من السويداء ...الشّيخ حكمت الهجري: نرفض مشروع الدّويلة
في الطريق من دمشق إلى السويداء، لا تزال هناك مساحات غير مؤمنة، فتتكرر أعمال التشليح من قبل قطاع طرق.
تشبه هذه الطريق حقل الألغام بين "الشام" والسويداء جارة درعا. وهو ما يمكن تشبيهه بالمرحلة الراهنة، حيث تجري مساعٍ على خط نزع الألغام والهواجس في المحافظة المحسوبة على الموحدين الدروز في سوريا، والتي تعيش نوعاً من الإدارة الذاتية اليوم، فيحميها أهلها الذين يعتبرون سلاحهم "قمحهم" بانتظار ولادة المشروع الآمن الممثل بدولة مدنية ديموقراطية يتمثل فيها جميع السوريين من دون تفرقة. هو لسان الحال في السويداء التي زارتها "النهار" وقصدت رئيس طائفة الموحدين الشيخ حكمت الهجري في دارته المفتوحة في بلدة قنوات، والتي تشهد زيارات مكثفة لوفود على مدار الساعة. في هذه الدارة، يُصنع الحيّز البارز اليوم للوجهة السياسية لدروز السويداء الذين عارضوا النظام السوري وانتفضوا على الخدمة الإجبارية في الجيش، وفيها أيضاً أديرت عمليات حقن الدماء والتسلم والتسليم ليلة سقوط النظام السوري. هرب كبار الضباط، وآوى الناس العساكر وحموهم. أما أعمال الحرق والتخريب في بعض المقار والأماكن، فتختلف حولها الروايات.
هنا، وفي معظم قرى السويداء، ستسمع أن همّ الناس معيشي واقتصادي مع الحرمان التنموي البارز في البلدات التي يعاني أهلها ضائقة مالية ويتّكلون في جزء كبير من معيشتهم على الأموال المرسلة من أقاربهم المغتربين خارج سوريا. هاجسهم عدم قيام نظام متطرف وعدم الإقصاء من المؤسسات وكتابة الدستور الجديد. أما المزاج الذي عبّر عنه البعض في الرغبة بالالتحاق بالجولان المحتل، فجاء ردة فعل على الفوضى والخوف والرغبة بالحماية والاستقرار الاقتصادي، "الناس هنا تقارن الوضع المالي بين حالنا وحال أهالي الجولان... الخطوط مفتوحة بيننا، كما أن البعض بات يقيم المفاضلة بين الالتحاق بنظام متطرف أو بإسرائيل"، يقول البعض. وللأمانة، داخل مجتمع السويداء، لا إدانة مطلقة لهذه الأصوات بل تفهم وعمل على الإقناع بالبديل المتمثل بسوريا موحدة لجميع أبنائها المتساوين في الحقوق والواجبات. وجهة الموحدين الدروز سورية عربية، هذا ما أكده الشيخ حكمت الهجري الذي حاورناه في الوقت المستقطع بين زيارة وفد وآخر يحمل هواجسه الكثيرة. وقد حملنا إليه أسئلة المرحلة. في الآتي،
نص الحوار:
- ما هي هواجس دروز سوريا في هذه المرحلة الانتقالية المصيرية؟
الهاجس الأبرز هو بناء دولة مدنية تخدم كل الأطياف والديموغرافيا الممتدة على كامل الأراضي السورية بتنوعها. هاجسنا أيضاً علاقات سليمة مع جميع الدول على المستوى الإقليمي. كان النظام يعبث على المستوى الداخلي، وأيضاً على المستوى الإقليمي مولداً عدم استقرار. نهنئ أنفسنا والدول المجاورة بالخلاص من النظام المارق.
نأمل أن تؤخذ الأمور بروية. المطلوب من الجو الجديد في سوريا إدارة ما تبقى من مؤسسات، لا سيما الخدمية والأمنية. نرى اهتماماً كحكومة إنقاذ، رغم أنها لا تمثّل المكوّن السوري لكن بالمضمون نأمل أن تقوم بالعمل الإسعافي لعدم توقف مرافق الدولة. حين تحصل إعادة ترميم عبر كوادر صحيحة ونظيفة نكون قد قطعنا أكثر من خمسين في المئة من المسار.
- هل ما ترونه من أفعال من القيادة الجديدة وما تسمعونه من أجوبة، يطمئنكم في هذه المرحلة؟
لا شيء كاملاً، ونحن في مرحلة انتقالية وكثير من المؤسسات متوقفة عن العمل. الجو الجديد هو جو سوري، لكن كلون لا يمثّل كل وجهات النظر. لم ندخل في مرحلة التقنيات السياسية والتمثيل للشرائح. نعتبر أنفسنا في مرحلة ما بعد الصدمة. ما يهمنا الآن هو الإدارة الصحيحة لناحية الخدمات.
- أنتم منزعجون من المسألة التمثيلية في الحكومة؟
سقوط النظام السريع لم يتح حصول عملية تسليم سلس للسلطة بل حصلت خيانة وسلّم البلد بطريقة غير منتظمة. فوجئنا بالسقوط السريع. لو حصل تنحٍ لكانت الأضرار أقل، لكننا تخطينا الصدمة، وهذا ساعد لضبط الإيقاع الأمني على مستوى البلد، وأي إدارة تأتي سريعاً، تعتبر إدارة لمرحلة انتقالية وليست أساسية.
- تعيش السويداء واقعَ أمن ذاتي، كيف تقاربون سيناريو تقسيم سوريا، ومشروع الدويلة الدرزية، وكيف ترى المستقبل؟
هذه الوجهة غير واردة، بُعدنا قومي. نحن لون لا يتجزأ من الألوان السورية، ولذلك نتمسك بعنوان الدولة المدنية الديموقراطية التي يتساوى فيها الجميع، وخارج هذا العنوان والبنية الدستورية التي نطرحها، نعم لديّ هواجس لكن نتمنى ألا تحدث.
- سمعنا أصواتاً درزية سورية تطالب بالالتحاق بالجولان المحتل. ما مقاربتك؟
هناك وجهات نظر. نحترم كل وجهات النظر لكننا مصرّون على سوريتنا. نعم نحن فقدنا سيادتنا في السنوات الماضية، ويجب أن نعمل على استعادتها. همنا سوري، وهذا المشروع غير وارد. وقد تتولد وجهة نظر أحياناً نتيجة استفزازات، نحن مع وحدة سوريا، ونؤمن بهذا المبدأ كتوحيديين وسوريين. لا نريد البحث عن العدو في المستقبل، ولو افتراضياً، نريد علاقات جيّدة مع جميع الدول. ثقافتنا المحبة لأنفسنا وللعالم.
- كيف تستعيد الساعات الأخيرة لسقوط النظام؟
النظام ساقط منذ سنوات بسبب غياب مقومات الدولة، والحواجز التي أقامها مع الشعب كبيرة جداً. لا أستغرب اليوم السقوط السريع للنظام. كنا في ترقب وجهّزنا أنفسنا لهذه الساعة. الحراك السلمي في السويداء ساهم في نقل صوتنا إلى المجتمع الدولي لتنفيذ القرارات الدولية الخاصة بنا كسوريين والتي ندفع ثمنها.
نظم شبابنا أنفسهم وتدربوا تدريباً عسكرياً جيّداً، وهم توحيديون شعارهم الحفاظ على الأرض والعرض، هكذا حافظنا ونحافظ على أمان منطقتنا.
كانت المؤسسات الأمنية البائدة مؤسسات إرهاب للشعب السوري. لم تحصل مواجهة فورية، شبابنا استولوا على معظم المراكز الأمنية والسياسية بكل نظافة ومن دون أي طلقة إلا على سبيل الفرح.
من بقوا هنا من النظام هم سوريون مكرهون، تعامل الناس معهم بإنسانية.
- هل ستستوعبون الفئة الدرزية التي كانت مؤيدة للنظام؟
الناس يريدون لقمة عيشهم بالأمس واليوم. لا أحد مع هذا الفكر بالمطلق. عفا الله عمّا مضى. الآن نحن نريد البناء. التفاصيل كثيرة. الله لطف بالناس بأقل الخسائر.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|