ما لا يعرفه الجميع عن "سلاح الجو السوري".. حقائق كثيرة
نشر موقع "العربي الجديد" تقريراً جديداً تحت عنوان: "سلاح الجو السوري... ما دمّرته إسرائيل وما تبقّى"، وجاء فيه:
رغم أن إسرائيل قالت إنها دمرت نحو 80% من قدرات الجيش السوري، لا سيما خلال الضربات الأخيرة، التي أعقبت سقوط نظام بشار الأسد، مركزة على قدرات سلاح الجو السوري لكن يبدو أنه لا تزال لديها أهداف في سوريا.
آخر الضربات الإسرائيلية على سوريا حصلت يوم الأربعاء الماضي من دون الكشف عن الخسائر التي تسببت بها، فيما استهدفت غارات جوية يوم الخميس 2 كانون الثاني الحالي، معامل الدفاع في منطقة السفيرة بريف حلب، شمال غربي البلاد، ودمرت مستودعات لصواريخ أرض ـ أرض من طراز "سكود"، ما يعني أن إسرائيل قد تكون فرغت من أهدافها الأهم في سوريا، وهي البنية التحتية والفوقية لسلاح الجو السوري، الذي يمكن القول إنه بات خارج الخدمة بشكل شبه كامل، باستثناء بعض المروحيات القديمة.
"سهم الباشان"
أطلق الاحتلال الإسرائيلي عملية "سهم الباشان"، وفي إطارها دمّر الطيران نحو 80% من القدرات العسكرية الاستراتيجية السورية، من قبيل طائرات ومروحيات ودبابات وسفن حربية، كما سيطرت قواته على مواقع استراتيجية مهمة.
وجاء ذلك بالتزامن مع إعلان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو انهيار اتفاقية فصل القوات الموقّعة في العام 1974، والتي حافظت على تفاهمات مع نظام عائلة الأسد طوال خمسة عقود.
وبرّرت إسرائيل عمليتها بأنها تخشى وصول هذه القدرات العسكرية إلى قوات المعارضة، التي لا تعرف بعد توجهاتها، مع إشارات من داخل الأروقة الإسرائيلية إلى أن ذلك جرى بعد إعداد الخطط مسبقاً، من خلال جمع المعلومات الاستخباراتية على مدى عقود، لكن وتيرة الأحداث تطلبت تعديلات وتغييرات سريعة.
واعترف الجيش الإسرائيلي بتدمير أسراب من الطائرات المقاتلة والقاذفات في مطارات عسكرية سوريا عدة، كما قال إن معظم الهجمات أدت إلى إلحاق أضرار جسيمة بمنظومة الدفاع الجوي السوري وتدمير أكثر من 90% من صواريخ أرض ـ جو الاستراتيجية التي تم تحديد مواقعها، ما يعني أن سلاح الجو السوري بات خارج نطاق المعادلة العسكرية في المنطقة.
توزع سلاح الجو السوري
وفي تقصٍ لـ"العربي الجديد"، بمساعدة باحثين عسكريين، ومنهم منشقون عن سلاح الجو السوري، تبيّن أن القوى الجوية في الجيش السوري تشكل نسبة تصل إلى 20% من مجموع قوات الجيش العامة، وتتوزع وفق التراتبية التنظيمية الآتية: قيادة القوى الجوية، وتضم المقر المركزي الموحد في منطقة قاسيون، والمقر الموحد الشمالي في شنشار بحمص "م 2"، والمقر الموحد الجنوبي "م 1" وتتبع له الفرقة 20 جوية، ويتبع لها المطارات التالية: المزة "اللواء 86"، والضمير "اللواء 30"، ومرج السلطان وعقربا تحت مسمى "لواء 59 حوامات"، وبلي في السويداء، والسين "اللواء 17"، والناصرية، وخلخلة "اللواء 73 جوي"، واللواء 29 نقل جوي قرب مطار دمشق الدولي.
يضاف إلى هذه المقرات، كل من المقر الموحد الشمالي "م 2" وتتبع له الفرقة 22 جوية، ويتبع لها مطارات الشعيرات "اللواء 50 جوي"، والتيفور "اللواء 70 جوي"، وحماة "اللواء 63".
كذلك، امتلك الجيش ألوية التأمين الإلكتروني "رادارات الطيران"، أما الألوية المستقلة فهي مطار حميميم، واللواء 24 ويتألف من مطاري دير الزور والطبقة بمسمى ثكنة بسام حمشو، ومطار تدمر، ومطار القامشلي.
