9 كانون الثاني هو نفسه 10 شباط و31 آب و9 تشرين الأول... "قلّة فرق"...
شمس 1 كانون الثاني هي نفسها الشمس التي تُشرق في 31 كانون الأول، و10 شباط، و30 آذار، و15 نيسان، و3 أيار، و17 حزيران، و25 تموز، و31 آب، و19 أيلول، و9 تشرين الأول، و20 تشرين الثاني...
وأما غيوم أو أمطار 1 كانون الثاني، فهي وإن لم تَكُن سُحُب وأمطار 31 كانون الأول أو 2 كانون الثاني نفسها تماماً، إلا أنها تجعل من هذا اليوم شبيهاً بأي يوم ممطر أو غائم، من كل باقي أيام السنة.
"نقلة" ورقة...
نُكمِل بالمنطق السابق نفسه لنقول إن دقّات ساعات يوم 1 كانون الثاني، ومرور الثواني والدقائق في هذا اليوم، تجعله كأي يوم من كل باقي أيام السنة. فالطبيعة تدرك ذلك، والتقسيمات العلمية للأزمنة والأوقات تستوعب ذلك، ويبقى أنه على الإنسان نفسه أن يُدرك ويستوعب، ويتقبّل.
فلا سنة قديمة أو جديدة. ولا سنة جيدة أو سيئة. فالإنسان هو الذي يكون قديماً أو جديداً، أو جيّداً، أو سيّئاً. وما تغيير الروزنامة سوى "نقلة" من ورقة الى أخرى، ومن أرقام الى أخرى، يتحمّل الإنسان هو نفسه مسؤولية تحسينها، أو جعلها أشدّ قُبحاً وسوءاً.
كسائر الأيام
وانطلاقاً ممّا سبق، ستكون شمس 9 كانون الثاني 2025، وهو اليوم الرئاسي الذي ينتظره البعض بفارغ الصّبر في الداخل اللبناني، هي نفسها شمس 10 كانون الثاني، و8 كانون الثاني 2025.
فيما أمطار وغيوم 9 كانون الثاني (إذا كان ممطراً)، ستجعل هذا اليوم كسائر باقي الأيام الممطرة. ولكن يختلف 9 كانون الثاني عن 1 كانون الثاني بشيء أساسي، وهو أنه يوم مُنتَظَر لبنانياً لا عالمياً، لأسباب رئاسية. ولكنه اليوم الذي لن يحمل جديداً في الواقع، لا بانتخاب رئيس ولا من دونه.
فاحتفالات رأس السنة قد تحمل البهجة لكل الناس. وأما انتخاب رئيس لبناني جديد، وتشكيل حكومة جديدة، وانتخاب برلمان جديد... أو أي استحقاق محلّي... فلن يحمل شيئاً لأيّ كان، طالما أننا في بلد لا يميّز المسؤول فيه موسم متساقطاته من فترات جفافه، وطالما أننا في بلد يُحدَّد مستقبله من بعض مظاهر السهر والمرح، والتسويق الموسمي المرحلي.
"تعلّمنا الدرس"...
فنحن في بلد "القلّة فرق"، بانتخابات أو من دونها. فالاستحقاقات تُجرى في بلادنا لتأمين اكتمال صورة بعض المصالح الكبرى المحلية، والمحلية - الخارجية، وليس لمصلحة الناس، في وقت يجب تسخيرها (تلك الاستحقاقات) لصالح الشعب بأي بلد في الأساس. وهذا ما يجعلنا في بلد الـ "قلّة فرق" بامتياز.
فـ 9 كانون الثاني هو يوم الجلسة الرئاسية، التي سواء أثمرت انتخاباً أو لا، إلا أنها لن تغيّر في الفكر السلطوي المحلّي، ولا في الأوضاع المحلية العامة، ولا في الأوضاع اليومية... على أي مستوى. وهو ما يعني أن يوم 9 كانون الثاني 2025 سيكون كأي يوم آخر من المتاعب والصعوبات والتحديات المعيشية، والسياسية، والأمنية.
ففي الماضي القريب والأقدم، قيل لنا إنه إذا اقترعتُم في الانتخابات النيابية لهذه اللائحة أو تلك، ستنتقلون الى عصر جديد، ليؤكد لنا الواقع في كل مرة أننا في بلد "القلّة فرق". و"حلّنا نكون تعلّمنا الدرس".
"حداد" دائم
وفي غمرة الانتظار اللبناني ليوم 9 كانون الثاني، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن 9 كانون الثاني 2025 هو يوم حداد وطني على رحيل الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر. ويا لها من صدفة.
ففي ذلك اليوم، سيتجمّع الأميركيون لتكريم الرئيس الراحل، وسيُشاركهم حدادهم الكثير من شعوب العالم. وهو اليوم نفسه الذي قد يفرح به البعض في لبنان بـ "حدادهم" الجديد، وذلك سواء انتُخِب الرئيس اللبناني الجديد في 9 كانون الثاني 2025، أم لا.
فبلدنا بـ "حالة حداد" دائمة، وبوضع حالك السّواد دائماً، وبانهيار دائم. و"حالة الحداد" الدائمة تلك تعود الى "العتيق" الذي يسيطر على هذا البلد، مهما تجدّدت الروزنامات، وتغيّرت أرقام سنواتها، ومهما تبدّلت أيام وأشهر إجراء الاستحقاق الرئاسي أو الحكومي أو النيابي.
نعم، هذا هو بلدنا مع الأسف. بلد "الحداد" على ما ليس بلداً، وعلى ما لا دولة فيه. بلد "الحداد" الذي لا يمكن فكّه، ولو أشرقت الشمس 365 يوماً في السنة من دون جفاف، ولو فاضت الخيرات في ربوعنا لما بعد أجيال وأجيال.
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|