محليات

إعادة إعمار قرى جنوب لبنان المدمرة.. هل الأمر صعب؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

نشر موقع "العربي الجديد" تقريراً جديداً قال فيه إن مسألة إعادة ترسيم معالم القرى الحدودية في لبنان تطرح تحديات كبيرة أمام الحكومة اللبنانية الجديدة والبلديات واتحادات البلديات المعنية، وعلى نقابة المهندسين والمتخصصين في التنظيم المدني والمساحة والشؤون العقارية، لناحية الحفاظ على حدودها وروحيتها وذاكرتها، وإعادة بنائها بعيداً عن المحاصصة والزبائنية، علماً أن التدمير الشامل طاول أيضاً البلدات غير الحدودية.
وأضاف: "منذ بدء الاشتباكات على الحدود اللبنانية الجنوبية في الثامن من شرين الأول 2023، عمد جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى نسف وتدمير القرى الحدودية بشكل ممنهج على مدى أكثر من عام. ومع توسع العدوان في أيلول 2024، أمعنت القوات الإسرائيلية في تفجير تلك القرى والبلدات، ومسحها عن الخرائط الجغرافية".
 
 وتابع: "كذلك، أطاحت القوات الإسرائيلية بحدود وأبنية وحقول والأملاك العامة والخاصة في تلك البلدات، حتى الكنائس والجوامع والمعالم الأثرية لم تسلم أيضاً". 
يؤكد الباحث في "الشركة الدولية للمعلومات" (شركة دراسات وأبحاث مستقلة) محمد شمس الدين، لـ"العربي الجديد"، أن "الشريط الحدودي مع فلسطين المحتلة من الناقورة غرباً إلى شبعا شرقاً، بطول 120 كيلومتراً، يضم 29 قرية وبلدة، وقد دُمّرت منها 22 بشكل شبه كامل، من بينها ميس الجبل، وعيتا الشعب، وكفركلا، والعديسة، ومركبا، وحولا، ورب الثلاثين".

 وأضاف: "كذلك، بلغ عدد الوحدات السكنية المدمّرة بشكل كامل نحو 22 ألف وحدة، من بينها قصور في بلدات يارون والخيام وميس الجبل، وبالتالي فإن الخسائر جسيمة".
 
 من ناحيته، يوضح منسق "المبادرة الوطنية للتصدي لنتائج العدوان الإسرائيلي على لبنان 2024"، حبيب إبراهيم صادق، لـ"العربي الجديد"، أن "المنطقة الواقعة جنوب الليطاني تعرضت ولا تزال لعملية تدمير شاملة واستئصال للعمران في العديد من القرى والبلدات والمدن، وهي حالة شبيهة بنكبة عام 1948 في فلسطين، واحتلال القوات الإسرائيلية للقرى السبع اللبنانية وتدميرها بشكل كامل".
وأكمل: "الأهداف واضحة تماماً كما حصل في مدينة الخيام خلال اجتياح العام 1978، حيث تم تدمير المدينة وتفريغها من سكانها بعد مجزرة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي. كذلك، فإن الجزء الأكبر من القرى والبلدات الحدودية غير ممسوح عقارياً ولا يمتلك أنظمة بناء، إنما يخضع للمناطق غير المنظمة".
 
ويشير إلى أن "المبادرة الوطنية تجمع الوزارات المعنية ونقابة المهندسين والجامعات، من أجل بلورة رؤى وتصورات واستراتيجيات لإعادة إعمار البلدات والحفاظ على التراث والنسيج العمراني، بما يتناسب مع كل بلدية وواقعها الاجتماعي واقتصادها المحلي وقدراتها. أما عملية إعادة تحديد المساحات وحدود العقارات والأملاك، فتحتاج إلى إعادة مسح عقاري لهذه المناطق وفق خطة البلديات ومهندسي المساحة والفرق المتخصصة، بالتزامن مع عملية إدارية قانونية تقوم على تحديد الملكيات من قبل المخاتير وأصحاب الأملاك، باعتراف الجيران والمجتمع المحلي".
 
