"إسرائيل ستبقى في نقاط معينة حتى التوصل إلى اتفاقات نهائية"!
محافظ دمشق المُلتحي: جاء ليكحلها... فأعماها
في الأيام العادية، قد يكون ماهر مروان اسماً مجهولاً عند الغالبية العظمى من شعبنا السوري. وكان سيبقى مجهولاً حتى بعد تعيينه محافظاً لمدينة دمشق من قبل الحكام الجدد... لولا أنه أدلى بتصريحات إشكالية إلى إحدى الإذاعات الأميركية تضمنت مواقف سياسية تتناول العلاقات الحالية والمستقبلية بين "التحالف" الحاكم في دمشق والدولة الصهيونية الغاصبة.
أثارت مواقف المحافظ الملتحي، دليل التزامه الديني، حفيظة وغضب المواطن السوري العادي الذي يراقب بعجز مشوبٍ بالقلق توسع الاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية. فمن جهة أولى، ليس من مهمات المحافظ أن يتناول مسائل السياسة الخارجية التي هي من اختصاص الحكومة المركزية. ومن جهة ثانية، العيب كل العيب أن يتحدث أي "مسؤول" في السلطة الجديدة عن "السلام" مع الكيان الصهيوني بينما الاحتلال متواصل ويهدد "قلب سورية النابض"!
المحافظ ماهر مروان مسكين، فقد كان يظن أن حديثه مع إذاعة أميركية سيعطيه حصانة سياسية. وما دام أعلى القيادات في السلطات الجديدة لم تخجل في إطلاق مواقف سياسية مماثلة تجاه العدو الصهيوني، فلماذا العتب على المحافظ إذ هو يسير على خطى أسياده في دمشق وخارجها! لكن الضجة كانت كبيرة، ما دفع ماهر مروان إلى توزيع تسجيل مصور حاول فيه "توضيح" ما قصده في الحوار مع الإذاعة الأميركية... فانطبق عليه المثل الشعبي "جاء ليكحلها فأعماها"!
لا أريد هنا أن أكتفي بضم صوتي إلى أصوات المعترضين المنددين، فقد وصلت الرسالة بوضوح تام. لكني سأقف عند فقرة خطيرة للغاية ختم بها المحافظ رسالته التوضيحية، لأنها تؤشر إلى آلية ممارسة السلطة في ظل العهد الجديد الذي تسيطر عليه جماعات "الإسلام السياسي". قال ماهر مروان حرفياً: "لكن الله هو الرقيب على ما قلت وما نويت"... ثم ودّع مشاهديه بابتسامة عريضة. ولا شك في أن المنطق الكامن في هذه العبارة يقرع أكثر من جرس إنذار في مستقبل سورية.
أولاً، الإدارة السليمة والعمل على مصالح الناس في مدينة دمشق ووضع الخطط لتطويرها لا تكون ولن تكون بـ"النوايا"، بغض النظر عمن يحكم الدولة. فهنالك فارق كبير بين "الأعمال بالنيات" و"النيات بالأعمال"! ونترك للقارئ البحث في هذه التناقضات، لننتقل إلى الجانب الآخر الأكثر خطورة المتمثل في عبارة "الله هو الرقيب"، وهي من مكونات نظرية "الحاكمية لله" عند جماعات الإسلام السياسي على مختلف مشاربها.
كيف يكون الله رقيباً على الأعمال والأقوال والنيات؟ وبأية واسطة يمارس رقابته على المحافظ وغيره من المسؤولين الحكوميين؟ ومن الذي يحاسب ويعاقب نيابة عن الله إذا ما كشفت "الرقابة الإلهية" عن تقصير أو ارتكابات؟
قد تكون هذه التساؤلات مجالاً مفتوحاً للنقاش الفكري في صراع العقائد. لكن "تحميل" الله مسؤولية الممارسات السياسية يؤسس لقيام الديكتاتورية الدينية كوجه آخر للاستبداد العسكري أو الحزبي. إن مفهوم "الحاكمية" يجرد المواطن من أحد حقوق المواطنة الأساسية، ويضعه في أيدي أشخاص ليسوا مسؤولين إلا أمام قوة ماورائية مطلقة. وفي مثل هذه الحالة، يبقى المواطن مسلوب الإرادة في حين يتمتع "الوسطاء الربانيون" بالسلطات الكلية.
أحمد أصفهاني-الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|