محليات

طرحُ البلديتين في بيروت: مذهبة الاقتراح وتسييسه يعطلان حتى البحث الجدي فيه

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

الطرح الذي أطلقه النائب في تكتل "الجمهورية القوية" غسان حاصباني قبل فترة بجعل دائرة بيروت الأولى بلديا كونه في الأسباب الموجبه مطلبا أساسيا للأهالي في هذه الدائرة ومن شأنه حفظ التوازن والمحاسبة، وانضم الاسبوع الماضي إقتراح قانون تقدم به تكتل "لبنان القوي" الرامي الى إحداث بلديتين في العاصمة حيث اعتبره النائب نقولا صحناوي مطلبا مزمنا وغير طائفي، وان هذا المشروع إنمائي لبيروت لأن مناطق كثيرة تعاني من غياب للبلدية عنها.

وكان في مقدم المعارضين لهذا الطرح مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان رافضا تقسيم بيروت، ليغرد حاصباني بالامس ان لبنان وطن واحد نهائي لكل أبنائه. وبيروت مدينة واحدة لكل أبنائها، بصرف النظر عن كيفية إدارة شؤونها، وهي أكبر من ان تقتصر على بلدية، مشيرا الى ان الإدارة اللامركزية ليست تقسيما، وهي تعزز الشفافية والمحاسبة في العمل البلدي، والكلام الطائفي ليس في محله من أي جهة أتى.

وفي رأي الرئيس الأسبق للتفتيش المركزي الدكتور حسان رفعت ان اللامركزية الموسعة التي هي ضرورة وفق ما هو منصوص عليها في وثيقة الوفاق الوطني، لا يمكن معالجتها على صعيد نصوص القانون فحسب، بل يجب بحثها بمشاركة كبار الإختصاصيين الفلاسفة الذين يعرفون تاريخ البلد والجغرافيا والمنطقة. والبلدية هي نوع من اللامركزية الجغرافية وكذلك الكهرباء والماء هما لامركزية تقنية أيضا. كما ان نظام المؤسسات قائم على اللامركزية حيث صلاحية الوزير قائمة على الوصاية وبات اليوم سيدا على الكهرباء والماء والبلديات. وجميع هذه اللامركزيات فشلت، في نظره.

وعلى صعيد اقتراح البلديتين يقول المحامي رفعت: "انا لم أطلع على مضمونه ولكنني أتحفظ كثيرا تجاه أي مشروع تكون له رائحة مذهبية، وهذا الرأي ينطبق على ما يحكى من فيديرالية. يجب ان يدخل في بحث هذه الموضوعات رجال كبار إختصاصيون في التاريخ والجغرافيا والقانون وعلم الإجتماع والأنتروبولوجيا لبناء الأفكار والنصوص"، مشيرا الى أن دراسات أجريت في فرنسا من مختلف الجامعات إستغرقت سنوات عدة توصلا الى اللامركزية. "لنبتعد عن كل ما هو مذهبي وطائفي ونقترب من العلوم المذكورة "، سائلا: هل يفصل بين البلديتين المقترحتين طريق الشام والسوديكو؟ وكيف أن هذا البحث القائم على تصغير بلدية بيروت في وقت يتنامى الكلام عن اللامركزية الموسعة؟".

وبالنسبة الى الأستاذ في القانون الدستوري الدكتور رزق زغيب ان طرح جعل بلديتين في بيروت من شأنه أن يثير حساسيات طائفية. ويرى ان الأجدى إعتماد الحل الفرنسي المتبع في باريس أو المدن الكبيرة كليون ومرسيليا. ويقترح في إطار اللامركزية الإدارية جعل بيروت دوائر إنتخابية عدة حيث يجري إنتخاب ممثلين للبلدية ينتخبون أعضاء في المجلس البلدي الموحد للمدينة المؤلفة من 12 حيا، يكون المعيار إنمائيا والإهتمام بهذه الأحياء. ومن البسيط إعتماد 12 دائرة تنتخب ممثليها الذين يشكلون بلدية مستقلة تتبع لبلدية بيروت أو يكتفون بانتخاب ممثلين عن الأحياء الـ 12 لعضوية المجلس البلدي الواحد في العاصمة.

