"صار عنّا بلد"... وشعب جديد؟

لم يعش اللبنانيّون فرحةً تساوي تلك التي عبّروا عنها منذ انتخاب رئيس الجمهورية جوزاف عون، وتكليف القاضي نواف سلام بتشكيل الحكومة الجديدة.

ازدحمت مواقع التواصل الاجتماعي بأحلامهم، كما الطرقات بصور القائد الرئيس ووعده بمرحلة جديدة. فلبنان القديم بكل مساوئه انتهى، بانتظار لبنان جديد سيولَد، ومعه جمهورية ثالثة لا تشبه بشيء العقود التي سرقت الأمان والبحبوحة والدولة والسيادة والاستقلال.
ولكن، مهلاً قليلاً يا "شعب لبنان العظيم"... فلبنان الجديد يحتاج إلى شعب جديد، بثقافته وعاداته ويومياته. وهل لك أيها اللبناني الإجابة أولاً على بعض الأسئلة؟

-ماذا يعني لك الوطن؟
-إذا خُيِّرت بين بلدك وطائفتك... ماذا ستختار؟
-هل ستحترم شروط الوظيفة العامة وتقبل بالنتيجة وفق الكفاءة ومن دون "طلب واسطة"؟
-هل ستدفع فاتورة الكهرباء ولا تعتدي على الشبكة و"ما تعلّق خط عا حساب الدولة"؟
-هل ستلتزم بالقانون وتنفّذ واجباتك كمواطن؟
-كيف ستزور الإدارات العامة لإنجاز معاملاتك؟ وهل ستستمر بدفع رشوة للموظفين؟
-هل ستحترم قانون السير كما فعلت في كل دولة زرتها يوماً؟ وستلتزم بتوجيهات رجال الشرطة وبأضواء إشارات السير؟
-هل ستدفع ضبط المرور والسرعة؟ أم ستتوسّط لدى القاضي لإلغائه؟
-هل ستحترم بيئة وطبيعة بلدك ولا ترمي النفايات من السيارة على الأوتوستراد وفي أقنية المياه؟
-هل ستلتزم بفرز النفايات كثقافة لا بدّ منها من أجل مستقبل أنظف؟
-هل ستفكّر كإنسان قبل إطلاق الرصاص الطائش ابتهاجاً بحفل زفاف أو بنجاح أولادك أو تعبيراً عن حزن قد يؤدي إلى مأساة لدى عائلة أخرى؟
مقابل ذلك وأسئلة غيرها، مطلوب الكثير من الدولة، لتأمين أبسط حقوق المواطن بالطبابة والتعليم والكهرباء والشيخوخة والمساواة والعدالة والأمن والأمان. فإذا نجح العهد الجديد فعلاً بنقلنا إلى زمن الدولة، هل نحن مستعدون فعلاً لنكون مواطنين؟
الطريق طويل، لكن فلنبدأ من أنفسنا ومن بيوتنا ومدارسنا، كي لا تضيع فرصة لن تتكرّر مرة جديدة ربما.
"صار عنا بلد"... قد يصبح حقيقة، ولكن هل "رح نصير مواطنين"؟