قيادة الشرع هشة لكن هناك عناصر أمل
قال الديبلوماسي الفرنسي البارز ميشال دوكلو الذي شغل منصب سفير فرنسا لدى سوريا من 2006 إلى 2009 إن هناك عناصر أمل تدعو إلى التفاؤل الحذر حيال قائد سوريا الجديد أحمد الشرع، معتبراً أن الأخير لديه حس سياسي وإرادة في تحسين العلاقة مع جيرانه الأساسيين، وهناك إيجابية من دول الخليج تجاهه.
الديبلوماسي الفرنسي مؤلف كتاب "ليل سوريا الطويل" la longue nuit syrienne ومستشار "معهد مونتانيه" الفرنسي تحدث إلى "النهار" عن تطورات سوريا ونظرته إلى مستقبلها وعن رأيه في الشرع والقيادة الجديدة والتحديات التي تواجهها.
رأى دوكلو أن التغيير في سوريا جاء نتيجة ضعف عرّابي نظام بشار الأسد بشكل كبير منذ بضعة أشهر مع استنزاف إسرائيل "حزب الله" وتدميرها المواقع الإيرانية في سوريا بشكل مستمر، إضافة إلى أن روسيا كانت منشغلة في أوكرانيا. وقد بقي من أصل 30 طائرة مقاتلة روسية عشر طائرات في سوريا وأربع قاذفات قنابل. كما أن نظام الأسد ضعف بشكل كبير وأصبح من دون أي تأييد من جماعته، ومع ذلك رفض الأسد الحوار الذي عرضه عليه الرئيس التركي أردوغان الذي في لحظة معينة أعطى الضوء الأخضر لـ"هيئة تحرير الشام". والأرجح أن أردوغان أراد إعطاء درس لنظام الأسد الذي لم يكن يتصور أن حلب كانت ستسقط خلال 48 ساعة وأن قوات الشرع لن تصطدم بأي عائق على طريق الشام، أضاف دوكلو.
لكن دوكلو لفت إلى أن "القيادة الجديدة في دمشق تبقى في وضع هش رغم أنها تعطي انطباعاً مناقضاً لأن لديها قدرة جيدة على إقامة علاقات عامة إيجابية وأيضاً لأن الشعب السوري ارتاح بشكل كبير بعد التخلص من نظام الأسد وهو يعيش نوعاً من النشوة. حتى مؤيدو الأسد العلويون يشعرون بارتياح باستثناء الشبيحة وكبار ضباط النظام الأسدي".
وأوضح دوكلو أن سبب الهشاشة في القيادة الجديدة لسوريا أنها تضم 30000 عنصر من بينهم مجموعات ليست كلها منتمية إلى الشرع، وحتى في القوات التي تنتمي إلى الشرع هناك عناصر أجنبية ليست من خطه، من التشيشان واليوغور والفرنسيين الجهاديين وقدامى من حركات جهادية. لذا هناك حذر لدى الأوروبيين إزاء القيادة الجديدة. إضافة إلى أن قيادة الشرع لا تسيطر على مناطق الأكراد ولديه تحالف مع "الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا وتحالف ظرفي مع مجموعات في الجنوب يمكن أن يتحول إلى تنافس بسرعة. وشرح أنه "في ضوء ذلك يتساءل الأوروبيون اليوم هل أن الشرع وقيادته تخليا عن انتمائهما إلى الجهاد الإسلامي أم أنه أصبح جهاداً مقنعاً؟. ففي أوروبا هناك جدل حول الموضوع بين الذين يقولون إن الشرع تغير وبين من هم غير مقتنعين بتغيره. ولا يمكنني أن أحسم هذا الجدل، لكن منطق الديبلوماسيين يقول هو أننا لسنا متأكدين، ولكن علينا أن نختبر لنرى ما سيظهره من مواقف".
وعن زيارة وزير الخارجية الفرنسي ونظيرته الألمانية دمشق قال دوكلو: "لقد تحاورا مع الشرع لمدة ساعتين وأبقاهما إلى الغداء، ما يعني أنهما أجريا خلال ثلاث ساعات حواراً مكنهما من تكوين فكرة عن شخصيته، ولكن الأهم هو كيف سيعمل وكيف سيتصرف. فهو مدرك أيضاً أنه يحتاج إلى الغرب، لذا قد يكون لجأ إلى توصيات مؤسسة علاقات عامة غربية للمظهر الخارجي بالبدلة الرسمية، ولو تم توجيه انتقادات له من أوروبيين لأنه لم يصافح وزيرة الخارجية الألمانية، لكن بإمكاني أن أقول إنني خلال عملي في سوريا التقيت سيدات مثقفات يعملن في مجال الهندسة وغيرها، نساء لامعات ولكنهن من بيئة محافظة لا يصافحن الرجال، فهذا لا يعني شيئاً وهذا ما قلته على التلفزيون الفرنسي. لقد عين الشرع سيدة على رأس المصرف المركزي وأخرى رئيسة لبلدية السويداء، ولا يمكننا استخلاص رأي من أنه لم يصافح سيدة، ومن الصعب شرح ذلك للتيار اليميني الفرنسي المتطرف، فلدينا أصدقاء في العالم العربي يعتمدون الشريعة الإسلامية في دستورهم".
وإذ لاحظ دوكلو أن هشاشة وضع قيادة الشرع قد تحمل في طياتها أخطار احتمال الانزلاق إلى حرب أهلية كما حصل في السودان أو ليبيا، رأى في المقابل أن "هناك فرصة جيدة، لأن قيادة الشرع تدرك المشاكل وظروفها الهشة، وهي بحاجة للعالم الخارجي. وفي هذا السياق اعتبر أن الخبر السار هو ما يجري مع السعودية التي أسرعت في إرسال مساعدات للإغاثة ودعت وفداً وزارياً إلى المملكة لأن القيادة السورية فهمت أنها بحاجة الى السعودية، إضافة إلى تركيا".
ورأى دوكلو أن تدمير إسرائيل البنية العسكرية السورية قد يكون إجراء وقائياً، لكنه سيدفع القيادة السورية الجديدة إلى اللجوء إلى المظلة التركية، واحتلال جزء من الجولان الذي كان تحت سلطة الأمم المتحدة يثير مشاعر السوريين، علماً أن الشعب السوري حالياً لا يريد الحرب ويتطلع إلى الهدوء والسلم وإعادة الإعمار، وإسرائيل بذلك تلعب بالنار.
ولفت دوكلو إلى أن المرشد الإيراني أعلن أن إيران ما زالت قادرة على زعزعة الاستقرار في سوريا، ولذلك خطر الفوضى ما زال وارداً، ولكن الأمل هو في توافق بين تركيا والدول الخليجية الأساسية للمساهمة في استقرار سوريا، وهو أيضا دور يجب على الأوروبيين أن يقوموا به".
وأضاف دوكلو أن "سقوط نظام الأسد يمثل فرصة للبنان وزيارة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط سوريا مع وفد كبير مهمة، إذ إنها تعكس مخاوف مشروعة لجنبلاط من تدخل إسرائيل في الطائفة الدرزية في السويداء لاستقطابها.
واستبعد دوكلو أن يطلب الشرع من روسيا إخلاء قواعدها في سوريا لأنه بحاجة إلى روسيا في مجلس الأمن لرفع العقوبات، وأيضا لأسباب اقتصادية.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|