بتهمة الاختلاس... حكم بسجن وزير الداخلية الكويتي السابق 14 عاما
تصاعد دعوات "الحماية الدولية".. هل تتعرض "الأقليات" في سوريا لتهديد حقيقي؟
رتفع أصوات من بعض أبناء الطائفة العلوية في سوريا، تنادي بالحماية، المحلية تارةً (من قبل أبناء الوطن المعتدلين) والدولية تارةً أخرى، إثر تزايد الجرائم التي يقول هؤلاء إنها "تستهدف الطائفة العلوية بشكل ممنهج". وبرزت هذه الدعوات خلال الأيام القليلة الماضية، وخاصة بعد الانتهاكات الواسعة التي رافقت الحملة العسكرية لقيادة العمليات العسكرية في مدينة حمص.
لكن هذه الدعوات قوبلت بالكثير من الرفض من قبل شريحة واسعة من أبناء الطائفة، قبل غيرهم من السوريين، حيث استهجن سياسيون وكتّاب ومثقفون هذه الدعوات، وخاصة الدعوة الأخيرة من قبل الشيخ صالح منصور، الذي عُرف عنه بأنه ضابط سابق في جيش النظام، تحول إلى "المشيخة" بعد تقاعده.
آخر المطالبين..
الشيخ صالح منصور، كان آخر المطالبين بالحماية "الدولية" يوم أمس، وخصّص فرنسا بندائه "فيما لو استمرت عمليات القتل ضد أبناء الطائفة" كما قال. وجاء كلامه خلال تشييع الشاب قصي حمزة عبود، الذي قُتل بطريقة وحشية من قبل مسلحين ينتمون إلى "هيئة تحرير الشام" حسب ما ذكرت مصادر أهلية في قرية قرفيص بريف اللاذقية.
قبل الشيخ منصور، خرجت العديد من الدعوات المماثلة من ناشطين وصحفيين ومؤثرين علويين، بينهم الصحفي كنان وقاف الذي فر من نظام الأسد قبل عامين، والناشط عمار عجيب المقيم في أوستراليا، وأيضا القانوني والناشط أمجد بدران الذي اعتبر هذه الدعوة لحماية الطائفة مطلب حق نظرا لعجز "هيئة تحرير الشام" عن حماية الناس من "القتل العشوائي الطائفي"، أو "لتواطئها في هذه الجرائم وسكوتها المقصود عنها".
ودافع بدران عن الدعوات التي أطلقها الشيخ صالح منصور بطلب الحماية، مطالبا من يهاجموه بالتروي، ومشيرا إلى أن الطوائف السورية جميعها تحت حماية هذا البلد أو ذاك ما عدا العلويين.
يقول بدران إن "الحماية الدولية التركية القطرية للجولاني بالسلاح والمال موجودة وحاضرة منذ اليوم الأول لدخول الهيئة إلى دمشق"، وأيضا "الحماية الدولية لـ(قسد) من قبل الأمريكي موجودة ومعروفة للجميع مع قواعد عسكرية"، وكذلك "الحماية الدولية لأهلنا الدروز من النسيج الاجتماعي الإسرائيلي موجودة". لافتا إلى أن "الحماية الدولية حاضرة في كل البلد.. دخلت وخلصت".
لكن بدران انتقد طلب الشيخ للحماية من فرنسا تحديدا، لأنها "ستتدخل لتأمين مصالحها الخاصة فقط وليس لحماية هذه الأقلية أو تلك".
وأكد بدران على موقفه الداعي لطلب الحماية، ولكن "أولا من إخوتنا في الوطن، من الغالبية السنية، الذين أقصى الجولاني أكثر من 90% منهم من المناصب وحصر الأمر بمجموعته الضيقة جداً"وفق قوله.
وأضاف "لكن بما أن أخوتنا السنة فشلوا بتأمين هذه الحماية لأهلهم من الطوائف الأخرى، بل فشلوا حتى بإيصال صوتهم وفرضه على السلطة الحالية، فإننا نطلب الحماية الدولية، في حال استمرار الجرائم، من المجتمع العربي والدولي".
وشرح بدران بأن المقصود هو "حماية أممية من مجلس الأمن بطرائق مختلفة أهمها: إجبار الجولاني على تسليم السلطة التنفيذية والتشريعية التي خطفها لهيئة حكم انتقالية تمثل كل المجتمع".
استهجان "علوي"
هذه الدعوات التي انطلقت طلبا للحماية، ورغم وجود قبول شعبي لها بين بعض العلويين الواقعين تحت التهديد، إلا أن عددا كبيرا من العلويين استهجنها، ولم تمر بلا ردود قاسية وتحذيرات من السير فيها أكثر من ذلك.
الناطق الرسمي باسم حركة التغيير الديمقراطي، الدكتور منذر خدام، رد على التهديد الذي أطلقه الشيخ صالح منصور، بطلب الحماية الفرنسية للطائفة العلوية، بالقول "باسم حركة التغيير الديمقراطي، أستنكر ما صرح به .. هو لا يمثل إلا نفسه.. العلويون محميون بشعبهم السوري".
وأضاف خدام، وهو من أبناء الطائفة العلوية، ومعروف بمعارضته لنظام "الأسدين": "أذكّر هذا الشيخ وأمثاله بصمتهم الخائب عن جرائم النظام البائد". لكنه أدان في الوقت نفسه "أي فعل جرمي لقوات الأمر الواقع في دمشق خارج القانون" محذرا من أن تزايد الضغوط الأمنية والنفسية والمعيشية على سكان الساحل سوف يكون له نتائج مأساوية". وطالب خدام بـ"إصدار عفو شامل يستثنى منه من ارتكب أفعالا جرمية ذات طابع منهجي بحسب ما صرح به السيد أحمد الشرع نفسه" حسب قوله .
الحذر الحذر!
من جهته، حذر الناشط والصحفي بسام القاضي، من الدعوات التي تُرفع طلبا للحماية الدولية، مشيرا إلى أن "مراسلة دول والسفارات والمنظمات، وتحريضها بأي شكل على سلطة في بلدك، وطلب حماية لفئة من الشعب، هو فعل تعاقب عليه كل القوانين السورية القديمة منها والحديثة".
وتوجه القاضي إلى رافعي دعوات الحماية قائلا: "الحذر الحذر.. الألماني والفرنسي والبريطاني والأمريكي لا يريد بك خيراً، لهذا لم يجد مانعاً من أن يجوّعك ويقتل أطفالك لعقد ونصف، لأنك رفضت أن تشاركه قيمه في إخضاع النظام الديكتاتوري البعثي لإملاءاته، متذرعاً بقتل النظام لشعبه.. واليوم لن يجد مانعاً في الاستمرار بفعل ذلك (العقوبات) لكي يخُضع النظام الجديد لإملاءاته متذرعاً بحمايتك!"
ووصف الناشط والصحفي هذه الدعوات بأنها "وصمة عار لن تفارقك أبداً، ككل الوصمات التي التصقت بسلالات من تعامل مع الاحتلالات سابقاً".
لا يمثلون سوى أنفسهم
السياسي السوري، والمستشار القانوني في جامعة الشارقة، د. سام دلة قال لـ"إرم نيوز" إن هذه الدعوات هي من أشخاص لا يمثلون سوى أنفسهم. وأشار دلة إلى أن "الطائفة العلوية ليس لديها تجمعات ومنظمات مجتمعية ولا مجالس مثل الطائفة الدرزية، أو الطوائف المسيحية، وليس لديهم تنظيم معين ليتحدث باسمهم."
وأوضح أنه " بغض النظر عن حقيقة هذا الأمر، هناك عقلاء لدى العلويين، مشايخ فاضلون، وأشخاص مثقفون وواعون، ولكن لا يوجد أي هيئة يمكنها أن تتحدث باسمهم بشكل جمعي".
وأردف المستشار القانوني بالقول "ما قيل بالأمس هو من شخص غير معروف كرجل دين وحتى لو كان كذلك فهو غير مخول بهذا الحديث والاتصال الذي يتحدث عنه مع دول وجهات خارجية أو بعض المنظمات" مشيرا إلى أن كلامه مرفوض لعدة أسباب:
"أولا لأنه لا يوجد دول في العالم يمكن أن تتدخل لصالح أي مجتمع، خصوصا الفرنسيين (أعرف الفرنسيين وكيف يفكرون، ولدي تواصل معهم) لا أحد لديه رغبة بذلك، وفرنسا ليست دولة عظمى لكي تتدخل".
ولفت دلة إلى أن "الحماية الدولية من الأمم المتحدة أيضا لها شروط وضوابط تتعلق فيما إذا كان هناك موجات واسعة من الانتهاكات تصل إلى حد الإبادة الجماعية، هنا يمكن طرح هذا الأمر على مجلس الأمن، ولكن حتى هذا الأمر لا يمكن أن يصدر بقرار تحت الفصل السابع إلا ضمن معايير محددة ومعقدة".
دعوات مجانية
يرى سام دلة أن "هذه الدعوات مجانية وتسيء للطائفة العلوية بشكل خاص، بل تنذر بالرجوع إلى الوراء، وتأكيد النظرة الخاطئة عن العلويين بالسعي لاستجلاب تدخل خارجي".
ويؤكد دلة أن "الطائفة العلوية"تعرضت لامتهان كبير من قبل النظام السابق ولا يمكن محو هذا الأمر في عدة أيام عبر بعض المقولات البسيطة التي تطلق هنا وهناك".
ولا ينفي المستشار دلة حصول الانتهاكات بحق العلويين، لكن الأمر يتطلب رفع الصوت عاليا وتنظيم القوى الوطنية ضمن المجتمع في الساحل بطريقة مدنية والتوجه بخطاب وطني جامع وعدم السكوت، حسب قوله.
ودعا دلة العلويين إلى "المساهمة الفاعلة في أي حراك في المستقبل، لأن سلطة الأمر الواقع في دمشق غير قادرة على نسف مطالب بعض المكونات المجتمعية، وهي حاليا مرحلة للتجاذب بين سلطة الأمر الواقع والمجتمع السوري ككل"، مشيرا إلى أنه "لا يمكن الحديث عن السنة كطيف واحد ولا عن الدروز كطيف واحد، والشيء نفسه عند العلويين وباقي المكونات السورية".
وخلص دلة إلى دعوة أبناء الطائفة العلوية، لانتهاج الحكمة والتعاطي بإيجابية، رغم الانتهاكات، "إلا إذا تمددت ووصلت إلى حد يمكن أن نقول عنها إنها ممنهجة" وفق قوله.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|