23 سنترالاً لم تتم معاينتها بعد... مدير "أوجيرو": خطة كبيرة لمنطقة جنوب الليطاني
الكويت: حكاية الوزير “زوج الثلاثة” السارق “بالأكياس”
من “بطل” يُطلَق عليه تسمية “وزير الشعب” ويتصدّر وسائل التواصل الاجتماعي بصُوَرِه وأخباره، إلى مُدان بالاختلاس وغَسْل الأموال ومحكوم بالسجن 14 سنة. هكذا هَوَى الوزير الكويتي السابق الشيخ طلال خالد الأحمد الجابر الصباح، الذي شغل منصب وزير الداخلية من 1/8/2022 إلى 17/1/2024، ومنصبَي النائب الأوّل لرئيس الوزراء ووزير الدفاع بالوكالة من 9/3/2022 إلى 18/6/2023.
الثلاثاء الماضي، أصدرت “محكمة الوزراء” حكمين، أوّلهما قضى بسجنه 7 سنوات لاختلاسه، خلال فترة حوالي 16 شهراً، مبلغ 9.5 ملايين دينار (حوالي 30 مليون دولار) من المصروفات السرّية لوزارة الداخلية، والثاني بسجنه مدّة مماثلة لاختلاسه 590 ألف دينار (حوالي مليوني دولار) من المصروفات السرّية لوزارة الدفاع.
لا يُعتبر الحكمان سابقة بحقّ وزير سابق أو شيخ من الأسرة الحاكمة، إذ سبقت إدانة رئيس وزراء سابق ووزير داخلية سابق بالسجن أيضاً، لكن يُمكن تسجيل مُفارقَتَيْن:
- أولاهما أنّهما أوّل حُكمين يصدران ضدّ وزير سابق في عهد الأمير الشيخ مشعل الأحمد الذي تولّى مقاليد الحكم في 20/12/2023، مع ما يتردّد عن ملفّات أخرى مشابهة قيْد التحقيق بحقّ أسماء من الوزن الثقيل أيضاً.
- ثانيتهما أنّهما طالا شخصاً تولّى وزارتين سياديّتين وكان مُتصدّراً المشهد لفترات طويلة. بالنظر إلى كلامه الرنّان وجولاته الميدانية المكثّفة شبه اليومية، وحديثه المتكرّر عن سيادة القانون والشفافية والمحاسبة. وهو ما دفع أحد الناشطين على منصّة “إكس” لنشر فيديو قديم له كان يقول فيه: “مافي أحد فوق القانون”، مع إرفاقه بتعليق: “وعدت ووفيت بأن لا أحد فوق القانون .. وأتممت عهدك”.
وسائل بسيطة
لم تكمن المفاجأة في الإدانة أو فترة السجن، بل ما أثار التساؤلات الطريقة التي تمّت بها الاختلاسات، وآليّة نقل الأموال، بالنظر إلى بساطتها وبدائيّتها وقدرة أيّ تحقيق أمنيّ أو قضائي على كشفها.
في القضيّة الأولى، كانت الأموال تُسلّم إليه شخصيّاً “كاش”. وفي الثانية كانت تُسلّم إلى مقيم مصري يعمل مُعقّب معاملات في مجلس الوزراء، يتولّى إدخالها في حسابه، ومنه تنتقل إلى أفراد من عائلة الوزير.
ومع أنّ الوزير تمسّك بحقّه القانوني في حرّية الصرف لأمور تتعلّق بـ”الأمن القومي”، فإنّ المحكمة أكّدت في الحكمين أنّ المصروفات السرّية ليست مالاً مُباحاً، وإنّما هي مال عامّ يخضع للتدقيق والمراقبة، وإنْ كان استخدامه يتمّ بطريقة سرّية لاعتبارات سيادية.
سيّارات وتلميع
في الحكم الأوّل الواقع في 33 صفحة، دانت المحكمة الوزير السابق باختلاس مبلغ 9.5 ملايين دينار (حوالي 30 مليون دولار) من أموال “بند المصروفات السرّية” الخاصّة بوزارة الداخلية، وارتكاب جرم “الكسب غير المشروع” بأن “حقّق زيادة في الثروة غير مبرّرة”، و”غسل الأموال” بشرائه 13 سيّارة فارهة له ولأولاده من الأموال المُختلسة.
تمسّك الوزير، أثناء دفاعه عن نفسه، بأنّ المبالغ التي صرفها “مخصّصة لأغراض الأمن القومي وسيادة دولة الكويت، وهي أمور سرّية لا يجوز الإفصاح عنها تتعلّق بمصلحة الدولة العليا وسيادتها وسلامة أراضيها”.
كشفت حيثيّات الحكم أنّ وزير الدفاع الحالي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح هو الذي أثار القضيّة، عندما قدّم بلاغاً للنائب العامّ في 28/4/2024 بوجود مبلغ مفقود من بند “المصروفات السرّية” يُقدّر بحوالي 840 ألف دينار (2.7 مليون دولار)، فقادت التحقيقات إلى المبالغ الأخرى.
وفق تحقيقات أمن الدولة الواردة في الحكم، الذي حصل “أساس” على نسخة منه، فإنّ أموال بند “المصروفات السرّية” لوزارة الداخلية تبلغ سنوياً 15 مليون دينار (48.6 مليون دولار)، تُصرف نقداً من البنك المركزي إلى الشؤون الماليّة في الوزارة، وإنّ الوزير هو المسؤول الأوحد عن التصرّف فيها، لكنّ الأصل هو “تحقيق مصلحة الوزارة بحسبانها وزارة سيادية تهدف إلى حفظ الأمن في البلاد”.
رشوة صحافيّين… واختلاس
تبيّن أنّ الوزير كان يصرف أموالاً لمجموعة من الصحافيين بهدف “إبراز صورته أمام الرأي العامّ وفي مواقع التواصل الاجتماعي”، وهو ما اعتبرت تحقيقات أمن الدولة أنّه “لا يدخل ضمن قنوات الصرف التي تحقّق مصلحة الوزارة”.
تعدّدت أنواع السيارات التي اشتراها الوزير بالأموال المختلسة، بين “بنتلي” و”جاكوار” و”بورش” و”اسكاليد” و”مرسيدس” و”تويوتا” و”رانج روفر” و”بي إم دبليو”.
أثناء إدلائه بأقواله، لم يقرّ الوزير السابق بالتهم وقال إنّ السيارات اشتراها من أمواله وإنّه مُعتاد على التعامل بـ”الكاش”. فيما تولّى محاميه الدفع “بعدم وجود تنظيم قانوني أو قرارات إدارية تضع آليّة منضبطة تحكم صرف الأموال من بند المصروفات السرّية، ووجود فراغ تشريعي متعمّد بهذا الشأن نظراً لطبيعة أوجه الإنفاق على أمور تتعلّق بالأمن القومي والمصالح العليا”.
ردّت المحكمة على ذلك بإيراد موادّ قانونية تؤكّد أنّ “المصروفات السرّية ليست مالاً مباحاً، وإنّما هي مال عامّ له حرمة، يلزم أن ينفق في ما خصّص له تحقيقاً للمصلحة العامّة”.
خلصت إلى الحكم بسجنه 7 سنوات وإلزامه بردّ المبلغ وتغريمه ضعفه (19 مليون دينار، أي حوالي 61.5 مليون دولار).
أموال في أكياس
تميّز الحكم الثاني، الواقع في 38 صفحة، بوجود متّهم آخر هو مقيم مصري يعمل مُعقّب معاملات في مجلس الوزراء، كان يلعب دور “النَفَق” في تمرير الأموال من المصروفات السرّية لوزارة الدفاع، وبلغت قيمتها حوالي 590 ألف دينار (مليونَي دولار تقريباً).
كشفت التحقيقات أنّ المقيم كان يحصل على الأموال داخل أظرف وأكياس من ضبّاط في الوزارة، بناء على أوامر الوزير، ويودعها في حسابه الشخصي، ثمّ يقوم بتحويلها لأفراد من عائلة الوزير وأشخاص آخرين.
الفارق بين هذا الحكم والحكم الأوّل أنّ قضيّة “الدفاع” كُشفت بناء على تحرّيات مصرفية وليس ببلاغ إلى النيابة العامّة، حيث رصد أحد البنوك حركة مشبوهة في حساب المتّهم الثاني (المقيم) الذي كان راتبه 300 دينار (تقريباً 1,000 دولار أميركي)، وكانت تدخل إليه وتخرج منه أموال بمئات آلاف الدنانير، عن طريق الإيداعات الآليّة والنقدية.
أظهرت التحقيقات أيضاً أنّ حساب المتّهم الثاني كان يُستخدم “محطّة إيداع مؤقّتة” قبل أن يتمّ توزيع الأموال إلى عدد من أبناء الوزير.
هُنا، دَفَع الوزير بأنّه منذ تولّيه المنصب العامّ، فوّض إلى هذا الشخص إدارة عقاراته الخاصّة وتحصيل الإيجارات الشهرية وتسلّم الشيكات، ودفع الالتزامات المالية الخاصّة بأبنائه وبناته (عددهم 9) وزوجاته الثلاث.
لكنّ شهادات الضبّاط في وزارة الدفاع دحضت هذه الفرضية، مع تأكيدهم أنّهم كانوا يُسلّمون الأموال للمتّهم الثاني بناء على أوامر الوزير، بموجب إيصالات يقوم بالتوقيع عليها، بلغ عددها 32.
كما أنّ الوزير صرّح في إقرار ذمّته المالية بأنّ دخله من العقارات التي يملكها في الكويت يبلغ شهرياً 60 ألف دينار (194 ألف دولار) وانخفض إلى النصف اعتباراً من 1/11/2023 بسبب هدم أحد العقارات، كما لديه دخل من عقارات يملكها في دبي يبلغ سنوياً 120 ألف دينار (حوالي 388 ألف دولار).
تبيّن أنّ بند المصروفات السريّة في وزارة الدفاع يبلغ مليونَي دينار سنوياً (6.4 ملايين دولار)، يتمّ تسلّمها من البنك المركزي نقداً وتوضع في الخزنة الخاصّة بالإدارة المالية بوزارة الدفاع، ويُعتبر الوزير المسؤول الأوحد عن صرفها.
خلصت المحكمة إلى معاقبة الوزير بالسجن 7 سنوات وردّ المبلغ وتغريمه ضعفه، ومعاقبة المقيم المصري بالسجن 4 سنوات وردّ المبلغ أيضاً وتغريمه ضعفه، مع إبعاده عن الكويت بعد تنفيذ العقوبة.
نايف سالم -اساس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|