ويستوقف الدكتور زغيب الحرص الذي أخذته في الإعتبار السلطة السياسية في بيروت لجهة مراعاة المناصفة في انتخاب أعضاء المجلس البلدي ليتمثل الجميع في البلدية، لكن هذا الأمر يتم على حساب المنافسة والديموقراطية خوفا من أن تأخذ اللعبة الديموقراطية مجراها ويؤدي الى خلل في المناصفة، فتحسبا لذلك ولضرورات الإهتمام فعليا بأحياء العاصمة الـ 12 لا بد ربما من تغيير آلية التصويت من دون أن تستند الى معيار يذكرنا بالشرقية والغربية والأيام السود التي لا نريد العودة إليها، مشيرا الى ان بلدية بيروت كانت مليئة قبل الأزمة الإقتصادية التي بحلولها حصل تقصير، ناهيك عن ان التقصير عام في الإدارة اللبنانية وثمة تلكؤ في القيام بأمور إنمائية فكيف إذا كان الأمر يتعلق بالعاصمة حيث تتركز كثافة سكانية ومراكز الدولة ونشاط إجتماعي واقتصادي، وتاليا أن تصورا ضمن الوحدة البلدية بأن يتم تعديل آلية إختيار أعضاء المجلس البلدي بتعزيز اللامركزية يكون أمرا فعالا، وان نتجنب كليا أي عمل تشريعي او تنظيمي ذي مدلول سياسي يمكن ان يعطيها إشارة بالغة الخطورة. يجب أن نتجنب العودة الى فكرة تعيد إحياء شياطين الماضي لكن هذا لا يمنع من إعادة النظر بآلية إنتخاب أعضاء البلدية بحيث يؤمَّن شرطا التنافسية والديموقراطية من دون ان يشكل ذلك خطرا على المناصفة التي يحرص عليها الجميع في لبنان، وتاليا لضرورات إنمائية بحيث يكون الناخب قريبا فعلا من هموم حيّه وشؤونه وشجونه.

ويرى الدكتور زغيب إفادة من إستلهام واقتباس بعض التجارب الأجنبية من أجل تمكين المجلس البلدي في بيروت من ان يحافظ على وحدته، ولكن في الوقت نفسه يؤمن فعالية في مختلف أحياء العاصمة. ويلفت الى أن طرح اللامركزية الإدارية لا يتعارض مع الدستور الذي يشير الى وجوب وجود خطة إنمائية شاملة لمختلف الأراضي اللبنانية، فيما تشدد وثيقة الوفاق الوطني على لامركزية إدارية موسعة حيث يسود لغط بين مفهوم اللاحصرية لجهة سلطة القائمقامين والمحافظين ومفهوم اللامركزية التي هي السلطات المحلية المنتخبة أي البلديات وإتحاد البلديات في لبنان ضمن دولة مركزية واحدة قوية، وتاليا في حال تعزيز اللامركزية يمكن إعادة النظر بوضع بلدية بيروت من طريق الإكتفاء بآلية إنتخاب الأعضاء من دون الدخول في محاذير الماضي او تجاوز هذا الأمر، وذلك بإنشاء بلدية لكل حي ومن ثم بلدية واحدة فوق هذه البلديات بإحداث قانون خاص يلحظ هذا الامر.

ومن شأن ذلك تعزيز اللامركزية طبقا لما تنص عليه وثيقة الوفاق الوطني شرط مراعاتها مركزية الدولة وقوتها، مقترحا إستصدار قانون خاص يرعى شؤون بيروت والمدن الكبرى كطرابلس وزحلة لتأمين الإنماء والتمثيل الحقيقي للمكلفين البلديين ضمن الأجهزة البلدية ومنها في الأحياء الـ 12 في العاصمة المعتمدة في التنظيم الإداري كأحياء الأشرفية، المدور، المرفأ، الرميل، الصيفي، زقاق البلاط، المزرعة، رأس بيروت، ميناء الحصن .

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا