إقتصاد

القطاع العام: شواغر وثغرات

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ليست ظاهرة “التّوظيف الانتخابي” في القطاع العامّ بالجديدة. ولعلّ أكثرَ ما يجذب الساعين وراء الوظائف الوهميّة لا يقتصرُ على الرّواتب فحسب، بل يشملُ الحوافزَ الإضافيّة التي تأتي معها كالمكافآت السخيّة والنفقات التقديريّة والبدلات الموقتة وحتى بدلات السفر للخارج. واللّافت أن كل هذه المزايا تفيض بالسخاء!

إعادة الهيكلة: مشروع معلّق منذ عام 2017

حبرٌ على ورق… ذلك هو مصير مشروع إعادة هيكلة القطاع العام المطروح منذ عام 2017. وبقي هذا المشروع الحيويّ الذي يهدف لحصرِ الوظائفِ الشاغرةِ بدقّةٍ، داخل الأدراج من دون أي تنفيذ فعلي. وتنصّ المادة 21 من القانون الخاص بالرّواتب (21 أغسطس/آب 2017)، على حظْرِ أي نوعٍ من أنواع التوظيف أو التعيين في الإدارات العامّة، بشكلٍ صارمٍ بغضّ النّظر عن شكله. ويشمل هذا الحظر قطاعاتٍ مهمّةً كالتعليم والجيش، بالإضافة إلى المشاريع التي تُنفّذ بالشراكةِ مع المنظمات الدّولية. ولا يستثني هذا الحظر الوظائفَ الشّاغرة، إلّا في حال الحصولِ على موافقةٍ واضحةٍ وصريحةٍ من مجلس الوزراء. كما يجب أن تكون هذه الموافقة مدعومةً بدراسةٍ يقدّمها مجلس الخدمة المدنيّة.

وعملًا بنصِّ القانون، كان يفترضُ بحظْرِ التوظيفِ أن يستمرَّ حتى تكليفِ شركة تدقيق، خلال فترةٍ لا تتجاوز ستة أشهر. وتتولّى هذه الشركة وضعَ خطّةٍ شاملةٍ لإعادة هيْكلة القطاع العام. وتُفضي هذه الخطّة، إن اعتُمدت من جملة أمور أخرى، لجردةٍ دقيقةٍ للوظائف الشّاغرة، إلى جانب دراسةٍ تحليليّةٍ لتحديد الوظائف التي تستدعي الإبقاء أو الإلغاء والتسريح، مع مراعاة التطوّرات التكنولوجيّة وتأثيراتها في احتياجات سوق العمل.

التوظيفات العشوائية بعشرات الآلاف

وعلى الرَّغم من الوعود الحكوميّة المتكرّرة (منذ عام 1993) بوضعِ حدٍّ لعمليات التوظيف العشوائي، بقيت هذه التعهّدات حبرًا على ورق. وكشفت دراسةٌ للجنة المال والموازنة النّيابية أنّ الحكوماتِ المتعاقبةَ وظَّفت حوالي 37,000 شخصٍ بشكلٍ اعتباطي ومن دون أي تنظيم مدروس.

وبعد صدور القانون في العام 2017، تمّ توظيف 5,473 شخصًا خارج إطار القطاعات العسكريّة والأمنيّة. ومن ضمنِهم، 460 توظيفًا فقط وفقًا للقوانين المعمول بها، بينما عُيِّنَ 5,013 شخصًا بشكلٍ مخالفٍ للقوانين، تحت مسمّيات مختلفة كالعقود التعاقديّة أو المياوَمة أو مقدّمي الخدمات. وقبل عام 2019، ارتفعَ هذا العددُ ليصلَ إلى 32,009 أشخاص تحت عناوين ومسمّيات متنوّعة مشابهة.

بالنِّسبة لرئيس لجنة المال والموازنة في البرلمان اللبناني، إبراهيم كنعان، لا ترتبطُ الأزمةُ الماليّةُ التي تعاني منها الدولة بشكلٍ أساسي بزيادة الرواتب ضمن السلسلة التي أقرَّت عام 2017، بل بالتّوظيفِ غير القانوني لآلاف الأشخاص من دون مراعاة الاحتياجات الحقيقيّة أو الكفاءات أو الخبرات المطلوبة.

العبء المالي

يضم القطاع العام اليوم أكثر من 320 ألف شخص، بينهم العسكريّون والموظّفون والمتقاعدون والبلديات. وتصل قيمة رواتب هؤلاء إلى حوالي 142 مليون دولار شهريًّا. وتتوزع هذه الأعداد كالتالي: 120,000 موظفٍ في القطاعيْن العسكري والأمني، 11,000 في الوزارات (باستثناء وزارة التربية)، 65,000 في وزارة التّربية (منهم 40,000 موظف بعقود)، 20,000 في البلديات والمؤسسات العامة، بالإضافة إلى 125,000 متقاعد، أغلبهم من الجيش.

تقاعس مجلس الخدمة

تقاعُس مجلسِ الخدمةِ المدنيةِ زادَ من الاعتماد على الموظفين بعقود التعاقد والمياوَمة. أما آخر مسابقة نظمها المجلس لتعيين موظفين من الفئة الرابعة فتعود إلى 14 عامًا، في حين أنّ آخر مسابقات خاصّة بالتوظيف في التعليم الثانوي والإعدادي كانت قبل 9 أعوام و15 عامًا على التوالي. ويعكس هذا الجمود في التوظيف الرسمي فشَل النظام في تلبية احتياجات القطاع العام.

وبالأرقام، يحصل حوالي 92 ألف شخص على رواتب من الخزينة مقابل الخدمات المقدّمة، منهم 60٪ (حوالي 54000) يعملون بعقود، ويمثل قطاع التّعليم 57٪ من العدد الإجمالي.

التقاعد الجماعي

التقاعد يفرض بدورِه تحدّياتٍ كبيرة، ففي العام 2024، غادر 453 موظفًا ومن المتوقع أن يخرج 450 موظفًا آخر من الخدمة في العام 2025، من دون احتساب التوقّف عن العمل لأسباب أخرى كالزواج أو طلب إنهاء الخدمة. وبحلول عام 2030، يُتوقّع تقاعد نحو 2,850 موظفًا إضافيًا، بالإضافة إلى أولئك المغادرين لأسباب أخرى. وتزيد هذه الظاهرة من الثغرات الهيكليّة في القطاع العام.

ومع شغور منصب حاكم مصرف لبنان في آب 2023، بلغ عددُ المناصب الشاغرة ضمن الفئة الأولى مائة منصب وفقًا للدوليّة للمعلومات. كما شاب الشغور ثمانية عشر منصبًا من الفئة الأولى ما بين آب 2023 ونهاية 2025.

وختاما، تسبَّبَ الجمود والممارسات غير القانونية على مدى سنوات بوضعٍ مالي وتنظيمي مقلق… وكل ذلك يستدعي إصلاحات كبيرة وعاجلة.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا