جديدة. القوات الإسرائيلية استجلبت تجهيزات شتوية متخصصة، مثل الأحذية المخصصة للمناطق الجبلية، ملابس حرارية، أقنعة، جوارب سميكة، ومدافئ للتعامل مع البرودة الشديدة في المنطقة.

كما تم نشر أكثر من 1900 مبنى متنقل وحاويات معيشية مجهزة بأدوات تدفئة ووصلات كهربائية لتأمين الإقامة لقوات الجيش المنتشرة في تلك المناطق. كل هذه التحضيرات تأتي في إطار تعزيز الاستعدادات العملياتية للجندي الإسرائيلي في ظل الظروف الجوية الصعبة.

يأتي التحرك العسكري الإسرائيلي في جبل الشيخ في وقت يشهد فيه الوضع في سوريا مزيدًا من الاضطرابات والصراعات. استغل الجيش الإسرائيلي الفراغ الذي خلفته الحرب الأهلية السورية، ليحسن من قبضته على المناطق الاستراتيجية في الشمال السوري. وبفضل هذه التحركات، تمكن الجيش من توسيع نطاق سيطرته على أراض جديدة في جبل الشيخ، وهو ما يعزز من موقعه العسكري في المنطقة، خاصة مع تزايد التهديدات من ميليشيات مدعومة من إيران، إلى جانب المجموعات المسلحة التي تواصل نشاطها في سوريا.

وفي لبنان، لا يزال الجيش الإسرائيلي يراقب عن كثب تحركات حزب الله، الذي يبقى مصدر تهديد مستمر في الجنوب. وفي تشرين الثاني الماضي، وبعد إعلان وقف إطلاق النار مع الحزب، قرر الجيش الإسرائيلي الإبقاء على جزء من قواته في المناطق الحدودية مع لبنان، وهو ما يعكس استمرار التوترات العسكرية بين الطرفين رغم الهدوء النسبي.

تزامنًا مع هذه التحركات العسكرية، يواصل الجيش الإسرائيلي تكثيف استعداداته لمواجهة التحديات القادمة في ظل تصاعد التوترات في منطقة غزة، حيث كانت حرب تشرين الاول 2023 قد شهدت تصعيدًا خطيرًا في الأوضاع الأمنية على الحدود مع قطاع غزة. وتحاول إسرائيل تجنب تصعيد آخر في الجبهة الشمالية مع حزب الله أو في سوريا، حيث تؤكد التقارير الاستخباراتية وجود زيادة ملحوظة في النشاطات العسكرية في تلك المناطق، في وقت يواصل فيه الجيش الإسرائيلي استعداداته لمواجهة أي تصعيد محتمل.

هذا النشاط العسكري في جبل الشيخ، الذي يأتي في وقت حساس، يعكس بشكل جلي أولويات إسرائيل الأمنية على الحدود الشمالية مع لبنان و سوريا. من خلال تعزيز وجودها العسكري في هذه المناطق الاستراتيجية، تأمل إسرائيل في تعزيز قدرتها على ردع أي تهديد محتمل من جبهاتها المتعددة. على الرغم من الاستقرار النسبي في الوقت الراهن، تظل المخاوف قائمة من هجمات محتملة سواء من حزب الله في لبنان أو الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في سوريا.

المنطقة التي تستعد إسرائيل لتعزيز وجودها فيها تعد من أكثر المناطق تقلبًا في الشرق الأوسط. فبعد التقدم العسكري الإسرائيلي في جبل الشيخ، تحاول إسرائيل تثبيت سيطرتها على مواقع استراتيجية على الحدود الشمالية، في وقت يشهد فيه لبنان و سوريا تطورات ميدانية متلاحقة. هذه التحركات العسكرية تأتي في سياق متصل مع التوترات المستمرة بين إسرائيل و حزب الله اللبناني المدعوم من إيران، وكذلك مع التصعيدات في سوريا، حيث تواصل ميليشيات إيرانية ومجموعات مسلحة تهديدها للأمن الإسرائيلي.