وتابع: "إذاً، العملية ليست معقدة ولا تحتاج لأقمار اصطناعية، وقد سبق أن حصلت في المنطقة القديمة لمدينة بنت جبيل التي كانت عقاراً واحداً بعد حرب  تموز 2006، فأعيد مسحها وتحديد العقارات وإصدار الإفادات لكل صاحب بيت من قبل المخاتير. لكن برز حينها الصراع بين الخطة وحاجات المواطنين، وبين تأمين الإيواء والاهتمام بالتراث، فاقتصر نجاح التجربة على نسبة 30% أو أقل. ومن الممكن أن نستلهم اليوم من نماذج سابقة لإعادة إعمار وتأهيل مدن وبلدات تعرضت للدمار".
 
ويرى صادق أن "إعادة الإعمار تشكل فرصة لإعادة تنظيم وترتيب هذه المناطق من خلال خطة تفصيلية لكل بلدة ومرافقها العامة وساحاتها ومراكزها الدينية، وبالتالي تحسين شبكة الطرقات والبنى التحتية والحفاظ على النسيج العمراني المحلي، وتحديد عدد الطوابق وأنظمة البناء والمساحات الخضراء".
 
 وأكمل: "لكن الأهم أن يتم تحقيق المصلحة الفردية ضمن المصلحة العامة والحق العام، وألا تصبح قضية إعادة الإعمار محطة لإعادة نوع من الزبائنية والبناء العشوائي، ما يؤدي إلى فوضى عمرانية".

ويقول إن "الإشكالية اليوم كبيرة لناحية التعقيدات السياسية في البلاد، والتصورات العديدة لإعادة الإعمار المبنية على تجارب سابقة تشوبها الأخطاء، وأخرى مبنية على عقلية زبائنية تتيح المخالفات وتشويه المناطق خارج أي رؤية أو خطة لمستقبل هذا العمران"، وأردف: "الشيء نفسه في التراث، حيث نلحظ العجز البنيوي في المؤسسات المعنية بالتراث العمراني وإعادة تفعيله وإدارته، ناهيك عن القوانين المتخلفة. لذلك، فإن الأولوية هي لتوثيق التراث المدمّر جزئياً أو المتضرر أو الذي لم يطاوله القصف، من خلال الصور والمعلومات والوثائق. وتقع على البلديات مسؤولية توثيق التراث العمراني بكافة تصنيفاته، لأننا لم نوثق 3% من التراث العمراني الحي، كما أن جزءاً كبيراً من التراث الأثري في الجنوب غير مُدرج ضمن لوائح المديرية العامة للآثار".

ويختم صادق حديثه قائلاً إنه "يحق للبلدية أن تحدد منطقة تتمتع بنظام خاص، باعتبارها منطقة تراثية من حيث نسيجها الاجتماعي، يُضاف إليها النسيج العمراني التراثي والأحياء القديمة ومراكز البلدات وأنماطها وحاراتها وزواريبها وأزقتها وساحاتها وبِركها وأقنيتها ومساجدها وكنائسها ضمن نسيج متكامل".
 
 وتابع: "من المهم إعادة تشييد وتأهيل القرى المدمرة بالكامل ضمن حجمها ونمطها وعلاقة الساحات والحارات مع الحدائق والمساحات الخضراء، بما يحافظ على ذاكرة المكان بتراكمه الزمني، ويرفع مستوى الحياة ويعزز شبكة الخدمات ويدفع نحو الاستثمار بالاقتصادات المحلية. المسألة ليست مجرد إعادة إعمار وتأهيل بطريقة تؤدي إلى تشويه المكان، إنما عملية متكاملة للتراث العمراني بناسه وعاداتهم وتقاليدهم وإنتاجهم ومصادر رزقهم، التي تعيد رسم حكاية الأمكنة، باعتبارها مكوّناً أساسيّاً في موطئ القدم الوجودي لهؤلاء الأشخاص. فالنسيج العمراني والتراثي كان حاضناً لنسيج اجتماعي حقيقي ولحياة واقتصاد وذاكرة".

المصدر - (العربي الجديد)
 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا