التأليف ينتظر.. لقاءات بن فرحان
يتمسك الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نواف سلام بأربعة معايير حددها لتشكيل الحكومة وهي: فصل النيابة عن الوزارة، مراعاة الكفاءات الوطنية،عدم ترشح الوزراء فيها للانتخابات البلدية أو النيابية، ولا تمثيل فيها للأحزاب، بعدما كان أكد العمل لتنفيذ أحكام اتفاق الطائف التي لم تنفذ بعد. مع ذلك، فإن المعايير التي تحدث عنها الرئيس المكلف وعلى أهميتها وضرورتها لنجاح العمل الحكومي وعدم أخذه رهيبة أي حسابات أو طموحات، فإنها لم ترد في الدستور أو في اتفاق الطائف.
وبينما لم يحدد الدستور أي مهلة قانونية لتشكيل الحكومة، ولا يوجد في مندرجات الدستور اللبناني أي شيء عن تحديد مهلة زمنية لتأليف الحكومة، فإن الرئيس المكلف يجب أن يذهب، بحسب مصادر دستورية وقانونية، ومعه رئيس الجمهورية بمقتضى حرفية المادة 53 من الدستور بحكومة كفايات ومستقلين إلى مجلس النواب وليتحمل المعطلون مسؤولية حجب الثقة أمام الناس والمجتمع الدولي، حيث أن الوزير ليس مندوباً بل جزء من القرار الوطني وحيث لم يعد البلد يحتمل مزيداً من التراجع.
لقد رأى عدد من الأحزاب والمجموعات التغييرية في بيان صدر إثر اجتماع عقدته وجوب ألا تكون الحكومة صورة مصغرة عن البرلمان وتستمر بتكريس الوزارات على أسس طائفية، بل تهدف إلى تلبية احتياجات المواطنين الملحّة، ما يؤكد أن هذه القوى التي تدعم الرئيس المكلف وتعتبر أنها قد أتت به لتأليف الحكومة، تريد منه تطبيق المبادىء التي تحدث عنها على الأحزاب والكتل النيابية، ومنع احتكار الحقائب الوزارية من قبل أي طائفة، من منطلق ما نص عليه اتفاق الطائف الذي لم يأت على ذكر أن تكون وزارة المالية للطائفة الشيعية أو لأي طائفة أخرى.
وعليه فإن عقد كبيرة تعتري تأليف الحكومة السلامية والتي يفترض أن تواكب التغيير الذي حصل مع انتخاب الرئيس العماد جوزاف عون. فعقدة تمثيل الثنائي الشيعي لم تحل بعد وإن كان الرئيس المكلف أبدى مرونة في مسألة حقيبة المال وموافقته على اسم النائب السابق ياسين جابر لتوليها والذي لا يلقى طرحه أي معارضة عربية أو أميركية كما تؤكد مصادر سياسية بارزة، وبالتالي فإن التواصل الذي عاد بين الرئيس المكلف والثنائي عبر لقاء جمعه بالخليلين مساء الاربعاء سوف يستكمل لا سيما ان بعض الاسماء التي وضعها الحزب على طاولة النقاش للوزارات التي ستؤول إليه لم تلق ترحيبا من الرئيس سلام لا سيما الاسم المطروح لوزارة الصحة حيث طالب الاخير بأسماء من خريجي الجامعة الأميركية في بيروت، وأبعد من ذلك يرغب الرئيس المكلف أن يسمي وزيرا شيعياً من بين الوزراء الخمسة إلا أن الثنائي لا يزال على موقفه الرافض لهذه الطرح، علماً أن أوساط الثنائي لا تؤكد هذه المعلومات وتقول إن الرئيس سلام لم يتحدث مع ممثلي حزب الله وحركة أمل في هذا الخصوص على الإطلاق. وبالانتظار يبدو المشهد وكأنه شد حبال بين الثنائي وحزب القوات اللبنانية الذي يرفض أن تمنح المالية لحركة أمل من دون أن يعني ذلك أنه يريد إقصاء الشيعة تقول مصادره، إذ يمكن أن يتم توزير شخصية شيعية لهذه الوزارة لا تكون محسوبة أبداً على الثنائي، بانتظار أن تشكل حكومة جديدة بعد انتخابات العام 2026، ويتم اعتماد مبدأ المداورة فعلاً لا قولاً، وبالتالي فإن القوات لن تسلم بمنح الرئيس المكلف الثنائي كل ما يريده في حين لا تمنح حصة تناسب تمثيلها النيابي، علما ًأن سلام يرفض تلبية كل مطالب القوات وقد اسند إليه ثلاث حقائب أبرزها الاتصالات ومنصب نائب رئيس الحكومة. وعليه تقول أوساط سياسية أن حزب القوات و أيا تكن الضغوطات التي قد يتعرض لها فإنه لن يشارك في حكومة تفتقد إلى مبدأ التوازن في توزيع الحصص وتعتمد الاستنسابية في مداورة توزيع الحقائب.
