المجتمع

هدر حقوق المعوقين... بين إهمال الدولة والقانون "الحبر على ورق"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

"بسبب إعاقتي ترفض المؤسسات التي تواصلت معها توظيفي، ضاربة عرض الحائط القانون 220، المتعلق بالأشخاص المعوقين". بهذه العبارة تستعرض زينب وحود، 34 عامًا، معاناة الأشخاص المعوقين في لبنان.

القانون حبر على ورق
تعيش ابنة بلدة يونين البقاعية مع زوجها المعوّق أيضاً في بيتٍ مستأجر في جديدة الفاكهة. اضطرت إلى إيقاف علاجها الفيزيائي بسبب كلفته رغم حاجتها الماسة إليه. وتشرح لـ"المدن" أنها عانت سنواتٍ طويلة وتحمّلت الظروف القاسية كي تتابع دراستها، وتكلّل تعبها بحمل إجازة في التمريض والمختبر. لكن لم توافق أي مؤسسة على توظيفها بسبب إعاقتها. وهي حالياً، كما تؤكد، لا تستفيد من أي جهة، لا الدولة ولا الأحزاب ولا منظّمات المجتمع المدني. بل تعمل في إحدى الجمعيّات براتبٍ زهيد، لإعالة عائلتها. وتستنكر وجود وزارة للشؤون الاجتماعية يفترض أنها تعنى بشؤونهم بينما لا تستفد منها هذه الفئة المهمشة، ولا تعتمد معايير انسانية في برامجها لصرف المساعدات الإنسانية.

بعد سلسلة تحركات مدنية وحقوقية نفذها الأشخاص المعوقون أقر القانون 220 سنة 2000، وكان بمثابة بشرى سارّة لهذه الفئة المهمشة. فقد كرّس لها الحقوق الوظيفية وتلك المتعلقة بالطبابة والاقتراع والسياسات الدامجة.. الخ. لكن بحسب الناشط الحقوقي فايز عكاشة، رئيس جمعية مؤشرات تنموية المتخصصة بشؤون المعوقين: "الدولة باعتنا وهمًا بوهم. فحتى الآن وبعد 25 عامًا على اقرار القانون لم تصدر مراسيمه التطبيقيَّة من مجلس الوزراء. وهذا يعني أن القانون ما زال حبراً على ورق، أو بالأحرى وعوداً كاذبة".

انجازات الوزير حجار!
معاناة الأشخاص المعوقين لا تقتصر على إهمال أجهزة الدولة، منذ مدة أوقفت وزارة الشؤون الاجتماعية عشرات البطاقات لأشخاص معوقين ومن دون سابق انذار. ويقول عبد السلام الحجيري ( 58عامًا): "أوقفوا لي بطاقة الشؤون بدون أي سبب أو سابق إنذار. هذا حرام ولا يجوز. هل يجب أن أكون غنياً وبكامل صحتي وعافيتي كي يَحقّ لي ببطاقة من وزارة الشؤون". والحجيري مقعد على كرسي متحرك منذ أربعين عاماً، وجد في سيارة الأجرة مهنة له ليعيل عائلته المؤلفة من خمسة أفراد. ويقول: "البطاقة لا تكفي لمعيشة عائلة. لكن البحصة تسند خابية مع أنّ عمل التاكسي في منطقتنا بات خسارة وسخرة".

وزير الشؤون الاجتماعية السابق هيكتور حجار عقد عشرات المؤتمرات الصحافية، واستعرض إنجازاته من خلال أرقام ونِسَب المستفيدين وتعديل البيانات والاستمارات. لكن الأشخاص المعوقين لم يلمسوا إلا المزيد من تدهور أوضاعهم الاجتماعية. ويقول ابن بلدة اللبوة نوّاف جنبلاط (35عاماً): "ما قام به الحجار مجرد حفلات ثرثرة فارغة، واستعراض اعلامي". وجنبلاط مصاب بشلل الأطفال، ويقيم في بيت متواضع مع والدته المسنّة. ويشرح معاناته بالقول: "نكافح لأجل البقاء، أعيش مع أمي بفضل راتب المرحوم والدي التقاعدي وبفضل مساعدة أخوتي. حاولت مرات عدّة الاستفادة من برامج الوزارة مثل كغيري من المعوقين ولم أنجح. فهذه المساعدات شبه محتكرة من المحظيين وأقرباء الموظفين الذين قاموا بتعبئة الاستمارات وفق مصالحهم وأهوائهم وانتماءاتهم الحزبية لا وفق القانون والأخلاق".

إهمال الدولة والقرار الأميركي
مع انهيار الليرة اللبنانيّة جراء الأزمة الاقتصادية تضاعفت معاناة الأشخاص المعوقين، وذلك وسط غيابٍ تام لأيّ مشروع أو رؤية واضحة لدى وزارة الشؤون الاجتماعيّة لمساعدتهم. فكلّ الأدوات والاحتياجات واللوازم الطبّيّة الداعمة باتت مدولرة وأسعارها مرتفعة. أما المستشفيات فأغلبها لا تعترف ببطاقة المعوّق، وتتهرّب من استقبال ذوي الإعاقة لأسباب واهية. وفي ظل غياب دور الدولة المزمن كانت جميعات المجتمع المدني ملجأ لهذه الفئة المهمشة. لكن مؤخراَ، بعد قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب تجميد مساعدات الوكالة الاميركية للتنمية الدولة، تأثرت الجمعيات المدنية أيضاً. فقد الحق هذا القرار ضرراً مباشراً في بعض المشاريع الخاصة بالمعوَّقين، كما أكدت رئيسة الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً سيلفانا اللقيس.

وشرحت اللقيس أن كل منظمات المجتمع المدني الممولّة من وزارة الخارجية الاميركية تضررت والسبب "اعتمادنا في أنشطتنا على الدعم الخارجي الأميركي أو غيره، وليس على خطط وبرامج خاصة بالدولة اللبنانية". وأملت اللقيس من الحكومة "تغيير المقاربة في هذا الملف كي لا يتأثر بالعوامل الخارجية". وتتابع القول إن "الحكومة الجديدة تلقفت مبادرة "الاتحاد" وجمعيات الإعاقة. فأثناء إعداد البيان الوزاري زار وفد من الجمعيات رئيس الحكومة نواف سلام وعرض معه الملف. وكان من تبعات الزيارة أن أوردت الحكومة في البيان الوزاري بنداً خاصاً بالأشخاص المعوقين لناحية تطبيق لبنان الاتفاقيات الدولية ذات الصلّة".

قضيتهم في ظل العهد الجديد
ودعت اللقيس الحكومة إلى اعتماد السياسات الدامجة في المشاريع الهندسية خلال إعادة الاعمار وغيرها من المشاريع الحكومية المقبلة، مبدية ارتياحها لوصول الدكتورة حنين السّيد إلى وزارة الشؤون، لأنها تتوسم بها خيراً بإحقاق حقوق المعوقين وانصافهم. هذا رغم أن قضيتهم تتخطى حدود الوزير، لأن الأمر بحاجة إلى نهج وإرادة من الدولة، وليست مرتبطة بالأشخاص.

مع انطلاقة العهد الجديد، والوعود بدولة حاضنة لكل المواطنين والمناطق، بدءً من خطاب القسم وصولاً للبيان الوزاري، تجدّد الأمل عند الأشخاص المعوقين للتمتع بحقوق كاملةً، والتعامل معهم كغيرهم من اللبنانيين. وفي هذا الإطار أكدت الوزيرة السّيد أنّها ستسعى جاهدة لتنفيذ ما جاء في البيان الوزاري. وشددت على أن الحكومة ستعمل على وضع اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة موضع التنفيذ. وستلتزم الحكومة بأن تكون المشاريع الحكومية والبرامج الرسمية دامجة. كذلك لن تتأخر عن السعي لتحقيق كل ما يفيد المعوقين والفقراء والفئات المهمّشة وأولها العمل على وضع المراسيم التطبيقيّة للقرار 220/2000 موضع التنفيذ.

طارق الحجيري - المدن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا