هل يحيي "الطائف" معادلة "سين سين"؟
أحيت سفارة المملكة العربية السعوديّة الذكرى الثالثة والثلاثين لتوقيع وثيقة الوفاق الوطني (اللبناني) التي أصبحت الدستور اللبناني، في مدينة الطائف في قصر الاونيسكو.
لأوّل مرّة تحيي السفارة السعودية في لبنان مناسبة غير العيد الوطني للمملكة، أو غير اقامة حفل استقبال على شرف زائر سعودي رسمي رفيع المستوى الى بيروت.
السياسة والديبلوماسية السعوديّة معروفتان بالكتمان. نادراً جداً ما تُعلن بعثاتُها مواقف المملكة في الاعلام. إلى أن تغيّرت الظروف مع صعود نجم "تويتر" ووسائل التواصل الاجتماعي، فأصبح السفراء العرب والأجانب يُغرّدون عن الأحوال الداخليّة اللبنانية مع كل طلوع شمس وغيابها وفي الظهيرة. لقد باتت الساحة اللبنانية، كما كانت، مرتعاً للأيادي والمخطّطات الغربيّة والغريبة، وعادت ملعباً مستباحاً للـ "القناصل".
إزاء احياء هذه المناسبة التي حشدت اليمين واليسار، الثامن والرابع عشر وما بينهما، التغييريّين والتقليديّين والمتموّلين والأغنياء الجدد والطامحين، يُبادر إلى ذهن المواطن العادي سؤال بريء: ما هي دوافع الغيرة السعوديّة المستجدّة على اتّفاق تبرّأ اللبنانيّون منه مئات المرّات، على أساس أن الاتّفاق الذي غدا الدستور الجديد ورعى قيامة الجمهورية الثانية، لم يُحصّنها بصيغ وتوافقات وقواعد صلبة بين اللبنانيين. لم يُطبّقه اللبنانيّون إلا على "القطعة". تضمّنت نصوصه موادّ غامضة تحمل تأويلات وتفسيرات فقهيّة وقانونيّة متعدّدة.
هدفه الداخلي رسمته سيبة ثلاثية الركائز بين الولايات المتحدة الأميركية والسعودية وسوريا. وكلّفت المتعهّدَ السوري بحكم لبنان، فبَطش بادارة هذه الدولة الفاقدة كيانها، المدمّرة بناها التحتية، المشلّعة طوائفها والمتناحرة في ما بينها. فدخل الجيش السوري محتلاً كلّ لبنان 15 عاماً. ولكنّ في ظلّ جبروته، بقي اللبنانيّون على خلاف حول الدستور، وهذا الأمر حاصلٌ باعتراف جميع الأطراف.
قام الجيش السوري بدور الأداة التنفيذيّة لاتّفاق الطائف. فبعد ثلاث سنوات على الاتّفاق، وقّع لبنان وسوريا معاهدة الأخوّة والتعاون والتنسيق وأنشآا المجلس الأعلى السوري - اللبناني، وأدار النظامَ اللبناني ضبّاط سوريّون في عنجر والبوريفاج، مع تدخّل بلودان والشام عند اقتضاء الأمر. ضبطوا الايقاع. فضّوا المشاكسات بين أبو جورج وابو مصطفى وأبو بهاء وأبو تيمور. فارتاحوا لتقاسم الجبنة وتوزيع المغانم.
لا يمكن فصل الاتّفاق - الدستور عن المعاهدة. هما مرتبطان عضوياً كونهما حلّا في مرحلة تاريخيّة واحدة. وانسجما مع بعضهما في الجغرافيا. كما لم يتمّ تعديل أيّ حرف في مضمون الدستور والمعاهدة اللذين يعودان إلى تسعينيّات القرن الماضي. عادة، تضع الدول المتقدّمة دساتيرها وتعدّلها وتطوّرها نحو الأفضل لسدّ الثغرات التي تظهر في الممارسة. الأحزاب اللبنانية المتحكِّمة متخوّفة ودائمة الخوف من بعضها ومن الآخر، لم تبادر بل رجعت إلى الوراء.
اليوم، تغيّر الوضع السوري والسعودي والأميركي. في سوريا، اندلعت "ثورة" عام 2011، هدفها الاصلاح. تحوّلت الى حرب اقليميّة تدخّلت فيها تركيا وايران وروسيا والولايات المتّحدة الأميركية واسرائيل. وقعت تبعاتُها على دول الجوار ومن بينها لبنان. تقسّمت سوريا الى مناطق نفوذ. لم ينته لغاية ترسيم الحدود فيها بين الدويلات الناشئة لغاية الآن.
في السعودية، تغيّرت الأوضاع جذرياً أيضاً ما بين الأمير سعود الفيصل راعي اتّفاق الطائف والملفّ اللبناني، ووليّ العهد الحالي محمد بن سلمان.
أمّا الأميركي، فقد أخذ من الطائف ما أراد على صعيد تدجين لبنان وشنّ حروبه العبثيّة في المنطقة بالنسبة لشعوبها، والمربحة بالنسبة إليه مع سيطرته على ثروات المنطقة ومقدّراتها.
هذا الواقع على صعيد كلّ دولة على حدة. ولكنّ كيف غدت العلاقات الثنائية أو الثلاثية بين الرياض وواشنطن ودمشق؟
الطائف هو مرادف لرئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري. باستشهاد الرديف، أصيب الاتّفاق بأوّل تصدّع مزلزل. كما أن التغييرات في المملكة وسوريا على صعدٍ عدّة هي بمستوى "انقلاب"، فلماذا يُمنع "الانقلاب على الطائف" دستورياً"؟ بمعنى تعديله ليواكب الجمهورية الثالثة فيصبح دستورها؟
بقلم : جو متني
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|