ما الذي ينتظره المستثمرون من الرئيس اللبناني الجديد؟
مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، تترقب الأوساط الاقتصادية بفارغ الصبر، الخطوات التي سيتخذها العماد جوزيف عون لإعادة بناء الثقة المفقودة، وإحياء اقتصاد لبنان الذي أنهكته الأزمات منذ نهاية عام 2019.
فبعد نهاية مرحلة الفراغ السياسي التي استمرت 26 شهراً، تبرز تساؤلات عديدة حول ما إذا كان الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون، قادراً على إعادة الحياة إلى الاقتصاد وجذب الاستثمارات التي يحتاجها لبنان، لاستعادة استقراره المالي، فالمستثمرون المحليون والدوليون ينتظرون رؤية خطة اقتصادية واضحة، وإجراءات جريئة تُعيد لبنان إلى دائرة اهتمام الاقتصاد العالمي.
ويواجه الرئيس اللبناني الجديد تحدياً كبيراً، يتمثل بإحياء لبنان كوجهة استثمارية موثوقة على الساحة الدولية والعربية، فالأزمات المتتالية التي مرت بها البلاد، تسببت بتراجع صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة إلى لبنان إلى 582 مليون دولار أميركي في 2023 مقارنة باستثمارات بقيمة 2.9 مليار دولار في عام 2018، أي قبل دخول لبنان في أزماته المتتالية منذ عام 2019 وذلك بحسب التقارير الصادرة عن مؤتمر الأمم المتّحدة للتجارة والتنمية – الأونكتاد (UNCTAD).
ويعيش لبنان حالياً وسط أجواء تفاؤلية، عززها خطاب القسم الذي أدلى به الرئيس المنتخب جوزيف عون، والذي أكد من خلاله أنه سيدعم إعادة هيكلة الإدارة العامة، والاقتصاد الحر، ولن يتهاون في موضوع حماية أموال المودعين، وأشار إلى أنه لن تكون هناك حصانات لمجرم أو فاسد أو مافيات لتهريب المخدرات وتبييض الأموال.
اختبار جديد للساسة
وبحسب تقرير أعدته "بلومبرغ" واطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، فإن الساسة في لبنان يحتاجون إلى اجتياز عدة مراحل مهمة هذا الشهر، قبل أن يتمكنوا من معالجة الاقتصاد، والبدء في التعافي من التخلف عن سداد الديون، وتأمين نهاية للصراعات العسكرية، حيث عرقل المشرعون اللبنانيون في الماضي مراراً وتكراراً، الإصلاحات التي طالب بها صندوق النقد الدولي لإطلاق العنان لمليارات الدولارات من المساعدات، ويشمل ذلك إلغاء قانون السرية المصرفية، وتنفيذ تدقيق شامل للنظام المالي.
وصعدت معظم السندات الدولية للبنان، بعد الإعلان عن فوز جوزيف عون لترتفع بنحو 0.8 إلى 0.9 سنت خلال تداولات يوم الخميس 9 يناير 2025، وتصل إلى نحو 16 سنتاً للدولار، ولكن مديري الأموال يشعرون بالحذر الشديد في ضوء الإخفاقات المتكررة للطبقة السياسية اللبنانية، حيث تظهر تحركات سوق السندات أن الرهانات قائمة على تشكيل حكومة فعّالة، لتتولى السلطة قريباً وتعمل على الإصلاحات المحتملة.
ووسط هذه الأجواء تبرز تساؤلات حول ما إذا كان الرئيس الجديد، يمتلك الأدوات والإرادة لكي يعيد البلاد إلى دائرة الاهتمام الاقتصادي العالمي، وتحفيز تدفق رؤوس الأموال التي تترقب إشارات واضحة، للعودة إلى لبنان.
رؤية الرئيس الجديد لجذب الاستثمارات
يقول رئيس جمعية الصناعيين في لبنان سليم الزعني في حديث خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الرئيس اللبناني المنتخب العماد جوزيف عون، كان واضحاً جداً في كلمته بشأن ما يطلبه المستثمرون المحليون والأجانب من سياسات اقتصادية، حيث أشار بوضوح في خطاب القسم، الذي ألقاه أمام البرلمان اللبناني إلى تبنيه مفهوم "الاقتصاد الحر"، أي الاقتصاد المبني على حرية التبادل الاقتصادي وحرية التجارة، ومن هنا نفهم بشكل مباشر أنه لن تكون هناك أي قيود على تحويل الأموال، ولا على الاستيراد والتصدير، وهذه من الأمور الأساسية التي تهم المستثمرين المحليين، لأن لبنان كان يجذب الرساميل والاستثمارات بفضل النظام الاقتصادي الحر الذي يتمتع به.
