تحذيرات من زلازل وتسونامي في المتوسط... هل لبنان في دائرة الخطر؟
رسائل "معبّرة" إلى الداخل.. "حزب الله" يستكمل "المراجعة"!
في خطابه ما قبل الأخير، قدّم الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، نظريًا، ما أسماها بـ"المصارحة"، التي بدت لكثيرين أقرب ما تكون إلى "المراجعة" التي تقوم بها الأحزاب عادةً بعد الاستحقاقات "المفصليّة"، فتحدّث في خطاب قد لا يكون مألوفًا لكثيرين، عن الخسائر التي منيت بها المقاومة في الحرب الأخيرة، وعن الثغرات ونقاط الضعف، وعن الانكشاف المعلوماتي، وعن التفوّق العسكري لإسرائيل والولايات المتحدة.
وفي خطابه الأخير، استكمل الشيخ قاسم بصورة أو بأخرى هذه "المراجعة"، أو ربما "المصارحة" كما يحلو له وصفها، فقال إنّ النصر الذي حقّقته المقاومة في الحرب الأخيرة، "لم يكن مطلقًا"، مشدّدًا على أنّ أهميته تكمن في "الصمود الأسطوري" الذي تحقّق، من دون أن يقلّل هذا الصمود من أهمية الثمن الذي دُفِع، مع اغتيال الأمين العام السابق السيد حسن نصر الله، وخليفته السيد هاشم صفي الدين، الذي سيُدفَن بصفته "أمينًا عامًا" أيضًا.
إلا أنّ ما ميّز الخطاب الأخير، مقارنةً بالذي سبقه، وفق كثيرين، أنّ المراجعة جاءت هذه المرّة "تطبيقيًا"، وليس فقط "نظريًا"، وهو ما تجلّى بالعديد من المواقف التي انطوت على رسائل "معبّرة" تعمّد الشيخ قاسم توجيهها، من بينها مثلاً حديثه عن مسيرات الدراجات النارية التي جابت مناطق عدّة، بلغة "الإدانة والاستنكار"، كما لم يفعل الكثير من المحسوبين على الحزب في الآونة الأخيرة، ولو أقرّ بعضهم بأنّها "لم تخدم" المقاومة بأيّ شكل..
خطاب "أكثر واقعيّة"
منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية على لبنان، خرج "حزب الله" بسرديّة "انتصار" بناها على صمودٍ وُصِف بـ"الأسطوري"، وتمكّن من إجهاض "مؤامرة" كانت تُحاك ضدّه، إلا أنّها بدت مثيرة للكثير من الجدل في الأوساط السياسية، خصوصًا أنّ الثمن الذي دفعه الحزب كان قاسيًا جدًا، على مستوى الاغتيالات التي طالت كبار قادته، وعلى رأسهم السيد حسن نصر الله، أو حتى على مستوى النتائج العملية، التي لم تتحقّق معها الأهداف المعلنة، ومنها ربط الجبهات.
وإذا كان الأمين العام الجديد للحزب تحدّث في خطابه الأول بعد انتهاء الحرب عن "نصر إلهي" تحقّق، قال إنه يفوق في طبيعته النصر الذي تحقّق في حرب تموز 2006، فإنّه أشار في خطابه الأخير إلى أنّه لم يتحدث عن "نصر مطلق"، وهو ما يضعه العارفون في سياق "مراجعة" بدأها الحزب منذ اليوم الأول، من أجل تقييم ما جرى، وأخذ الدروس والعِبَر، ومن بينها ما يتعلق ربما بإدارة الحرب الإعلامية والنفسية، التي لا تقلّ شأنًا عن تلك العسكرية.
يقول البعض إنّ "إيجابية" كلام الشيخ قاسم الأخير تكمن في كونه بدا "أكثر واقعيّة وبراغماتية" ممّا سبق، علمًا أنّ مجرّد حصول "مصارحة" بين قيادة الحزب وجمهوره يعبّر في مكانٍ ما عن توجّه جديد ومختلف يمكن أن يُبنى عليه الكثير في المراحل المقبلة، وهو توجّه يشدّد العارفون على أنّ من شأنه "تقوية" الحزب، لا "إضعافه" بخلاف ما يعتقد البعض، ولا سيما أنّه يعكس من خلاله صورة أبعد من "الصمود"، لأجل "البقاء"، وهنا بيت القصيد.
من المرونة إلى الاستيعاب..
إلى "الواقعية" التي يتّسم بها خطاب "حزب الله"، من خلال التعديلات التي أدخلها على سردية الانتصار، فبدت معها أكثر واقعية وبراغماتية، يُلاحَظ أيضًا جانب "استيعابي" في الخطاب، يظهر من خلال الرسائل "الإيجابية" التي يوجّهها حتى إلى الخصوم، وهو ما يندرج في خانته الكلام عن المسيرات الليلية الشهيرة، بوصفها "مُستنكَرة" لا تخدم المقاومة، وهو كلامٌ يأتي بعد ردود فعل غاضبة ومندّدة، حمّلت الحزب مسؤولية "اللعب بالنار"، إن صحّ التعبير.
ولا يبدو كلام الشيخ قاسم في هذه الجزئية، "معزولاً" في الواقع، فهو يأتي بعد سلسلة من الخطوات التي كرّست "مرونة" في تعاطي الحزب مع العديد من الاستحقاقات على المستوى السياسي، بدءًا من انتخاب رئيس الجمهورية، الذي حصل بعد تراجع الحزب بصورة أو بأخرى عن أداء مرحلة ما قبل الحرب، الذي طبعه عنوان "مرشحي أو لا أحد"، ليلتحق الحزب بعد ذلك بالتسوية، في إشارة إلى تغيّر فعليّ حصل في الموازين.
صحيح أنّ هذه الأجواء "المرِنة" اصطدمت في بعض المحطات، ببعض "التصلّب"، إن صحّ التعبير، كما جرى في استحقاق رئاسة الحكومة، ليعود الحزب إلى ممارسة "المرونة" بعد ذلك، إلا أنّ ذلك يعود وفق العارفون، إلى كون الحزب يرفض أن يتعامل معه الأفرقاء الآخرون بصفته "ضعيفًا"، أو "مغلوبًا"، وهو يصرّ على أنّ "مدّه اليد" يأتي في سياق "استيعابي" من أجل تجاوز المرحلة، وينتظر من الآخرين تلقّف هذه "اليد الممدودة"، ليس إلا.
في خطاب "المراجعة والاستيعاب"، إن صحّ التعبير، أعلن الشيخ نعيم قاسم الشعار الذي اختاره "حزب الله" لتشييع السيدين الشهيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، وهو "إنّا على العهد"، وهو بذلك يقرن كلّ الرسائل السابقة، بالرسالة الأهمّ، وهي أنّ سياسة الحزب الانفتاحية والاستيعابية، لا تعني بأيّ حال من الأحوال، أنه بصدد أي انقلاب على الثوابت، بل إنّه يقول إنه سيتمسّك بها أكثر من أي وقت مضى، ولو بشكل جديد!
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|