هل يمثّل "الثنائي" كل شيعة لبنان؟
مع عودة عمل المؤسسات الدستورية وإنجاز الاستحقاق الأهم بعد طول تعطيل وحروب، وبعد الإجماع الكبير الذي حظي به رئيس الجمهورية، جوزاف عون، والثقة التي منحت للرئيس المكلف تشكيل الحكومة، نواف سلام، يحاول "حزب الله" المناورة وابتزاز اللبنانيين مجدداً بالتعطيل. يستخدم تفسيره للميثاقية ليفرض شروطه، يعتبر أنه وحده مع حليفته "حركة أمل" يمثلان الشيعة، وأن أي اسم من خارجهما يعني الإقصاء بصرف النظر عن كفاءته. فهل حقاً "الثنائي الشيعي" يمثل كل شيعة لبنان؟
من المسيء بحق أية طائفة الحديث عنها وكأن أفرادها نسخ متطابقة ومتكررة. في الطائفة الشيعية، كما في غيرها، شخصيات كفوءة وجريئة ومستقلة، لا ترضى بالخضوع. شكل هؤلاء تحركاً أساسياً معارضاً للسلطة في السنوات الماضية وفي مكافحة الفساد والمطالبة بالعدالة، على الرغم من مضايقات "الحزب" ومحاولته إقصاءهم.
في الحديث عن حجة التمثيل النيابي واحتكار الثنائي كل مقاعد النواب الشيعة، لا يمكن النظر إلى ذلك من دون قراءة الوقائع على الأرض. أولاً وبالأرقام، لم يصوت كل الناخبين الشيعة للثنائي، في انتخابات لم تتجاوز نسبة الإقتراع فيها الـ 50 في المئة، ولم يصوت كل المقترعين للثنائي وإن صوتت الأغلبية له.
مثلاً في دائرة الجنوب الثالثة، حيث ترشح رئيس كتلة "حزب الله"، محمد رعد، نال مرشحو الكتلة 25.91% من أصوات الناخبين المسجلين و54.027% من أصوات المقترعين. بينما صوت لصالح مرشحي "حركة أمل" 11.68 في المئة من الناخبين المسجلين، أي 24.35 بالمئة من المقترعين. كمجموع نالت لائحة الثنائي بالتحالف مع أسعد حردان ومروان خير الدين 39.76% من أصوات الناخبين و82.90% من المقترعين.
انتخابات تحت الترهيب
على أي حال شكلت الأرقام التي حققها الثنائي في مختلف الدوائر أقصى ما يمكنه تحقيقه، إذ استخدم كل الوسائل المتاحة أمامه. لقد فرض "حزب الله" تكليفاً شرعياً، وجيّش بأقصى ما استطاع مستخدماً العقيدة والسلاح والترهيب والمؤامرات، مستغلاً الأزمة الاقتصادية، بعد أن كان قد استخدم القمع والعنف لضبط المنتفضين عليه.
وقبيل الانتخابات وزع "الحزب" مبالغ مالية على العائلات. وبالتوازي مع العمل على استعادة ولاء الكثير ممن انتفضوا جراء الأزمة الاقتصادية، قام "الحزب" بترهيب المرشحين الآخرين ومؤيديهم.
خاض هؤلاء الانتخابات في معظم الأقلام من دون مندوبين يراقبون حسن سير عمليات الفرز، وتعرض الكثير منهم للترهيب وانسحبوا قبيل الانتخابات، فصارت مسألة فرز الأصوات خاضعة لسلطة مندوبي الثنائي.
وفي حين مورس الكثير من المخالفات بعيداً من الأنظار، بثت مخالفات أخرى مباشرة على الشاشات، كمشهد مندوبي الثنائي وهم يرافقون المقترعين إلى خلف العازل. كما قام عناصر من "الحزب" بالاعتداء علناً بالضرب على مندوبين ومصورين، وهو ما يشكل عينة عما يجري في الخفاء. حتى أن الثنائي دفع بعائلات للتبرؤ من أبنائها لتجرؤهم على الترشح. كذلك استخدم التهديد بالطرد من الوظائف العامة كسلاح انتخابي.
سياسة "قبل السحسوح وبعد السحسوح"
اليوم يشكو "حزب الله" ما يصفه بالإقصاء لمجرد أنه خسر بعضاً مما انتزعه بالقوة وصار يعتبره حقوقاً مكتسبة. لكن الواقع يثبت أن "الحزب" هو من يمارس الإقصاء تحديداً بحق الشيعة المختلفين عنه. فهو إما يريدهم خاضعين له أو يرفض وجودهم. وسبق أن هدد العديد منهم وطردهم من قراهم ومنازلهم لمجرد اختلاف بالرأي. وعمم سياسة "قبل السحسوح وبعد السحسوح" كي يرهب الناس.
يستمر "حزب الله" بمحاولة عزل الشيعة عن بقية اللبنانيين ومنعهم من الفرح بفتح صفحة جديدة. يحاول تصويرهم وكأنهم قاصرون ولا يولّدون شخصيات متمايزة وكفاءات غير محزّبة. يتحدث بمنطق الأعداد وكأنه يتناسى المبدأ الذي قام عليه الفكر الشيعي وهو أن الحق يغلب العدد. أياً كان يبقى الأكيد أن الشيعة المعارضين لـ"الثنائي" يمثلون أكثر مما يمثل سليمان فرنجية الذي حاول "الحزب" فرضه رئيساً على كل اللبنانيين.
مريم سيف الدين -"نداء الوطن"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|