اما على خط التيار الوطني الحر فإن الأسماء التي يطرحها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل هي حزبية بامتياز ولا تحظى بموافقة الرئيس المكلف الذي أبلغ النائب باسيل أن حصة التيار والطاشناق معا هي ثلاثة وزراء، في حين أن تيار المرده الذي يعتمد التسهيل نهجاً في سياسته مع العهد الجديد، بعث ثلاثة أسماء بينها شكيب خوري إلى الرئيس المكلف ليختار ما يراه مناسباً للوزارة التي ستؤول لتيار المرده.
وفيما العقدة السنية لم تحل بعد ويظن الرئيس المكلف أنها ليست مستعصية، أشارت مصادر مطلعة على أجواء التأليف أن النائب وائل ابو فاعور زار الرئيس المكلف في دارته وتم البحث في ملف الحكومة، علماً أن حصة الاشتراكي قد حسمت بحسب المصادر، وتتضمن وزارتي الزراعة والأشغال التي كانت قد طالب بها حزب القوات، وسط معلومات تشير إلى أن فايز رسامني سيكون وزيراً للأشغال.
وسط ما تقدم، فإن مخاض التأليف لا يزال عسيراً بانتظار الزخم العربي والدولي الذي أرخى بظلاله على انتخاب الرئيس عون وتكليف الرئيس سلام، والا سوف تطول مدة التكليف من دون تأليف وهذا من شأنه أن يطيح بالوعود الدولية والمتصلة بدعم لبنان وتمويل إعادة الاعمار ولذلك من المتوقع أن ترخي زيارة الموفد السعودي يزيد بن فرحان بظلال من الايجابية على مسار المفاوضات الحكومية لا سيما وأن الأخير لعب دوراً بارزاً في انتخاب العماد جوزاف عون، إذ أن انتخاب نواب الوفاء للمقاومة والتحرير والتنمية العماد عون جاء حصيلة تفاوض مع مسؤولين سعوديين وفرنسيين حول ضمانات تتصل بالمرحلة المقبلة، علماً أ ن الكلمة السعودية كانت قد وصلت إلى حلفاء الرياض في بيروت قبل سواهم في ما خص الرئاسة و التكليف وقد تتكرر اليوم من أجل تسهيل مهمة التأليف.
وبانتظار التشكيل المتوقع قبل 18 شباط والذي سيتبعه العمل على بيان وزاري يخاطب اللبنانيين والمجتمع الدولي بلغة جديدة، تشير مصادر سياسية إلى أن معادلة جيش – شعب – مقاومة لن تكون واردة في هذا البيان، فهي أصلا لم ترد في بيانات الحكومات المتعاقبة منذ العام 2014، إنما اكتفت بتأكيد حق المواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة. وعليه، يكفي أن ينص البيان الوزاري، بحسب هذه المصادر ، على الحق "بالمقاومة" لاحتلال إسرائيل الأراضي ولا حاجة لأكثر من عبارات الممالقة، فيكون البيان الوزاري متوازناً وعاقلاً ومقبولاً من الداخل ومن المجتمع الدولي. أما باقي الموضوعات السياسية والأمنية فالأساس هو التمسك باستقلال لبنان عن المحاور وحفظ حدوده وسيادته.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|