بين التّحولات السورية وعودة الإسلام المتطرّف.. أين سُنّة لبنان؟
السّاحة السّنية في لبنان تعيش مرحلة ترقّب كبيرة للتداعيات السياسية في سوريا، حيث أدى التحول الأخير الذي تصدّرت فيه "هيئة تحرير الشام" المشهد بعد خروج الرئيس بشار الأسد، إلى تأييد غالبية الساحة السنية له، بالرغم من مخاوف إقليمية، من تصاعد نفوذ حركات الإسلام السياسي.
في ظل التحولات الإقليمية، ارتفعت شعبية أحمد الشرع المعروف بـ "أبو محمد الجولاني"، قائد "هيئة تحرير الشام"، الذي تزايدت الانفتاحات الإقليمية والدولية عليه بالرغم من تصنيف حركته كمنظمة إرهابية.
وفيما أبدت أوساط أمنية تخوّفها من ظهور حالات إسلامية متطرّفة في لبنان، أكد النائب السابق في البرلمان اللبناني الدكتور مصطفى علوش لـ "الكلمة أونلاين" أن "الغالبية تتطلّع إلى ما حدث في سوريا وترى في المرحلة الجديدة نموذجًا أقرب إلى تطلعاتهم، حيث الإسلام المتقبل للجميع"؟
وأشار الى أن "ما يُثار عن مخاوف من تصاعد نفوذ الحركات الإسلامية، هو في الغالب محاولة من قِبَل جماعة العهد القديم، سواء كان ذلك من جانب نظام الأسد أو حزب الله، لزرع الخوف في نفوس النّاس ومنعهم من التّحمس للتّغيير الحاصل أو ربما عرقلته".
وأكدّ علوش أنّ "عهدًا دام 45 عامًا، يتمثل بنظام الأسد الذي خلف وراءه السّجون والموت والدّمار قد انتهى وأي محاولة لتخويف النّاس من التّطورات الرّاهنة إنما تهدف إلى الإبقاء على الوضع السابق أو حتى تفخيخ مسار المجموعة الجديدة. في المقابل، علينا جميعًا دعم المسار الجديد والسّعي لدفعه نحو مزيد من الانفتاح والاعتدال".
وفي السياق، لفتت مصادر أمنية إلى "تزايد القلق بشأن احتمالية ظهور حالات إسلامية متطرّفة في لبنان وهذا القلق يأتي على خلفية خوف من أن بعض أئمّة المساجد في المناطق اللبنانية ذات الغالبية السّنية يعقدون علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع هيئة تحرير الشام عبر وسطاء، لاسيّما في المناطق القريبة من الحدود مع سوريا".
وتخوّفت المصادر من "تأثير هذه العلاقات على لبنان، لأن الأخير بتنوعه الطّائفي والسّياسي، يشكّل بيئة حسّاسة تجاه أي تحرّكات ذات طابع ايديولوجي أو جهادي".
وعّددت المصادر عوامل من شأنها أن تعزّز المخاوف الأمنية وهي:
-الفكر المتشدّد: الفكر الذي تتبناه هيئة تحرير الشام والجولاني، رغم تقديمه كحركة محلية، لا يزال يحمل عناصر من التّشدد الإسلامي الذي يمكن أن يشكل خطرًا في حال انتقل إلى لبنان.
-استغلال الوضع الاقتصادي والاجتماعي: تستغل التنظيمات المتطرفة الأوضاع الاقتصادية السّيئة والفراغ الأمني في بعض المناطق لزيادة نفوذها أو تجنيد عناصر جديدة.
-التوترات الإقليمية: مع استمرار الحرب في سوريا والضّغوط الدّولية على هيئة تحرير الشام، قد تبحث هذه التّنظيمات عن توسيع نطاق وجودها عبر الحدود اللبنانية.
إن التّرقّب اللبناني لما يحدث في سوريا يعكس مزيجًا من الأمل بالخروج من حقبة استبدادية دامت لعقود، والخوف من تداعيات المرحلة المقبلة، فمع تصدّر هيئة تحرير الشام المشهد السّوري، وارتفاع شعبية قائدها الجولاني، برزت مخاوف داخلية من تأثير هذا التحول على التوازن الطّائفي والسّياسي في لبنان، خصوصًا في ظل ارتباط بعض الجهات اللبنانية بعلاقات مباشرة أو غير مباشرة مع الهيئة.
في الوقت الذي تسعى فيه بعض الأطراف الإقليمية والدولية لإعادة ترتيب المشهد الّسوري بما يخدم مصالحها، يبقى لبنان بتركيبته الهشّة وتنوّعه الطّائفي عرضة لأي تداعيات إقليمية. المخاوف الأمنية من احتمالية انتقال الفكر المتطرف إلى الداخل اللبناني تتطلب يقظة وحذرًا كبيرين، مع التركيز على تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وتكثيف الجهود الأمنية والتوعوية لمواجهة أي محاولة لاستغلال الفراغ القائم.
في النهاية، يبقى التحدي الأكبر للبنان هو انتصار الانتماء الوطني والقدرة على التوازن بين التفاعل مع التحولات الإقليمية والحفاظ على استقراره الداخلي والأهم الوعي السياسي، لتجنب أن يكون ساحة جديدة لصراعات إقليمية أو ساحة لتمدّد الفكر المتشدّد، على أمل أن يكون لبنان شعبًا وسياسيين قد تعلّموا العبر من الماضي.
مارغوريتا زريق-لكلمة أونلاين
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|