زحمة رسائل بين أميركا وإيران فماذا عن تلك التي وُجِّهَت لترامب تحت عنوان "بلِّط البحر"؟...
هل باتت إيران واثقة تماماً من أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لن يُصدِر أوامر بمهاجمتها أبداً، لا للجيش الأميركي، ولا للجيش الإسرائيلي؟ وماذا في خلفية النّبرة مرتفعة السّقف على لسان رئيسها مسعود بزشكيان، الذي مُرِّرَت معه رسالة اذهب و"بلّط البحر"، موجَّهَة لترامب.
رسائل...
فبزشكيان توجّه للرئيس الأميركي بالقول لن أتفاوض معك، وافعل ما تريده. وهي رسالة "بلّط البحر"، أُريدَ توجيهها من خلاله، لعلم الجميع بأن نتائج ذلك ستكون مختلفة عمّا لو وجّهها المرشد الإيراني علي خامنئي، الذي هو الحاكم الفعلي لإيران. هذا فضلاً عن أن حديث بزشكيان عن عدم التفاوض أتى على وقع ما كشفه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، عن أن هناك دولة عربية من المُفتَرَض أن تسلّم طهران "قريباً" رسالة من ترامب بشأن التفاوض على ملفّها النووي، وذلك رغم أن الرئيس الأميركي كان أعلن الأسبوع الفائت، عن أنه أرسل رسالة الى طهران للتفاوض.
محادثات ثلاثية
أمر آخر أيضاً، وهو أن التشدّد الإيراني البارز على لسان بزشكيان، يتزامن مع استضافة الصين لروسيا وإيران بعد يومين، في إطار محادثات ثلاثية تبحث القضية النووية الإيرانية، وذلك على وقع تأكيد إيراني بأن طهران ستعقد محادثات مع بكين وموسكو خلال الأسبوع الجاري، لبحث برنامجها النووي، ورفع العقوبات المفروضة عليها.
المفاوضات...
أوضح مدير "المركز الجيوسياسي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا" نوفل ضو أن "إيران تتحدث عن شيء وتقوم بشيء آخر. فهي من جهة تقول إنها ترفض التفاوض، بينما تؤكد مشاركتها بمفاوضات مع روسيا والصين حول ملفها النووي، من جهة أخرى. ومن هنا، ليس مُستبعداً أن يكون ترامب متفاهماً مع (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين على ممارسة ضغوط على طهران، وأن تكون هذه المفاوضات بمثابة مخرج مُشابِه للمفاوضات التي تحصل بخصوص أوكرانيا".
وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "الكلام الإيراني المُعلَن قد لا يعبّر عن الواقع دائماً. وبالتالي، من الممكن جداً أن تكون تلك المفاوضات جارية الآن. وما يقوله ترامب وتريده الإدارة الأميركية، يتحقّق تباعاً، حتى بالملف الأوكراني. فقبل أيام، كان ترامب يتحدّث عن رفضه استقبال (الرئيس الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي بشكل محسوم. وأما بعد المفاوضات في جدة أمس، أعلن الرئيس الأميركي عن أن زيلينسكي سيكون موضع ترحيب في "البيت الأبيض".
وأضاف:"نحن نمرّ الآن بمرحلة ضغوط، كما بمرحلة إنكار مُعلَن، تحاول إيران وأذرعها في المنطقة أن تُقنع الرأي العام به. وأما الواقع، فيُشير الى مفاوضات جارية، وما لن يتحقّق بالتفاوض سيتحقّق بطريقة أخرى".
مشروع غير عسكري
وعن الاحتمالات المرتبطة بالمستقبل، اعتبر ضو أنه "ما عادت توجد أنظمة قادرة على أن تتمدّد في العالم وفق قواعد إيديولوجية. كما باتت إيران بحاجة الى وقت طويل حتى تستعيد مواقع تفاعلها ونفوذها في العالم، وفي المنطقة تحديداً، وفق قواعد غير إيديولوجية، هذا إذا بدأت بالعمل على ذلك منذ الآن".
وأكد أن "ليس بالضرورة أن تجنح الأمور باتّجاه معركة عسكرية. ولكن عملية إخضاع إيران أو برنامجها النووي للشروط الأميركية تبدو في المسار الذي رسمته الولايات المتحدة الأميركية، لا سيّما بعدما ظهر بوضوح خلال الحرب الأخيرة أن الصواريخ ليست شيئاً بالمفهوم التكنولوجي الحديث، وليس لديها أي مفاعيل مؤثّرة على أرض الواقع، وذلك رغم تريليونات الدولارات التي كلّفتها للاقتصاد الإيراني على مدى العقود الأربعة الماضية".
وختم:"إذا رغبت إيران بأن تلعب دوراً إقليمياً جديداً، فعليها أن تفعل ذلك من خلال مشروع، ما عاد بإمكانه أن يكون عسكرياً. فالدول العربية سبقتها كثيراً، من خلال الرؤى والمشاريع الاقتصادية التي لديها، سواء في المملكة العربية السعودية أو قطر أو دولة الإمارات العربية المتحدة أو البحرين أو سلطنة عمان، وصولاً الى الكويت. ومشاريع التنمية والقوة الناعمة ستُصبح هي الحاسمة خلال السنوات القادمة، فيما إيران بعيدة جداً من هذا الواقع حالياً، وهي تحتاج الى وقت طويل قبل أن تتمكّن من الإقلاع مجدداً. هي (إيران) لديها مقوّمات وقدرات، ولكن المهمّ هو أن تتحرّر من الإيديولوجيا الدينية التي تحكمها، لتتمكّن من إطلاق رؤية واستخدام طاقاتها في التعاطي مع دول المنطقة اقتصادياً وسياسياً وثقافياً".
أنطون الفتى - "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|