فضيحة من العيار الثقيل تطال وزارة التربية !
فضيحة من العيار الثقيل تطال وزارة التربية ومجلس التعليم العالي فيها والجامعة اللبنانية الكندية معهما. فمن دون أن يرف له جفن، داس وزير التربية على المذكرة الصادرة عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي ذكر فيها الوزراء بالالتزام بتصريف الأعمال بالمعنى الضيق وعدم اتخاذ قرارات يستفاد منها استغلال السلطة. وقرر "بشحطة قلم" توقيع منح مئات شهادات الهندسة لطلاب الجامعة اللبنانية الكندية. شهادات هندسة مشكوك فيها منحت لهم كتسوية. وعلى نقابة المهندسين أن تدبر أمرها بهؤلاء الطلاب لاحقاً، عندما يحين موعد حصولهم على إذن مزاولة مهنة الهندسة. فهل الضغوط كانت كبيرة على الحلبي لتوقيع هكذا قرارات، كما يُهمس في أورقة الوزارة، أم أنه وقّعها بملء إرادته (كما يهمس البعض أيضاً في الوزارة)؟
تجاوز فاضح للسلطة
مهما كان من أمر، ببساطة منح الحلبي الجامعة قرارات الاعتراف بشهادات الطلاب بالجملة، بتجاوز فاضح لحدود صلاحية تصريف الأعمال بالأساس، حتى لو لم تصدر مذكرة ميقاتي أصلاً. والتجاوز لم يطل توزيع الشهادات-الهدايا للجامعة، بل حتى في تشكيل مجلس التعليم العالي ذاته يوم الثالث من الشهر الحالي. والطامة الكبرى أن بناءات قرار الحلبي للاعتراف بالشهادات استندت إلى توصية قديمة لمجلس التعليم العالي بتاريخ 7 آذار العام 2024، فيما تاريخ قرارات الاعتراف للجامعة تعود إلى 9 كانون الثاني 2025، (بعد تشكيل المجلس الجديد) وصولاً إلى تاريخ 22 كانون الثاني، الذي استكمل فيه القرارات. والسؤال الأساسي كيف صدرت القرارات بتواريخ مختلفة؟ هل يتم التلاعب بتسجيل القرارات (على بياض) بتواريخ سابقة في وزارة التربية؟ هذه بحد ذاتها فضيحة كبيرة إذا كان الأمر كذلك، كما يشاع في الوزارة.
نقيب المهندسين ممتعض
بما يتعلق بطلاب الهندسة، وليس علوم الهندسة، الذين يفترض أن يدخلوا إلى نقابة المهندسين، هل سيوافق نقيب المهندسين فادي حنا على هذه القرارات الصادرة؟ أم سينتفض ويفضح الجميع، طالما أنه المعني الأساسي بهذا الاعتراف؟. مصادر النقابة تقول إن النقيب ممتعض جداً لأن الموضوع لم يطرح في الجلسة التي عقدت بتاريخ 17 كانون الثاني. علماً أن "المجلس" لم يدع نقباء المهندسين سابقاً، وبعد ضغوط تمت دعوة النقيب. وهي الجلسة الأولى التي يحضرها نقيباً للمهندسين منذ سنوات. لكن لم يطرح موضوع الجامعة في الجلسة. ما يعني أن هناك أمر مبيّت حول الجامعة.
بعد صدور القرارات، قال النقيب لأعضاء مجلس النقابة أن الأمور ما "بتمشي هيك". ووفق المصادر أرسلت النقابة كتباً رسمية لجميع المعنيين وسجلت في وزارة التربية للاعتراض على ما حصل. وتبلغ الجميع أن النقابة لن توافق على إعطاء إذن مزاولة المهنة، ليس لهذه الجامعة فحسب، بل لأي جامعة أخرى غير مستوفية الشروط.