ويوضح الزعني، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس غرفة التجارة الأميركية اللبنانية، أن لبنان كان يمر بمرحلة صعبة بما يتعلق بجذب رؤوس الأموال الأجنبية، وخصوصاً أن ما حصل مع المصارف اللبنانية ساهم بتهريب رساميل كانت موجودة، ورساميل كانت ستتدفق الى لبنان، مشيراً الى أن الرئيس جوزيف عون تطرق الى موضوع إعادة هيكلة المصارف، واحترام الودائع الموجودة فيها، فأي نظام مالي لا يمكن له أن ينجح ويجذب استثمارات، ما لم يكن يتمتع بهذه المبادىء الأساسية، في حين يبقى الأمر الأهم هو ترقب القوانين التي ستصدر لحماية هذه الموجودات والأصول، وإعادة تشجيع المستثمرين للمجيء الى لبنان وإقامة أعمال وإعطائهم ضمانات بأن ما حصل في السابق لن يتكرر، لأنه حدث نتيجة لسياسات خاطئة وفساد مزمن، كان موجوداً بالإدارة اللبنانية وبهيكلية الدولة، فالمصارف أخطأت ولكنها ليست هي التي أفقدت الناس أموالهم فهي أقرضت الأموال للدولة التي بدورها أضاعتها.
مفاتيح جذب المستثمرين
يؤكد الزعني أن الكلام الذي أدلى به الرئيس سيغير تفكير المستثمرين ويطمئنهم، مشدداً على ضرورة أن يُظهِر لبنان للمستثمرين العرب والأجانب أن لديه فرص استثمارية كبيرة، ليتمكن من إعادة جذبهم، حيث يمكن تحقيق ذلك من خلال الانفتاح وعرض المشاريع الجديدة، وتطبيق مبادئ الاقتصاد الحر الذي يضمن حرية التبادل والتجارة والاستثمار، فحرية العمل تعتبر من الأسس، وهي سر نجاح لبنان تاريخياً عندما كان مصنع ومصرف ومستشفى الشرق، وهذا ما نأمل أن يتحقق في المستقبل القريب.
ولفت الزعني إلى أن الرئيس اللبناني لا يتمتع اليوم بالسلطة والصلاحيات، التي كان الرؤساء في لبنان يتمتعون بها قبل اتفاق الطائف أي قبل عام 1989، ولكن ما رأيناه بشخص جوزيف عون وإرادته وصلاحياته الحالية، فإنه سيكون قادراً على أن يوجه القرارات الحكومية التي تضع الأسس لبناء اقتصاد حر، صحي، خال من الفساد والمحسوبية ومبني على المحاسبة والقوانين الحديثة.
اجراءات تعيد ثقة المستثمرين
من جهته، يقول الخبير المالي والاقتصادي، ورئيس جمعية الضرائب اللبنانية هشام المكمّل، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الدعم الدولي الذي ظهر في عملية انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، يؤكد على الثقة الدولية بشخصه وهذا سينعكس ايجابياً في الإجراءات التي سيتخذها رئيس الجمهورية، لإعادة الثقة في الاقتصاد اللبناني من خلال ما يلي:
تحديث القوانين التجارية والضريبية
تحديث قوانين تشجيع الاستثمارات لاستقطابها من الخارج وتقديم الدعم المطلق للاستثمارات الجديدة، سواءٌ كانت من خلال مستثمرين لبنانيين او مستثمرين من الخارج، مع إعفاءات ضريبية لمدة خمس سنوات للقطاعات التجارية، وعشر سنوات للقطاعات الصناعية والسياحية والصحية.
اعادة بناء قطاع الطاقة لتأمين الكهرباء لكافة الصناعات بتعرفة مخفضة وتنافسية
تفعيل المناطق الحرة
ثبات ووضوح التشريعات الضريبية التي تعطي المستثمرين الأمان
تثبيت الأمن وضبط المرافق الجمركية ومنع التهريب والحد من الاقتصاد غير الشرعي
إعادة الثقة بالقطاع المصرفي
تثبيت سعر الصرف
إعادة الثقة بالقضاء اللبناني لضمان استثماراتهم وحقوقهم
اعادة بناء إدارات الدولة والحد من البيروقراطية الإدارية، لضمان إنجاز المعاملات اللازمة لتسيير استثماراتهم، والتمكن من إنجاز معاملاتهم من خلال تطبيقات رقمية، وتحقيق الحكومة الرقمية E Government (استخدام التكنولوجيا على كافة المستويات).
وشدد المكمّل على أن كل ذلك يجب أن يترافق مع رؤية اقتصادية وإنمائية، تؤكد على أن هناك نية صادقة لإعادة بناء الدولة وإداراتها واقتصادها، لتحقيق نمو وإزدهار لبنان ليكون من الدول التنافسية الأولى في استقطاب الاستثمارات، وخلق فرص عمل جديدة، للحد من البطالة وهجرة أبناء الوطن، حيث أصبح من الضروري تشجيع اللبنانيين المقيمين والمغتربين والمستثمرين الأجانب، لإعادة الاستثمار في لبنان، ليس من أجل انتمائاتهم بل على اعتبار أنه ملاذ آمن لأي استثمارات جديدة.
سكاي نيوز
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|