كذلك هناك المطارات التدريبية التابعة للكلية الجوية، وتضم كويرس "الكلية الجوية"، وأبو الضهور، ومنغ، والمدرسة الفنية الجوية لتدريب كوادر صف الضباط، والمصنع 419 "مطار النيرب" وفيه خطوط لصيانة كافة الطائرات المقاتلة والمروحيات المستخدمة في جيش النظام السابق، فضلاً عن مطار الجراح أو ما يُعرف بمطار كشيش، ومطار تفتناز المروحي. وإلى جانب كل ذلك، هناك المطارات التي تم وقف العمل فيها لصالح الأعمال العسكرية الجوية، كمطار الديماس ومطار الضبعة في حمص، والمطارات الزراعية في إزرع في درعا والحمدان في مدينة البوكمال بدير الزور، وتتبع من الناحية التشغيلية لإدارة القوى الجوية.
أما البنية التنظيمية لقوات الدفاع الجوي، فكانت تتشكل من التالي: فوج صواريخ متحرك بعيد المدى "إس 300"، وفوج صواريخ متحرك على عجل يضم "بانتسير" و"بوك"، وأربعة أفواج صواريخ بعيدة المدى "إس 200"، وألوية الصواريخ قصيرة المدى وهي 8 من طراز "أوسا" واثنان من نوع "كفادرات" (السوفييتية)، والفرقة 24 دفاع جوي مختلطة، ويتبع لها 4 أفواج مدفعية عيار 23 - 57 ملليمتراً وكل فوج مؤلف من 12 إلى 14 سرية مدفعية م/ط (مضاد للطيران)، و4 ألوية مختلطة من أنظمة "بيتشورا – فولغا". وهناك الفرقة 26 دفاع جوي مختلطة، ويتبع لها 4 أفواج مدفعية عيار 23 – 57 ملليمتراً، وكل فوج مؤلف من 12 إلى 14 سرية مدفعية م/ط، و4 ألوية مختلطة "بيتشورا – فولغا".
وبعد سقوط النظام في 8 كانون الأول 2024، شنّت إسرائيل أكثر من 352 غارة جوية، ودمرت أهم المواقع العسكرية الجوية والدفاع الجوي ومستودعات ذخائر القوى الجوية، كمستودعات السلمية التي تحتوي هذه الذخائر، وفق مصدر لـ"العربي الجديد".
وشملت الضربات مطارات سوريا، وأسراب طائرات، ورادارات طيران وأنظمة دفاع جوي، وأخرجتها جميعاً عن الخدمة. كذلك، أعلنت إسرائيل أنها دمرت القدرات الاستراتيجية للقوة العسكرية السورية. وبحسب المصدر، فإن تدمير ترسانة الجيش السوري من قِبَل إسرائيل، خاصة فيما يتعلق بالقوى الجوية والدفاع الجوي، تم بموافقة روسية.
بدوره قال الباحث العسكري في مركز جسور للدراسات، والضابط المنشق عن قوات النظام، رشيد حوراني، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن القوى الجوية السورية بالأساس تعاني من ضعف كبير من الناحية التكنولوجية والتدريبية.
ولفت إلى أنه من الصعوبة البالغة بعد الضربات الإسرائيلية، التي تلت سقوط النظام، إعادة تشغيل القوى الجوية، لأنها تحتاج إلى منظومة دفاع جوي لتأمين طيرانها قبل الإقلاع، وهو غير متوفر حالياً نظراً لاستهداف المقر الموحد المركزي الشمالي في شنشار 2 الذي يقوم بتوجيه الطيران، ويعمل بالتكامل مع المقر الموحد 1 في قاسيون.
وفي حال تمكّن مختصون من استلام المقر 1 بقاسيون، فإنه من المحتمل تمكنهم من نقل مهام المقر 2 بشنشار وحصرها بمقر واحد في سوريا، ويمكن تشغيل ما تبقى من عتاد بنسبة 10% مما كان عليه سابقاً في أحسن الأحوال.
وتابع: "توجد عقبة أخرى أمام سلاح القوى الجوية تتعلق باحتمال كبير أن يكون النظام قد أتلف صمامات بعض الأسلحة من رادارات الطيران، أو رادارات الدفاع الجوي وعربات البانتسير، أو ترك بعض المنظومات مغلقة من دون معرفة أكوادها "فولغا - كتائب بيتشورا"، وهذه تحتاج لخبراء كوريين أو روس لإعادة تشغيلها. ولفت حوراني إلى أن إسرائيل لم تستهدف سلاح الدفاع الجوي الميكانيكي المدفعي، كالمدفع 23، وم/ط المحمول على الكتف، كونه قصير المدى، ولا يشكل تهديداً حقيقياً لها.
