"وليمة الموت".. حادثة الجامع الأموي تعكس شبح المجاعة في سوريا
هزّت حادثة التدافع التي شهدها محيط الجامع الأموي في دمشق، يوم الجمعة، السوريين الذين يترقبون حال بلادهم التي شهدت تغييرات جذرية بسقوط نظامها السابق وتولي الفصائل المسلحة إدارة البلاد المنهارة اقتصادياً.
ويعتقد كثير من السوريين، وبينهم نخب ثقافية، أن الحادثة تكشف حجم المجاعة التي يعيشها عدد كبير من السوريين بصمت، بعد 14 عاماً من الحرب وانهيار العملة المحلية وتدني الأجور لمستوى 20 دولاراً في الشهر لمن لديه عمل في الأساس.
وانعكست تلك التفسيرات للحادثة التي تسببت بأربع وفيات وعدد أكبر من الإصابات، في الكثير من تدوينات السوريين الذين عاشوا لحظات الجمعة الحزينة وتتبعوا مأساتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومما زاد من حزن الموقف، أن جميع الضحايا من النساء، وهي الشريحة الاجتماعية الأضعف في البلاد، حيث قتل كثير من الرجال في معارك السنوات الماضية، وهاجر عدد آخر نحو قارات العالم.
كما أن غالبية المصابين في التدافع، هم من الأطفال الذين كانوا يمنون النفس بوجبة من لحم الضأن، شاهدوا تفاصيل إعدادها في مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية.
وتقول ليلى الرفاعي، وهي أكاديمية وباحثة في علم الاجتماع، في تفسيرها لما جرى "الشيف أبو عمر تجسيد دموي لظاهرة بعض السوريين القادمين بحثاً عن (سوريا متخيّلة ومستحيلة) تشبع رغباتهم بصورٍ في أماكن منتقاة بعناية تامّة، أماكن لا تشبه دمشق التي أراها ويراها أهلها".
وأضافت عبر "فيسبوك": "في سوريا المتخيلة هذه يحتفلون بذاتية لا تبالي بالمجتمع السوري الذي ما زال ينزف على المفقودين ويعاني من سطوة فقرٍ ممتد ومتجذّر، ولا تنطلق من احتياجته وسياقه وعقليته".
وأوضحت: "لا أعتقد أن أوّل ما تحتاجه سوريا اليوم هو خبرتنا في تخريب الوثائق وصناعة فيديوهات منها والحفلات والولائم الاستعراضية التي لا تبالي _ مرّةً أخرى _ إلا بالانتصار الذاتي لسوريا وفي سوريا متخيلة. في الشارع وبين الناس ستدرك تماماً ما تحتاجه منك سوريا أولاً، أما في مخيالك الرومنسي ستبقى محلّقاً في عوالمك وذاتيتك بالنظر إلى سوريا وبالتالي بالعمل لها".
وبينما تحقق الإدارة السورية الجديدة، في الحادثة لتحديد مسؤولية المذنبين فيها وإحالتهم للمحاكمة، يتبنى فريق آخر من السوريين، تفسيراً وموقفاً مغايراً للحادثة، ويحملون الشيف المنظم للوليمة المجانية، المسؤولية عما جرى بسبب بحثه عن الشهرة والمتابعين دون إدراكه خطورة حشد الناس في مكان واحد.
لكن تفسيرات المجاعة الخفية في سوريا، باتت حاضرة بقوة بعد حادثة التدافع، سيما مع انكسار كل القيود والمخاوف من التعبير عن الرأي بحرية بعد سقوط النظام السابق الذي كان يقيد حرية الرأي، ويلملم أي حديث علني عن الفقر والجوع يظهر دون إذن منه، كما حصل في شكوى بعض المشاهير والفنانين لمتابعيهم الكثر.
وكتبت الإعلامية السورية، ندى علي عرب، في تفسيرها للحادثة "الشي يلي صار #بالجامع_الأموي اليوم .. بيدل على قديششششش الشعب تعبان و منتهي، شعب صرلو 14 سنة محروم من كلشي..".
وأضافت "صارت اللحمة حلم وعيد بالنسبة إلهم، من سنين ما فايتة ع بيوتهم ولا دايقينا، اقسم بلله وضع تعبان عالكل، جوع فقر حاجة وووووووووووو استغفر الله سورية حرقت قلبي...".
وبعد شهر على سقوط النظام السابق، لا تزال سوريا خاضعة لعقوبات اقتصادية دولية مشددة، بينما انهارت خلال سنوات الحرب الطويلة، البنية التحتية للبلاد، حيث موارد الطاقة المحدودة خارج سيطرة الحكومة في دمشق، والمستشفيات والمدارس متهالكة وتفتقد للكوادر.
وحتى أجور موظفي القطاع العام، والتي تصل إلى 20 دولاراً في الشهر فقط، تثار شكوك حول القدرة على تسليمها في موعدها، رغم وعود الزيادة أربعة أضعاف في الفترة المقبلة.
وتعيش كثير من العوائل السورية، سيما في دمشق، ظروف حياة صعبة للغاية، ويصبح الحصول على الطعام مهما كان نوعه، وضعاً مثالياً في هكذا حال، بعيداً عن أحلام توفر التدفئة، أو أي احتياجات أساسية أخرى.
وأمام ذلك الحال لكثير من السوريين، تجمعوا بذلك المشهد المخيف، للحصول على وجبة لحم مجانية، ربما لم يتذوقوا مثلها منذ فترة طويلة، مهما كانت المخاطر التي سيواجهونها عندما يدخلون بين الحشد الكبير.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|