"انتهى شهر العسل"؟.. كيف تنظر واشنطن إلى "مجازر" الساحل؟
هل انتهت المرحلة الانتقالية نحو الديمقراطية في سوريا بمجزرة؟ وهل وقع أحمد الشرع في فخ انتقام طائفي أم في "محاولة انقلاب" نصبها "فلول نظام الأسد" بدعم إيراني؟
أسئلة عدة تطارد رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع بعد أحداث الساحل، منها: هل عاد أحمد الشرع إلى ثوبه الجهادي وغطّى مجزرةً قام بها من كان يُقاتل في صفوفهم حتى الأمس القريب؟ ومن هي "العناصر غير المنضبطة" التي تحدث عنها الشرع؟ ولماذا أمر بإرسال نحو نصف مليون مقاتل إلى الساحل السوري على مرأى العالم ومسمعه؟
مهما يكن من أمر، فإن مسؤولية النظام الحاكم في سوريا كشف ومحاسبة المسؤولين عن المذابح الطائفية التي حدثت مؤخراً في الساحل السوري. ولحماية الأقليات السورية، على الدول العربية والمجتمع الدولي مسؤولية الضغط لكشف ملابسات هذه المجازر ضماناً لعدم تكرارها، حسب محللين.
شبكة حماية قانونية دولية للأقليات في سوريا؟
هل توفر إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب شبكة حماية قانونية دولية للأقليات في سوريا خلال هذه المرحلة الانتقالية، بعد أن أدان وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو المجازر وحدد منفذيها دون مواربة، ورفعت واشنطن الموضوع إلى مجلس الأمن الدولي؟
وقال روبيو: "تدين الولايات المتحدة الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين، بما في ذلك الجهاديين الأجانب، الذين قَتلوا الناس مؤخراً في غرب سوريا. وتقف الولايات المتحدة إلى جانب الأقليات الدينية والعرقية في سوريا، بما في ذلك المجتمعات المسيحية والدرزية والعلوية والأكراد، وتقدم تعازيها للضحايا وأسرهم. ويتعين على السلطات المؤقتة في سوريا محاسبة مرتكبي هذه المجازر ضد الأقليات في سوريا."
وتطالب السناتور الديمقراطية جين شاهين السلطات السورية بـ"التحقيق في ما حدث، وتقديم المسؤولين عن قتل المدنيين إلى العدالة. لأن الشعب السوري لم يقم بإسقاط نظام الأسد الوحشي ليجد نفسه مجددا في ظل قمعٍ وعنفٍ أكبر".
من جهتها، تشير صحيفة واشنطن بوست إلى أن المجزرة في الساحل السوري "تثير تساؤلات خطيرة بشأن ما إذا كان أحمد الشرع راغباً أو قادراً على كبح جماح مجموعة واسعة من الفصائل المسلحة التي لا تزال تعمل في جميع أنحاء البلاد". فكيف يمكن للرئيس ترامب أن يُعالج هذه المسألة بشكل جذري لمنع تكرار المذابح ضد الأقليات في سوريا؟
أيُّ سياسة أميركية تجاه سوريا ما بعد الأسد؟
الممثل الأميركي الخاص السابق لشؤون سوريا، جيمس جيفري، قال لبرنامج عاصمة القرار على قناة الحرّة: "على الولايات المتحدة أن تتبنى سياسةً أكثر وضوحاً وفعالية تجاه سوريا. هناك العديد من المشاكل مع حكومة دمشق الجديدة برئاسة الرئيس الشرع. ومع ذلك، فقد اتخذ( الشرع) خطواتٍ إيجابيةً عديدة. والأهم من ذلك، أنه الشخص الوحيد القادر على حكم سوريا حالياً؛ والشرع عازمٌ تماماً على إبعاد إيران. وهذا هو الشاغل الأمني الأكبر لنا في دول جوار سوريا، بما فيها إسرائيل والأردن وتركيا وغيرها."
وأضاف جيفري: "لذا، أرى أننا بحاجة إلى ربط خطواتنا المستقبلية، بما في ذلك الإعفاءات أو رفع العقوبات المحتمل وتوثيق العلاقات، بخطوات نحو مزيد من دمج الأقليات، بالإضافة إلى التحقيق في عمليات القتل حول اللاذقية. والأهم من ذلك، استبعاد أيٍّ من هؤلاء الأجانب ذوي الخلفيات الإرهابية من رعاية الحكومة السورية".
ويقول جوشوا لانديس، مدير قسم الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما: "تريد الولايات المتحدة الاستقرار في سوريا. كما تريد حماية شركائها الأكراد. وتريد واشنطن أيضاً ضمان عدم تمدد داعش في المنطقة. وألا يُطلق سراح سجناء داعش فيعودوا إلى التآمر ضد السوريين والمجتمع الدولي".
لذا، يُضيف لانديس، فإن "الحفاظ على علاقات جيدة مع كل من النظام والأكراد، أمرٌ بالغ الأهمية للولايات المتحدة، التي ترغب في ذلك. كما ستحرص الولايات المتحدة على ألا تُرهِب الحكومة الجديدة الشعب السوري، وأنها ستفي بوعودها، بإشراك جميع أطياف الشعب السوري في صياغة دستورٍ يتضمن انتخاباتٍ حرةً خلال أربع سنوات".
انتهاء "شهر العسل الانتقالي" في سوريا؟
يحذر الباحث في معهد واشنطن آرون زيلن من "انتهاء شهر العسل الانتقالي في سوريا بعد المجازر والتضليل الذي تمارسه السلطة الانتقالية حول المجازر ضد المواطنين العلويين".
ويضيف: "إن سلوك لجنة تقصي الحقائق في سوريا سوف يؤدي إما إلى بناء شرعية الحكومة الجديدة أو تدميرها، وكذلك احتمالات انتقال مستقر للسلطة".
وهذا ما يحتم على واشنطن بعض السياسات تجاه أحمد الشرع وفريقه: "ربما يكون من الضروري تأجيل رفع العقوبات الأميركية إلى حين التحقق بشكل ملموس من التقدم في تحقيق انتقال ديمقراطي سلمي في سوريا. وهذا يعني تعزيز الاستقرار والعدالة الانتقالية والحكم الشامل للسوريين جميعاً، مع خدمة المصلحة الأميركية العليا المتمثلة في مواجهة إيران ووكلائها. كما أن واشنطن تحتاج إلى إجراء مناقشات صعبة مع حلفائها في أنقرة والقدس، حول تضارب مصالحهما في سوريا، وحول ضرورة ضبط تدخلهما" في الشأن السوري.
بين أحمد الشرع و"الشيطان الذي نعرفه" !
إن "أحمد الشرع جهادي منذ فترة طويلة" يقول سيبستيان غوركا، مساعد الرئيس ترامب، لقناة الحرة. "فهل أصلح نفسه؟ هل هو رجل أفضل الآن؟ هل هو شخص يؤمن بالحكومة التمثيلية؟ اسأل المسيحيين. اسأل العلويين في المنطقة واسأل أي أحد عانى على يديّ أحمد الشرع الجهادي. لم أجد أبدا قائدا جهاديا أصبح ديمقراطيا أو آمن بالحكومة" التمثيلية.
لكن "لا يمكن إغفال أن سوريا كانت حاضنة للإرهاب في ظل حكم نظام الأسد" برأي ديفيد شنكر، الذي يضيف : "مثلما يفرض تواجد الشرع وهيئة تحرير الشام في السلطة تحديات، فإنه يمثل كذلك فرصا للولايات المتحدة؛ فسوريا لم تعد تشكل تهديدا عسكريا لجيرانها. كما أن دمشق اختارت ألا تجدد استئجار روسيا للقاعدة البحرية في طرطوس، ما يحد من الانتشار الروسي في البحر المتوسط. كما أن سوريا الجديدة ليس لها مصلحة في إدامة العلاقة الاستراتيجية مع طهران ووكلائها الإقليميين. ولم يعد بإمكان إيران تسليح حزب الله عن طريق الأراضي السورية."
وأضاف: "نهاية نظام الأسد كانت تطورا إيجابيا للولايات المتحدة وشركائها في المنطقة. الشيطان الذي نعرفه كان سيئا لمصالح الولايات المتحدة لدرجة أنه حتى الشرع يمكن أن يكون خيارا أفضل". حسب تعبير ديفيد شنكر، مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى خلال ولاية ترامب الأولى.
بدايات نظام فدرالي في سوريا؟
من ناحية أخرى، كيف يرى خبراء "عاصمة القرار" التوافقات الأخيرة بين الحكومة السورية المؤقتة والأكراد والدروز ودور الجيش الأميركي في تسهيل الاتفاق بين الشرع وقسد؟.
"توفر هاتان الاتفاقيتان لهذه المناطق درجة من الحكم الذاتي لم نكن نعتقد أنها ستتمكن من الحصول عليها. لقد وافق الرئيس السوري الجديد على ما يبدو أنه بدايات نظام فيدرالي في الدستور الجديد. مما يعني وفقًا لكل من الأكراد والدروز درجة من الحكم الذاتي" كما يقول الباحث الأميركي جوشوا لانديس.
هذه الاتفاقات هي "خطوات في الاتجاه الصحيح" برأي السفير جيمس جيفري، الذي يطالب "المجتمع الدولي والدول العربية والأوروبية والأمم المتحدة ومنظمات، بالعمل مع حكومة دمشق على تعزيز استقرار الوضع في سوريا وبالتالي في المنطقة بأسرها واحتواء إيران".
فرضت المجزرة ضد العلويين في سوريا تحديات جديدة على السلطة السورية المؤقتة وعلى داعميها لمنع انحراف المرحلة الانتقالية إلى فوضى وحرب طائفية قد تؤدي إلى تقسيم بلد منهك بالحروب. فهل ينجح التعاون الأميركي الروسي بشأن سوريا في حماية البلد وتنوعه العرقي والديني؟
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|