كارلوس غصن: لست مهتما بالسياسة ولا أترشح لرئاسة الجمهورية ولبنان قابل للاصلاح
الغرب "الفاسق" أسقط "القتال المقدّس" والبراميل المتفجّرة في سوريا... فماذا بعد؟؟؟
لعلّ أهمّ ما يمكن أن يسجّله عام 2024، هو أنه السنة التي كرّست سقوط مبدأ "الحروب المقدسة" على اختلاف أشكالها وأنواعها، وسواء كانت "ثورية"، أو جهادية، أو علمانية - ديكتاتورية، أو دينية، انطلاقاً من الشرق الأوسط وشواطىء البحر المتوسط، وصولاً الى روسيا.
تكرار الخطأ
فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان تلقّى مباركة من بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الروسية عندما تدخّل في سوريا عام 2015 لدعم الرئيس السابق بشار الأسد. ووصف البطريرك كيريل العمل الحربي الروسي آنذاك بأنه قرار مسؤول، فيما ذهب الناطق الرئيسي بإسمه أبْعَد، عندما قال إن قتال الإرهاب هو معركة مقدسة، وإن روسيا قد تكون أكبر قوة ناشطة في العالم تقوم بهذا القتال.
وكرّرت روسيا الخطأ نفسه في أوكرانيا بعد سنوات أيضاً، عندما تحدث البطريرك كيريل ورجال الدين الروس عن حرب روسيّة مقدسة في الأراضي الأوكرانية لاستعادة كييف، وذلك من دون أي "رفّة جفن" لآلاف الأوكرانيين الأرثوذكس الذين تعذّبهم تلك الحرب حتى الساعة.
كوارث...
ووصلت الأخطاء الى درجة التهليل ومباركة الإنتاج العسكري الروسي كأداة لمحاربة الليبرالية الغربية "الفاسقة"، التي تُفسد في أوكرانيا وفي العالم الروسي كلّه، وسط تأكيد أن موسكو تخوض كفاحاً بأبعاد ميتافيزيقية، يربح كل مُقاتِل من ضمنه نفسه في الحياة الأبدية.
وبلغت الكوارث مراحل متقدّمة جداً، مع إدخال آلاف المقاتلين الشيشانيين وغير الشيشانيين، ومن آسيا الوسطى وغيرها، والذين يتمتّع الكثير منهم بتاريخ جهادي، ضمن دائرة "الحرب المقدّسة" الروسية تلك نفسها، من دون حسابات، وبالاستناد الى لعبة مصالح كبرى مع دول وجهات لا تمتّ الى المسيحية بشيء، من الأساس.
ماذا بعد؟
فماذا بعد تهاوي الحرب الروسية "المقدّسة" في سوريا؟ وماذا عن مستقبل محور الحروب بعد سقوط مبدأ الأسلحة المقدسة، والصواريخ المقدسة، والمسيّرات المقدسة...؟ وما هي المُنطَلَقات الإيديولوجية القادرة على تجديده، أو على حفظ مكانه في المستقبل؟
فبوتين حمل الأسلحة "المقدسة" في سوريا وأوكرانيا، وتحالف مع الأسلحة الإيرانية "المقدسة" في الشرق الأوسط، وصولاً الى كييف. ووصلت به (بوتين) الأحوال الى حدّ استيراد أسلحة من كوريا الشمالية، التي يبدو أنها ضُمَّت لـ "التحالفات المقدسة" الكبرى بعد إسنادها موسكو في حربها على الأراضي الأوكرانية.
تعذيب...
وكيف يمكن لروسيا "مقدّسة"، تحارب القِيَم الغربية غير المسيحية في عصر العولمة الحديثة وأزماتها الكثيرة، أن تبارك إنتاجاً حربياً، وأن تستنهض ممارسات "ستالينية" و"هتلرية"، وأن تتحالف مع محاور وأنظمة الحروب الدائمة، والأزمات الدائمة؟
وكيف يمكن لروسيا "مقدّسة" أن تحتمل صورة "الحرب المقدسة" التي خيضَت بموازاة "مفارم" الجثث، والتعذيب، والتذويب... في سوريا؟ وبموازاة الدمار وتسييل الدماء والتعذيب في أوكرانيا؟
توسيع الحروب؟
علّق مصدر باحث في الشؤون الاستراتيجية على المستقبل المُحتَمَل بعد سقوط مشروع وتحالفات "الحروب المقدسة"، فقال إن "لدى روسيا مشاكل عديدة الآن، تبدأ من مستقبل أوكرانيا، وتمرّ بمستقبل تحالفها الغريب مع كوريا الشمالية، وتصل الى أن هناك عقدة يحاول الرئيس الروسي حلّها مع الصين، وهي لم تصل الى خواتيمها بعد حتى الساعة".
ورأى في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "بوتين قد يرغب بأن يدخل الى كل مكان، وبأن يوسّع دائرة مواجهاته وحروبه مستقبلاً. ولكن قدرته على تحقيق طموحاته الكبيرة قد لا تكون ممكنة تماماً".
وختم:"تعبير الحروب الروسية المقدسة ليس له أي قيمة قدسية، خصوصاً أن من أطلقه في الأساس هو موظّف سابق في الاستخبارات السوفياتية. ولا بدّ لهم من أن يقتنعوا بأن لا شيء اسمه أسلحة إلهية أو مقدسة".
لا قتل مقدّساً
في أي حال، سقط مبدأ "الحروب المقدسة"، بوجهها الروسي، والمشرقي، و"المُمَانِع"، وحتى بوجهها "الجهادي" العام.
فلا مجال حتى لأولئك الذين أسقطوا بشار الأسد في سوريا، أي الرجل (الأسد) الذي اختصر مشروع روسيا "المقدسة"، وإيران "ثورة المُستضعفين" المقدّسة ضدّ الظّلم... (لا مجال حتى لمن أسقطوا ما سبق ذكره مؤخّراً) أن يتحدّثوا عن حروب مقدّسة، ولا عن وجه مقدّس لديهم هم أيضاً، نظراً الى أنهم ما كانوا ليحكموا في سوريا الآن لولا تخطيط وتنظيم وتدريب وتسليح... غربي أولاً، بتعاون مع تركيا ثانياً، ومع بعض العرب ثالثاً، وهو ما يعني أن الغرب "الفاجر" و"الفاسق" بالمفهوم "الجهادي" والسّلفي، هو نفسه الذي أسقط "قدسيّة" البراميل السورية والإيرانية والروسية المتفجّرة في سوريا، وهو (الغرب الفاجر والفاسق) نفسه الذي نقل الشرق الأوسط من حقبة الى أخرى، وليس أي "قدسية" جهادية، ولا أي مشروع حرب تُعطى صفة "مقدَّسة".
وانطلاقاً ممّا سبق، هل يمكن لشعوب الشرق الأوسط أن تفهم أن لا حروب مقدسة، وأن لا قتل مقدساً، وأن لا أسلحة مقدسة، فيرتاح الجميع ويُريحون غيرهم، بشكل نهائي وتام؟
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|