بدر استقبل الخازن: سنعطي هدية كبيرة إلى اللبنانيين بانتخاب رئيس في جلسة 9 كانون الثاني
"السيدة زينب" جُنبَت حمام دم... دعوة إلى النازحين للعودة ورسائل من "الهيئة" إلى الشيعة (فيديو)
على الأتوستراد السريع جنوب العاصمة السورية، تعلو اللافتات المشيرة إلى منطقة السيدة زينب، التي صبغتها العصبية السياسية والطائفية بشدّة في السنوات الماضية، مع تغيّر في نسيجها السكاني والإجتماعي والعددي.
استدارة إلى يمين الأتوستراد تحيل السيارة، التي تقلّنا، على حواجز إسمنتية ضخمة تمترست عليها في السنوت الماضية عناصر الميليشيات الإيرانية والجيش السوري، وقد عزّزت بعد التفجيرات التي استهدفت المنطقة قبل فترة سقوط النظام.
بعد اجتياز هذه الحواجز، التي تشبه ثكنة عسكرية، وقد كانت خالية من أيّ عنصر من "هيئة تحرير الشام"، نصل إلى الطريق التي تعلوها صور الأمين العام السابق لـ "حزب الله" حسن نصر الله المعلّقة على أعمدة الإنارة، وقد حاول عناصر القيادة الجديدة ومؤيدوهم تمزيقها لكنهم لم ينجحوا تماماً، إذ لا تزال بنية الصور بارزة مع تمزيق أو تهشيم نال من وسطها.
على هذه الطريق، يطالعنا الحاجز الأول لعناصر الهيئة. رجل ضخم البنية، وقد لفّ رأسه بعقال أحمر، يسأل عن هوياتنا للتدقيق بها. المصور الزميل معنا، وهو من إدلب، ينتابه شيء من القلق لدى دخول المنطقة، ويسأل العنصر عن الوضع الأمني، فيشير الأخير: "ما في شي تيّسروا".
بعدها ندخل الحيّ الشعبي المؤدي إلى مقام السيدة زينب، حيث يقف شبان مسلحون من اللجان الأمنية، وهم من سكان المنطقة من الطائفة الشيعية عند حاجز حديدي يسألون عن هويّة الداخلين، وهم ينسّقون بشكل وثيق مع عناصر "الهيئة"، ثم إلى حاجز آخر مركزيّ يتمركز عنده نحو عشرة أفراد من العمليات العسكرية يدققون في غاية زيارتنا وبالتصريح الصحافي الذي منحنا إياه المكتب الإعلامي المركزي الموجود في مبنى وزارة الإعلام في دمشق. يطلعوننا على الأجواء "المستتبة"، وعلى تيسير الزيارات الفردية لمقام السيدة زينب. المسؤول عنهم يقول لنا إن تعزيزاً للعناصر طلب، وإن ثمة اهتماماً خاصاً بتأمين المكان. ويحيل الحديث إلى الشيخ المعيّن من الهيئة للإشراف على عناصر الأمن المسلحين والتواصل بينهم وبين القيّمين اليوم على المقام، ويدعى معتز السكاوي، الذي يعرّف عن نفسه بأنه من أهل المنطقة الأصليين والمعروفين بالفلاحين من أهل السنّة.
يقول لنا إن اتفاق التسوية، الذي جرى في المنطقة، جنبّها حمام دم، نظراً إلى الاحتقان الكبير بين الطرفين، وقد تدخّل عقلاء للحديث مع الجميع، وألقى عناصر النظام و"حزب الله" وميليشيات إيرانية وعراقية السلاح وانسحبوا. بعدها، استغلّ فوضويون تسارع الأحداث قبل التأمين الرسمي للمقام، وقاموا ببعض التعديات من نبش مقابر أو سرقات لمنازل ومنشآت مهمة أو تهديدات، لكن هذه الأفعال سرعان ما لجمت.
أتى عناصر الهيئة النظاميون، وهم من مناطق سورية مختلفة من أهل السنة، وطُلب من السكاوي التنسيق بينهم وبين من بقي من المشرفين على المقام، وإعطاء ضمانات بأن أحداً لن يتعرّض لهم، وبأن أمن الزائرين مؤمّن.
