هذا مقالٌ طائفي: "فكّوا عنّا"
هذا مقالٌ طائفي، يتضمّن لغةً مباشرة جدّاً. المناسبة، ما نقرأه وما نشاهده ونسمعه في الأيّام الأخيرة بعد حادثة توقيف المطران موسى الحاج، على لسان سياسيّين وإعلاميّين وعامّة.
"يفكّوا عنّا" هؤلاء من يتّهمون المسيحيّين، "عالطالع والنازل"، بالعمالة. المطران عميل؟ تافهون، بل أنتم العملاء، وبتصرفاتكم وأفعالكم وارتكاباتكم ستجعلوننا نفضّل يوماً هذا العدو الغاصب والحاقد والباغض عليكم.
أنتم العملاء. منكم من كان ينتظر، "مثل الكلب"، لساعاتٍ ليحظى بلقاءٍ مع غازي كنعان او رستم غزالة أو غيرهما من ضبّاط عذّبوا أبناء وطنكم "على الدواليب".
منكم من كان يكتب التقارير ويرضى الذلّ، ويستعطي المنصب، ولا يبخس بتقديم الثمن، مالاً ونساءً ومجوهرات.
إن انتفض بعضكم اليوم وأصبح "سياديّاً"، وما أتفه هذه الكلمة في القاموس السياسي اللبناني، فلا يعني ذلك أبداً أنّنا لا نعرف تاريخه الأسود.
أنتم العملاء، يا من ترتضون بأن يقرّر عنكم ملكٌ أو أميرٌ أو رئيسٌ أو سفيرٌ أو… آية الله.
أنتم العملاء، يا من يموّلوكم ويقرّروا عنكم ويرسلوكم الى الموت، هنا وفي البعيد.
كفى توزيعاً لشهادات الوطنيّة، وتوصيف المسيحيّين بالعملاء، واضعين إيّاهم جميعاً في خانةٍ واحدة، بينما بعض المسيحيّين، وأقصد تحديداً التيّار الوطني الحر وتيّار المردة، المتصارعين أو المتحالفين على الرئاسة، في صمتٍ مؤسف، كصمت أهل الذمّة. كم أصابتنا هذه الرئاسة باللعنات، وكم صغّرت بعضنا.
لقد ارتكب المسيحيّون الأخطاء في الحرب، بحقّ بعضهم قبل الآخرين، ولكن ما من طائفةٍ أو زعامةٍ لم ترتكب الأخطاء. الجميع "تعامل" مع أحد، فكفى تحميل المسيحيّين وحدهم المسؤوليّة.
المسيحيّون هم العلامة الفارقة في هذه الأرض. احموهم. حافظوا عليهم. تعلّموا منهم. نعم، تعلّموا من أخطائهم، فلا ترتكبوها، ومن محاسنهم فتتطوّرون. تعلّموا في مدارسهم وجامعاتهم، ومعظمها من صناعة الإرساليّات والكنيسة، ولكن لا تتخرّجوا منها لتصفوهم بالعمالة وتصوّروا رأس كنيستهم مهرّباً للأموال.
بطاركتنا ليسوا قدّيسين، ومشايخكم ليسوا أنبياء أتقياء. دعونا منهم. لا تسمعوا أقوالهم ولا تفعلوا أفعالهم، وتحرّروا من هذه الطائفيّة اللعينة التي تجعل كلّاً منّا يدافع، حتى الحقد والموت وتدمير البلد، عن عقيدةٍ لم يخترها بنفسه بل حملها من دون إرادة منذ الولادة.
وإن ننسى لن ننسى سياسيّي الكيل بمكيالين، من وليد جنبلاط الى وئام وهاب، والتغيير في المواقف بين التعاطي مع توقيف شيخة وتوقيف مطران. الجأوا جميعاً الى القانون، وليوقَف المطران والشيخة والبطريرك حتى، وإلا فلا "تستوطوا" حائط المسيحيّين وحدهم.
إنّ الكثير من التعليقات التي قرأتها عن حادثة توقيف المطران تؤدّي الى استنتاجاتٍ واضحة تماماً:
معظم المعلّقين يكتبون انطلاقاً من انتمائهم الطائفي من دون إلمامٍ بتفاصيل أو اعتمادٍ على قانون.
جميع المنتقدين كانوا ليتحوّلوا الى مدافعين لو حصل الأمر مع شخصيّة روحيّة من طائفتهم.
جمهور الأحزاب غبيّ بأكثريّته، وهذا استنتاج قديم عزّزته الأيّام الأخيرة.
أمّا الاستنتاج الأخير، فهو أنّ هذا البلد لا أمل بقيامته بعد اليوم. لقد أصابته أمراضٌ مميتة، وما عاد بعض شعبه قادراً على العيش مع البعض الآخر. احرقوه، "أرْيَح". أقلّه تُحرق الطائفيّة معه.
داني حداد - موقع mtv
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|