ويضاف إلى ضعف الناحية الفنية "التقنية" للقدرات الجوية السورية، بحسب حوراني، عدم زيادة خبرة وكفاءة الطيارين فيها من خلال اتباعهم دورات تدريبية في الأكاديميات والكليات العسكرية الروسية المختصة منذ ما قبل عام 2011 لرفض روسيا ذلك، لأسباب منها سياسية، تتعلق بضمان أمن إسرائيل، لأنها في المقابل زودت النظام بأسلحة الدفاع الجوي التي تعتبر دفاعية وليست هجومية، فضلاً عن أسباب اقتصادية تتعلق بديون لها على سوريا، وعدم إيفاء الأخيرة بهذه الديون.
وكشف حوراني أن سلاح الطيران السوري تعرّض قبل عام 2011 للعديد من الحوادث التي تتعلق بالناحية الفنية. وقدم مقترحاً لدراسة أسباب هذه الحوادث لرئاسة الأركان العامة في الجيش، فيما إذا كانت تعود لأسباب تتعلق بالناحية النفسية للطيارين وتأثيرها على أدائهم، وقوبل المقترح بالرفض.
وفسر هذا الأمر بشكل واضح بعد عام 2011 من خلال اعتماد النظام على المروحيات وتحميلها بالبراميل وإلقائها بشكل بدائي.
بدوره، قال العقيد الطيار إسماعيل أيوب، لـ"العربي الجديد"، إنه لم يكن لسلاح الجو السوري قدرات تفوّق وسيطرة جوية بسبب قدم الطائرات، والتي أغلبها إما منتهية الصلاحية (من حيث ساعات التحليق أو العمر) أو تفتقد للجاهزية، لكونها قديمة وتفتقد لقطع الغيار لتشغيلها بالشكل الأمثل.
وعدّد أيوب الأسراب المنتشرة في المطارات، سواء للمقاتلات أو المروحيات، بأنها تتكون من طرازات: سوخوي 24، وسوخوي 22، وميغ 21 و23 و29، و29 التشيكوسلوفاكية التدريبية، والتي استخدمت أيضاً في الطلعات الجوية، بالإضافة إلى أسراب من مروحيات مي 8، ومي 17، ومي 25، وغازيل الفرنسية، وسرب للحوامات البحرية.
وبيّن أيوب أن "طائرات ميغ 21، لم يعد يستخدمها حتى البلد المصنع روسيا، وقد نسقتها (أخرجتها عن الخدمة) جميعها، ولم نكن نعرف كطيارين كيف كانت تطير في الأجواء.
أما الطائرات الأحدث أو الأكثر جاهزية في سلاح الجو السوري فكانت من طراز سوخوي 24، وهي أيضاً، مقارنة بتطور السلاح الجوي في العالم، تعد قديمة وذات وزن كبير، وغير قادرة على المناورة بالشكل الأمثل".
وبالنسبة للضربات التي وجهتها إسرائيل ضد سلاح الجو السوري في المطارات، أشار أيوب إلى أنه ليس هناك إحصاء دقيق لما استهدفته إسرائيل، لكنه توقع أن تكون الضربات قضت على ما تبقى من طائرات وبنية تحتية لسلاح الجو والدفاع الجوي. وأعرب عن اعتقاده كذلك أن هناك طائرات مخزّنة لم تستهدفها الضربات، لا سيما التدريبية، لكن تلك الطائرات على الأغلب تفتقد للجاهزية، بحسبه، وتجهيزها يحتاج لعمليات فنية وصيانة وقطع غيار.
يشار إلى أن سلاح الجو السوري يعتمد على التسلح الشرقي، أي الروسي، في معظم طرازات الطيران الحربي والمروحي، بالإضافة إلى الطائرات التشيكوسلوفاكية التدريبية، مع بعض المروحيات الفرنسية، وهذا النوع من السلاح يتسم بالحجم والثقل من دون النوعية والتكنولوجيا والكفاءة وبالتالي الدقة.
وحول إمكانية بناء سلاح الجو السوري من جديد، أشار أيوب إلى أن "ذلك مرتبط بالظروف السياسية وتوجه الحكومة السورية، وفيما إذا كان هناك توافق دولي على بيع طائرات وسلاح جو للدولة السورية في المستقبل".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|