شهادات لمسؤولين وشخصيات نافذة
فضيحة الحلبي مجلجلة بتاريخ الوزارة. فقد استغل آخر أيامه لتسوية أوضاع طلاب هندسة وعلوم هندسة وغيرهم، مشكوك بنيلهم الشهادة. فهل رضخ لضغوط ما، طالما أنه يشاع بأن شخصيات نافذة في عداد "الطلاب"؟ ويحكى أن مسؤولين رسميين كبار يستفيدون من هذه الشهادات. لكن، كيف يوافق مجلس التعليم العالي على هذه القرارات؟ بمعزل عن مخالفة الحلبي أصول تصريف الأعمال والإقدام على تشكيل مجلس التعليم العالي وتعيين أعضاء اللجنة الأكاديمية، فالمجلس يضم أعضاء من جامعات مرموقة مثل الجامعة الأميركية في بيروت وجامعة القديس يوسف. هل ترضى إدارات هاتين الجامعتين بأن يمرغ اسمهما بالأرض بتصدير توصيات للاعتراف بشاهدات هذه الجامعة من دون الاطلاع على الملف؟ هل تقبل إدارات هذه الجامعات بتمرير هكذا قرارات لا يمكن أن يستشف منها إلا أنها "صفقة"؟ كيف ترضى بأن يعقد أعضاؤها اجتماعاً بالخفاء ولا يتم دعوة نقيب المهندسين؟
بعيداً عن أن الجامعة غير حائزة على إذن مباشرة تدريس الاختصاصات (رغم ذلك سجلت الطلاب) وأن ارتكاباتها أفضت إلى اتخاذ قرارات بمنعها من تسجيل طلاب جدد، فقد سبق ونشر طلاب الجامعة "غسيل" جامعتهم الوسخ. وتبين أن الإدارة أقدمت على منحهم "تسهيلات" وتوفر خدمة رجال الأعمال VIP لإجراء الامتحانات من خلال حصولهم على أسئلة الامتحانات قبل إجرائها، وإدخال هواتفهم لنقل المسابقات وضمان النجاح. وكان السبب خلف "نشر الغسيل"، كون الإدارة نكثت وعودها بحصولهم على اختصاص مجاني، تعويضاً لهم عن اختصاص الهندسة، بعد تعثر الجامعة بالحصول على الرخص المناسبة، لممارسة التدريس، وبالتالي عدم الاعتراف بالشهادات.
مئات شهادات الهندسة
قرارات الحلبي بالاعتراف بشهادات الهندسة ستضع هؤلاء الطلاب أمام تحديات جديدة. إذ يبدو أن توافق ما حصل حولهم يقضي بأن يتسجلوا لسنة ونصف في جامعات أخرى معترف بها، كي ينالوا شهادة هندسة تخولهم الدخول إلى نقابة المهندسين. لكن من يعلم ربما لا يتم الأمر ويفرض هؤلاء الطلاب على النقابة، طالما أن منح الشهادات يتم بهذه الطريقة.
وزير التربية كافأ الجامعة بالاعتراف بالجملة بالشهادات لأكثر من مئتي طالب بكالوريوس هندسة وبكالوريوس علوم هندسة، هذا فضلاً عن طلاب بكالوريوس التربية البدنية، الذين نالوا شهادات على "البيعة"، كما يقال بالعامية. وبحسب الوثائق التي اطلعت عليها "المدن" تبين أن المكلف متابعة شؤون إدارة المديرية العامة للتعليم العالي مازن الخطيب أرسل إلى الجامعة في 23 كانون الثاني كتاباً ضمن فيه القرارات التي اتخذها الحلبي. والجامعة أبلغت الطلاب هذه القرارات التي أفضت إلى تسوية أوضاعهم.
وتظهر البناءات، التي استند إليها الحلبي لاتخاذ القرارات بالاعتراف بالشهادات أن الجامعة سجلت الطلاب منذ العام 2014، أي قبل ثلاث سنوات من تاريخ الحصول على مرسوم رخصة انشاء كلية هندسة. واستمرت بالأمر رغم عدم حصولها على إذن مباشرة التدريس. والقرارات بالتفصيل هي:
١. قرار رقم 25/م/2025 الاعتراف بدراسات وشهادات الطلاب الملتحقين ببرنامج بكالوريوس علوم في هندسة المعلوماتية والاتصالات في كلية الهندسة في الجامعة، وفق لائحة اسمية مقفلة عائدة للطلاب المسجلين في الأعوام 2014-2024 بتاريخ 9 كانون الثاني الجاري.
٢. قرار رقم 26/م/2025 الاعتراف بدراسات وشهادات خريجي برنامج بكالوريوس علوم في هندسة المعلوماتية والاتصالات في كلية الهندسة في الجامعة، وفق لائحة اسمية مقفلة عائدة للطلاب المسجلين في الأعوام 2014-2024 بتاريخ 9 كانون الثاني الجاري.
٣. قرار رقم 84/م/2025 الاعتراف بدراسات وشهادات خريجي برنامج بكالوريوس في هندسة المساحة في كلية الهندسة في الجامعة، وفق لائحة اسمية مقفلة عائدة للطلاب المسجلين في الأعوام 2014-2024 بتاريخ 16 كانون الثاني الجاري.
٤. قرار رقم 122/م/2025 الاعتراف بدراسات وشهادات الطلاب الملتحقين ببرنامج بكالوريوس علوم في هندسة المساحة في كلية الهندسة في الجامعة وفق لائحة اسمية مقفلة عائدة للطلاب المسجلين في الأعوام 2014-2024 بتاريخ 22 كانون الثاني الجاري.
٥. قرار رقم 121/م/2025 الاعتراف بشهادات خريجي ببرنامج البكالوريوس في التربية البدنية في كلية العلوم التربوية في الجامعة العائدة للأعوام الجامعية 2017-2022 بتاريخ 22 كانون الثاني الجاري.
وليد حسين -المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|