"التمرّد" على إرادة "حزب الله" ليس "تنكيلاً" بشيعة لبنان!
أزمة اللبنانيّين لا يفترض أن تكون مع موقع الطائفة الشيعية في بنية السلطة التنفيذية، بل مع "حزب الله"، لأنّه يقتطع جزءاً من اللبنانيين مستغلّاً انتماءه المذهبي، ليضع هذا الجزء في خدمة مشروع إيراني، غير آبه بتأثير ذلك سلباً على الوئام الأهلي والتعاضد الوطني ووظائف الدولة الجوهرية.
إذن، تبدأ المشكلة بإقامة "حزب الله" دويلة ضمن الدولة، وعمله لعقود على تسخير هذه الدولة حتى تكون في خدمة دويلته، ما جرّ الكثير من المآسي والويلات على اللبنانيين عموماً وعلى بيئته الشيعية خصوصاً، حتى ولو جرى إلهاؤها عن كل ذلك بوهم القوة وعقدة التفوّق!
أمّا في كل ما يتصل بالشؤون الداخلية، فمشكلة الشيعة تتساوى مع مشاكل اللبنانيين المنتمين إلى عائلات طائفية أخرى، فالجميع يقعون في ورطة المحاصصة والزبائنيّة المنتجة لآفة الفساد التهديمية!
والدليل على ذلك، أنّ "حزب الله" حين تصدّى للتحقيقات في قضية تفجير مرفأ بيروت -وقد استعادت مسيرتها بعد التطورات الرئاسية الإيجابية في ظل دعم معلن من الرئيسين جوزف عون ونواف سلام- لم يفعل ذلك لأنّ التحقيقات تستهدف منتمين إلى الطائفة الشيعية، إنّما منظومة مختلطة طائفياً، طالما خدمته في الأمن والعسكر والإدارة وكانت تعتبر تمنياته… أوامر!
ولهذا، فإنّ لجوء "الثنائي الشيعي" عموماً و"حزب الله"، خصوصاً إلى تصوير التطورات الدستورية الأخيرة في البلاد، كما لو كانت تنطلق من اعتبار الشيعة طائفة مهزومة، هو تزوير للحقيقة، اذ إنّ الأكيد أنّ الرئيسين عون وسلام، قبل غيرهما من اللبنانيين، يعتبران أنّ لبنان كلّه هو المهزوم، بسبب "حزب الله" والنهج السياسي التابع له أو المتأثر به أو المتواطئ معه.
ويسعى "لبنان الجديد" إلى إنقاذ لبنان عموماً والشيعة خصوصاً من هذه الهزيمة النكراء، وهذا يستحيل أن يكون وفق خارطة طريق يحاول فرضها "الفريق التدميري"، فمنع عودة الحرب، وإعادة إعمار ما هدمته، وتحرير الأسرى في السجون الإسرائيلية، وتحرير الأرض، وإنهاض الاقتصاد، وإقامة الدولة، هي في خدمة الجميع وليست مناصرة لطرف على حساب الآخر.
ولا يطالب اللبنانيون بمحاسبة "حزب الله" على توريط لبنان في حرب نهوه عنها، بل يدعونه إلى الرضوخ لمنطق الدولة وفق القواعد المناسبة لذلك!
وليس خافياً على أحد أنّ العالم العربي والمجتمع الدولي لن يقدّم أيّ مساهمة لورشة لبنان الضخمة من دون التزام صارم بإقامة الدولة الحقيقية فيه القادرة على الالتزام بتعهداتها، بدليل ما أدلى به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهو ألطف رئيس غربي تجاه "الثنائي الشيعي"، خلال زيارته بيروت، أمس الجمعة، حيث ظهر أنّ عدم تطبيق لبنان لاتفاق وقف إطلاق النار، بكل مندرجاته وإعادة العوامل الخارجية (والمقصود الإيرانية) من شأنها أن تعيد الكلمة العليا للحرب على حساب الأولويات اللبنانية الملحة.
ويستطيع "الثنائي الشيعي" تعطيل تشكيل الحكومة كما يستطيع دفع الرئيس المكلّف نواف سلام إلى الاعتذار عن مساعي تشكيل الحكومة، ولكن ثمن محاولة فرض انتصار سياسي، من خلال العامل الطائفي، سيكون هزيمة واقعية لهذا الثنائي، لأنه سوف يتحمّل تبعات التأخير "القاتل" لانطلاق آليات ورشة إعادة الإعمار كما المخاطرة بإعادة الحرب!
وعليه، إن ما يحدث حالياً لا يمكن إدراجه في خانة الافتئات على الطائفة الشيعية في لبنان، بل في خانة إعادة الاعتبار لمشيئة الدستور من أجل توفير مصالح عموم اللبنانيين!
فارس خشان -النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|