ويعيد سكاوي حالة النزوح التي حصلت باتجاه لبنان إلى "شيء من التهديدات التي شعر بها من لا ينتمي إلى الفكر الجديد، وهذه الحالة لم تقتصر على السيدة زينب". وهل يجب أن يعود من نزح؟ يجيب: "نعم يجب أن يعودوا لأن النظام الجديد سيكون منفتحاً، ويقصي الشر لأنه شر، وليس لأنه من طائفة معينة، والمطلوبون هم من تلطّخت أيديهم بالدماء".
ولا يخفي الشيخ قلقه، "سأكون صادقاً، الواقع سليم لكن هناك تخوفاً من حالة مصطنعة تحصل وتؤدي إلى فوضى وفتنة، وقد ضبطنا حالات في هذا السياق جرى التعامل معها".
وفي رأيه، لا يمكن اليوم دعوة الناس إلى المجيء في زيارات جماعية، فالانكفاء طبيعي، حيث لا يمكن ضمانها، ولا يمكن القول للناس "تفضلوا" حتى يتم تأمين الفنادق وانتظام عمل المطارات وشركات الطيران والسياحة.
داخل المقام
بعد الحديث مع الشيخ قرب حاجز عناصر الحماية، ندخل باحة المقام الرئيسية، التي تظهر الهندسة المعمارية البديعة والعناية التي أوليت لقبته ذات اللون الذهبي، وللسيراميك المزركش بالأزرق، الذي يملأ أرضية المكان وجدرانه الداخلية. هناك التقينا بالشيخ أسعد الأحمد، وهو من الطائفة الشيعية، وكان إماماً وخطيباً في أحد مساجد حلب قبل النزوح إلى منطقة السيدة من نبل والزهراء مع أحداث سقوط النظام.
في روايته أنه وجد نفسه مع آخرين يتصدّون "للعصابات والتخريبيين والسراق الذين حاولوا استغلال الثغرة الأمنية حين انسحب عناصر حماية المقام وألقوا السلاح، وفرّ عدد من الخدام خوفاً من أيّ تهديد، وحصلت أعمال سرقة وتخريب سرعان ما لجمت".
ويقول إن المشرفين الأساسيين من الناحية الشرعية على المقام ما زالوا هم أنفسهم، وهناك عدد من الخدام تبدّلوا، ويتمّ التنسيق مع مشرف وسيط مع الهيئة".
وفي رأي الأحمد أن "الوضع من الحدود اللبنانية إلى السيدة غير مؤمن، كما أنه من حمص أو حماه هناك سراق على الطرق، وثمة حاجة إلى أن تأخذ الدولة المدى الزمني ليستتبّ الوضع الأمني". ويدعو إلى "الضرب بيد من حديد، وإلى عدم الاستناد دائماً على مقولة التصرفات الفردية للطمأنة".
من ناحيته، جمال عوض، الذي يتولى مسؤوليته كمختار للمنطقة منذ 14 عاماً، يشير إلى أن وجود "حزب الله" والعراقيين والإيرانيين والباكستانيين كان يتمركز عند مناطق المزارع المحيطة بالسيدة، إلى جانب عناصر حماية المقام. وبطبيعة الحال، تغيّر النسيج السكاني للمنطقة في السنوات الأخيرة. فوفق قول عوض، يعدّ أهلها الأصليون المعروفون من الفلاحين، وهم من أهل السنة، ويبلغون نحو 8 آلاف مواطن؛ ومع الأحداث السورية، شهدت المنطقة نزوحاً من البلدات الشيعية السورية، من الفوعة وكفريا، ونبل والزهراء، وبصرى الشام وغيرها، حتى قارب عدد سكانها الـ600 ألف نسمة.
ويشير المختار إلى أن نحو 2000 شخص نزحوا منها مع سقوط النظام باتجاه لبنان، وأن اتصالات يجريها لعودتهم بعد نيل الضمانات من "الهيئة"، "هناك نحو 20 عائلة عادت وننتظر وصول أخرى، فالقيادة الجديدة تقول إن المطلوبين هم فقط من تلطخت أيديهم بالدماء، وإن الانتماء إلى الحزب أو النظام ليس سبباً للتهديد، على قاعدة "قاتلناكم وقاتلتمونا والآن مرحلة جديدة"، وفق ما يبلغنا منهم". هذا ما يقوله المختار عوض لنا، مؤكّداً ضرورة إبعاد التسييس عن المنطقة، "فالسياسة أضرّت بنا ولم تفدنا".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|