الصحافة

من يضمن التزام العدوّ بالانسحاب الكـامل؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

عشرة أيام يفترض أن يعلَن بعدها انسحاب العدو الكامل من الأراضي اللبنانية، واعتبار وقف إطلاق النار شاملاً بصورة فعلية. وهذا يعني أن على العدو وقف كل أنواع الخروقات، البرية والجوية والبحرية، مقابل قيام الجيش اللبناني، بمواكبة قوات الـ«يونيفل»، بالانتشار جنوبيّ نهر الليطاني، وضمان عدم وجود أيّ سلاح أو مسلحين خارج القوات العسكرية اللبنانية.

الأميركيون واثقون - كما يصرّحون - بأن إسرائيل ستلتزم بالاتفاق وستنسحب تماماً، مساء الأحد في 26 من الشهر الجاري. لكنّ في الركون الى التعهدات الأميركية ضرباً من الجنون، ربطاً باختبار ما مرّ من مهلة الستين يوماً، إذ ما كان يفترض أن تقدم إسرائيل على ما قامت وتقوم به منذ 27 تشرين الثاني الماضي، وهو ما تبرّره واشنطن بأنه «عملية تنظيف» في المنطقة الحدودية، وجزء من تفاهم جانبي تمّ مع إسرائيل، لضمان حريتها في التثبّت من عدم وجود بنية تحتية لحزب الله، ويتيح للعدو توجيه ضربات ضد الحزب في العمق اللبناني، وهذا ما حصل فعلياً. ولم تبادر إسرائيل الى أيّ خطوة لتطبيق الاتفاق، إلا عشية انتخاب العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية، عندما أخلت معظم القطاع الغربي، لكن من دون أن تسمح لأهالي هذه القرى بالعودة إليها قبل انتهاء مهلة الستين يوماً.

في غضون ذلك، تشير المعطيات الواردة من الأراضي المحتلة إلى أن مستوطني المستعمرات الحدودية مع لبنان بادروا الى تفقد منازلهم، وعاد بعضهم إليها. ورغم تحديد الأول من آذار المقبل موعداً رسمياً لعودتهم، فإن نحو 35 في المئة من المستوطنين يعملون على تأهيل منازل قابلة للسكن، أو عاودوا العمل في ورش زراعية وصناعية خفيفة، فيما تستمر الخلافات بين المجالس المحلية والحكومة حول التعويضات المالية.

لكن، هل هناك احتمال لإقدام العدو على أيّ مناورة؟
الاحتمال كبير جداً، والقلق قائم أيضاً من استمرار احتلال العدو لبعض النقاط. ومحاولة فرض تفاوض جديد، وطرح تمديد مهلة الستين يوماً. كذلك، ليس هناك أي نوع من الضمانات بعدم قيام العدو بأعمال عسكرية أو أمنية، ليس في المنطقة الحدودية فقط، بل كل الجنوب وحتى بيروت والضاحية والبقاع، بما يعيد إشعال الجبهة، وهو خيار يبدو مرغوباً من جانب قيادة العدو، ولا أحد يعرف ما إذا كانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ستمارس الضغط الكفيل بمنع إسرائيل من إعادة إشعال الجبهة مع لبنان.

ورغم الحاجة إلى التدقيق في ما ينوي العدو القيام به، والسؤال عن الدور الأميركي، فإن نقاش هذه الأمور يبدو غائباً في لبنان الذي دخل مرحلة جديدة بعد انتخاب العماد عون رئيساً وتكليف القاضي نواف سلام بتشكيل الحكومة، وهو ملف تغلّفه «أزمة ثقة» بين المكوّنات السياسية، بسبب عدم الوضوح في طريقة عمل الحكم الجديد مع استحقاق تطبيق قرار وقف إطلاق النار.

بهذا المعنى، بإمكان خصوم المقاومة، في الداخل أو الخارج، الحديث عن أنها تتحمل مسؤولية الاتفاق الذي وقّعت عليه، وأنه لا يحقّ لها المطالبة بما لم يرد فيه من بنود وضمانات. لكن، وإن كانت الملاحظات على الاتفاق واقعية جداً، وخصوصاً كما عرضها النائب جميل السيد بعد اجتماعه مع رئيس الحكومة المكلف، فإن السؤال ليس موجّهاً فقط الى المقاومة، بل هو موجّه أولاً الى الرئيس عون الذي يعرف أن محاولة العدو تعطيل الاتفاق أو المناورة حوله، ستكون موجّهة الى عهده. وبالتالي، فإن على الرئيس عون، كما الرئيس المكلف، القيام باتصالات حثيثة وسريعة مع الولايات المتحدة وفرنسا لضمان التزام العدوّ بتنفيذ الاتفاق، واعتبار هذه المهمة أولوية تتقدم حتى على تشكيل الحكومة الجديدة. إذ إن أيّ محاولة لحشر المقاومة داخلياً لا تفيد في معالجة المشكلة التي ستعود لتطلّ برأسها، وخصوصاً أن أي محاولة من العدو للتصرف وفق ما يراه مناسباً، ستمثل دعوة صريحة للمقاومة إلى إطلاق برنامج العمل المباشر لإلزام العدو بتنفيذ الاتفاق. وهي مهمة سيكون لها أثرها الكبير على الاستقرار الداخلي، وأبعادها المتصلة بما يجري في سوريا، وخصوصاً أن العدو نفّذ انتشاراً عسكرياً واسعاً في المناطق السورية المحاذية للحدود، يشكّل تهديداً مباشراً للبنان، ما يعني أن على المقاومة أن تكون مستعدة للتعامل معه وليس انتظار الأفعال منه.

والقلق مردّه أيضاً إلى ما هو سائد في أوساط العدو، وحتى عند الأميركيين، من أن الحرب الأخيرة لم تكن كافية لإعلان هزيمة المقاومة في لبنان. وهناك كلام كثير في هذه الأوساط عن أن حزب الله عمد في الأسابيع الأخيرة الى إعادة ترميم بنى بشرية وعسكرية للمقاومة في أكثر من منطقة لبنانية. وهو كلام يشكّل عادة تمهيداً لعمل عسكري أو أمني ما. وما لم تبادر واشنطن وباريس الى خطوات عملية باتجاه وقف فعلي للحرب، فإن استمرارها لن يكون بالضرورة على الشكل الذي شهدناه منذ 27 تشرين الثاني الماضي، لأن من السذاجة الاعتقاد بأن المقاومة ستقف مكتوفة الأيدي أمام عدوان من هذا النوع. وعندها، لن يكون هناك أيّ مجال لأيّ بحث في الخيارات الدبلوماسية المتاحة الآن فقط. إذ ليس من المنطقي، بعد كل ما جرى، أن يكون بيننا من يعتقد بأن المقاومة في لبنان عاجزة عن مواصلة الحرب، أو أن اللبنانيين سيصدّقون أن الدبلوماسية تعيد حقاً مسلوباً، وهي حال العرب منذ قيام هذا الكيان البغيض.

ابراهيم الأمين - الاخبار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا